حراك الأدب الرقمي | صحيفة مكة

أصدقكم القول في هذه اللفتة الأدبية، فإن سيادة الثورة التقنية لا تعني اندثار مستقبل الكتاب التقليدي، وشيوع الأجهزة اللوحية والمنصات الرقمية التي تجعل من الكتب متوفرة ومتاحة وسهلة الاقتناء طوال الوقت، لا تُرسخ زوال ما بوسع الأمم أن تنهض وترقى به.
بالأصح فإن توفر خيارات أخرى عدة منه هو ما يمنح متسعا أكبر لنفوذ الثقافة والأدب وسطوة الكتب التي تفتح آفاقا فكرية ومستقبلية دون حدود، وتزيد من رحابة دخلها، وتعزيز اقتصادها ومكانتها على الصعيد المحلي والعالمي، التي لوقعها أثر مستمر لأجيال عدة، ومنافع متوارثة ومتتالية. كما أن المفاضلات في كلا النوعين هي شبه خاذلة، فلكل منهما إيجابيات وسلبيات تتفاوت في ظل رغبات القراء الشخصية وذائقاتهم المتباينة.
كما يعتمد اعتمادا كليا على الأسلوب المفضل للقراءة الذي يرتاده كل منهم، وقد يكون قارئا واحدا عينه يفضلهما ككل، وفقا لظروف المكان والزمان، وتوافر الجهاز المحمول أو عدمه.
إلى جانب كثير من الخصائص التي تشتمل على سلاسة توزيع الكتب ونشرها وتأليفها الكترونيا، فإن ثمة مميزات بارزة وعيوب قد تشكل عوائق من نوع ما، وتتجسد على صورة عناصر عدة، قد لا تشكل ضررا على القارئ وإنما على المؤلف، أو حتى لا تشكل ضررا بالغا على المؤلف، وإنما على منصة النشر ذاتها، وقد يكون العكس تماما.
وما بين محبين ومعارضين، ومميزات وعيوب، فإن الحراك الرقمي يأخذ منحنى مرتفعا، ويثبت نفسه بجدارة في زمن التقنية والإنترنت. والحضارة التقنية لا تعني بالترسيخ وجوب ترك الموروث أو الانسلاخ عن عادات محببة، كما هو الأمر للقراء الذين اعتادوا على القراءة التقليدية، والتي يروها أشمل نفعا وأعم أثرا، فإن القيمة المعرفية لا تتجسد في كون الكتاب رقميا أم مطبوعا، وإنما في فحواه، وكم الفوائد والعبر الذي ترجى منه.
ولطالما كانت طريقة القراءة طريقة تفاعلية وصحية، فإن هذا من شأنه أن يخلق قيمة أدبية كبيرة، بوسعها أن تمنح المكاسب الفكرية والثقافية الجمة، إذ تكمن العبرة في ذلك، وليس في طريقة التوزيع التي قد تكون محض ثورة موقتة أو رائجة، ولا تضمن استمراريتها لوقت طويل، ويتمثل ذلك في قوة الحراك الأدبي الرقمي الذي شهدناه في الآونة الأخيرة، والذي يركز بدوره على نشر الكفاءات الأدبية، وتعزيز دورها الاجتماعي والفردي. كما هي الجودة الفكرية التي تتناولها الصفحات، بصرف النظر أكانت الكترونية أم مطبوعة.
@_sh9009