تركيا.. ما أسباب تعاظم دور صوت القوميين في انتخابات الرئاسة؟
ورغم كونه مشتتا بين عدة أحزاب وحركات سياسية، لكن نتائج الانتخابات التركية البرلمانية والرئاسية في جولتها الأولى التي جرت في 14 مايو الجاري، كشفت التيار القومي التركي بات مؤثرا، بحكم الصعود اللافت لأصوات قواه والتي وللمفارقة توزعت على التحالفين المتنافسين الرئيسيين، وتحالف ثالث خاص بهم.
تحالف الجمهور بقيادة حزب العدالة والتنمية الحاكم والذي يضم في صفوفه حزبي الحركة القومية الذي يقوده دولت بهجلي، الذي حصد 50 مقعدا بنسبة 10 في المئة، وحزب الاتحاد الكبير الذي حصل على أقل من 1 في المئة أي دون مقاعد.
حزب الجيد أو الخير الذي تقوده ميرال أكشنار، والذي حصد 43 مقعدا في البرلمان بنسبة نحو 9.7 في المئة، ينضوي تحت لواء تحالف الأمة المعارض، الذي يقوده حزب الشعب الجمهوري بقيادة المرشح الرئاسي كمال كليجدار أوغلو.
حزب النصر والذي حصل على نسبة 2.25 تقريبا وهو ما لا يخوله لكسب مقاعد، وينضوي ضمن تحالف الأجداد اليميني، الذي يقوده سنان أوغان والذي هو بمثابة تجمع القوميين خارج التحالفين الكبيرين.
وهكذا تكون الحصة الإجمالية من مقاعد البرلمان للتيار القومي، قد بلغت نحو 23 في المئة أي قرابة ربع أصوات الناخبين، بواقع 93 مقعدا في البرلمان من أصل 600 مقعد أي بنسبة 15.5 من التشكيلة البرلمانية.
أوغان يحسم الجدل
المرشح اليميني القومي سنان أوغان حصل على نسبة تفوق 5 في المئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية، بواقع أكثر 5 ملايين صوت، والذي عبر إعلانه عن دعمه لأردوغان، يكون قد حسم الجدل حول موقفه من جولة الإعادة يوم 28 مايو الجاري، مرجحا بذلك كفة أردوغان ومصعبا المهمة أمام مرشح المعارضة كليجدار أوغلو.
ويرى مراقبون أن من أبرز ملامح الانتخابات التركية هذه، بروز الصوت القومي وتمكنه من لعب دور “صانع الملوك”، وهو ما قد يقود مستقبلا لوصول هذا التيار لقمة الهرم السياسي.
محللون آخرون حذروا من أن ذلك سيقود لتعميق مشكلات تركيا الداخلية والخارجية، في وقت هي أحوج فيه لتذليلها لمواجهة التحديات والأزمات التي تواجهها البلاد، وأبرزها الأزمة الاقتصادية التي تقض مضاجع الأتراك.
كيف انتعش الصوت القومي؟
يقول الكاتب والباحث السياسي أزاد إيراهيم، في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”:
- في ظل تصاعد الأزمات الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية والاستقطابات السياسية الحادة كما هو الحال في تركيا، فإن القوى القومية واليمينية عامة تنتعش، وتحاول تقديم نفسها كبديل وكمخلص، ملقية باللوم على الأقليات والمهاجرين والمندسين وتدخلات الخارج في تدهور أوضاع البلاد.
- نحن أمام صعود لا يقتصر على تركيا فقط، فالقوى اليمينية والقومية تنتعش في غالبية الدول الأوروبية كما نلاحظ، على وقع الأزمات الاقتصادية والسياسية المتلاحقة منذ جائحة كورونا والتي تعقدت مع حرب أوكرانيا.
- التيارات القومية في تركيا تعتاش على وجه الخصوص على مسألة مجابهة الأكراد، وتحاول استثارة عواطف الناس وهواجسها من تقسيم البلاد، وهو وتر تجيد العزف عليه وهذه الانتخابات ليست استثناء، فحصاد هذا التيار أقل بقليل من 25 في المئة من الأصوات، علامة على أنه تيار متنام ومن يدري قد ترتفع نسبة تمثيله أكثر خلال السنوات القادمة.
بدوره يقول الباحث والخبير بالشؤون التركية جمال أريز، في لقاء مع موقع “سكاي نيوز عربية”:
- صعود التيار القومي في الانتخابات الأخيرة ليس مفاجئا ولا جديدا تماما، بالنظر إلى أن أكبر أحزاب هذا التيار وهو حزب الحركة القومية ومنذ سنوات هو أحد طرفي الائتلاف الحاكم بجانب حزب العدالة والتنمية، لكن الجديد أنه مع تقرر جولة الإعادة لانتخابات رئاسة الجمهورية فإن الصوت القومي يلعب دورا مرجحا خاصة وأننا نتحدث عن أكثر من 5 ملايين صوت حصل عليها المرشح الثالث أوغان، مرشح القوميين.
- لهذا نرى كيف أن كلا من أردوغان وكليجدار أوغلو سعيا للتقرب من هذه التيارات القومية واستمالتها، لكن مع إعلان أوغان دعمه لأردوغان في الجولة الثانية، فإن حظوظ الرئيس التركي الحالي باتت أقوى من حظوظ منافسه.
- بحسب نتائج الجولة الأولى يتقدم أردوغان بأكثر من 4 نقاط على كليجدار أوغلو، وهكذا مع إضافة النقاط الخمس الأخرى التي حصدها المرشح أوغان لكتلة المصوتين لأردوغان، فإن الفارق يصبح نحو 9 نقاط.
- مع ذلك ينبغي عدم إغفال حدوث مفاجآت، حيث قد تحشد المعارضة مع قرار أوغان بشكل أكبر وأكثر تنظيما، كونها الآن أمام معركة صعبة للغاية وعليها استنفار كافة جهودها وطاقاتها، فهي باتت الأضعف حظوظا ويبقى لصناديق الاقتراع الكلمة الفصل.