مستحاثات تعيد أصل ونشأة “الجنس البشري المعاصر” إلى القارة الإفريقية
كشفت دراسة حديثة أنجزها عدد من الباحثين في علوم الآثار عن ظهور أقدم رفات معروف للإنسان، الذي اكتشف في جبل إيغود الواقع بين مراكش وساحل المحيط الأطلسي في المغرب، أن الجنس البشري المعاصر “الإنسان العاقل” نشأ في أفريقيا قبل أكثر من 300 ألف عام.
وأضافت الدراسة أن “عامل ندرة رفات الإنسان الذي عاش في مراحل مبكرة من التاريخ وتناثره في مساحات جغرافية متباعدة في أفريقيا مثل إثيوبيا وجنوب أفريقيا، جعل من الصعب تكوين صورة كاملة عن كيفية نشوء الجنس البشري وانتشاره في أنحاء القارة قبل انتقاله إلى مختلف أرجاء العالم”.
وخلص البحث إلى أن “عدة مجموعات من أسلاف البشر من أنحاء إفريقيا أسهمت في ظهور الإنسان المعاصر، إذ هاجرت من منطقة إلى أخرى لتختلط مع بعضها بعض على مدى مئات الأعوام، بالإضافة إلى أن جميع البشر ممن هم على قيد الحياة حاليا يمكن إرجاع جذورهم إلى مجموعتين سكانيتين كانتا تعيشان في أفريقيا قبل مليون عام”.
وقالت الدراسة إنه “بسبب شح رفات أسلافنا، اتجه الباحثون إلى جمع بيانات الجينوم من أشخاص على قيد الحياة للعثور على أدلة تعود إلى الحقب الماضية”، مضيفة أنهم “قاموا بفحص بيانات وراثية لـ 290 شخصا، أغلبهم من أربعة شعوب أفريقية تتنوع جغرافيا ووراثيا، لتتبع التشابهات والاختلافات بين المجموعات واكتشاف الروابط الوراثية على مدى مئات آلاف الأعوام”.
وتابعت الدراسة بأن “هؤلاء الأشخاص الذين أجريت عليهم الدراسة انقسموا إلى 85 شخصا ينحدرون من مجموعة بغرب أفريقيا اسمها ميندي من دولة سيراليون، و44 من مجموعة ناما خوي–سان من جنوب القارة، و46 من جماعتي أمهرة واورومو الإثيوبيتين، و23 من مجموعة جوموز بإثيوبيا أيضا، وفحصت بيانات 91 أوروبيا لتحديد الأثر الذي حدث في حقبة ما بعد الاستعمار، ومن إنسان نياندرتال، وهو نوع منقرض من البشر تركز وجوده في أوروبا منذ ما يقارب 40 ألف عام مضت”.
وفي تصريح لهسبريس: قال عالم الآثار عبد الواحد بنصر إن “الفرضية التي تقول إن أصل الإنسان العاقل إفريقي، هي فرضية قوية”، وزاد: “غياب الحمض النووي الأحفوري في أفريقيا لمدة تزيد عن 20 ألف سنة يجعل أي تفسير جيني مرتبط بالهجرات القديمة للإنسان العاقل مشكوكا فيه”.
وأضاف بنصر أن “أول خروج للإنسان العاقل من أفريقيا كان حوالي 200 ألف سنة ذهابا وإيابا بصفة متتالية لآلاف السنين بين القارتين الإفريقية والآسيوية ثم بين القارتين الإفريقية والأوروبية، كما كانت هناك هجرات بين-إفريقية؛ أي داخل إفريقيا ذاتها”.
وتابع المدير السابق لمدرسة علوم الآثار والتراث بالرباط بأن “هذه الفكرة الأخيرة التي دل عليها علم المستحاثات تسائل الفرضية التي تقول إن أول تغير في الساكنة الحالية قد تم بين 120 ألف سنة و135 ألف سنة”.