آخر خبر

أبشع مما ستقوله قارئة الفنجان


لعل عالمنا اليوم أحوج لقارئة فنجان، مع تصديق تبصيرها، والذي يتبع رؤية العقل ومسار المنطق وسط تراكم الأخطاء والأطماع المنذرة بتحقق قمم الكوارث، التي تعجز فناجيننا عن تخيل أهوالها.

العالم حولنا بركان ثائر، بكوارث وثورات ما يحاك فيه، وما يتفجر، وما سيطلق من حمم النوايا الملتهبة تكتسح سلام كرتنا الأرضية، ولا ندري هل ستبرد قشرتها بعدها، وتعود تربة غنية واعدة بأعشاب وزهور تتفتح أو أننا أمام حرق معدني جذري يحتاج مئات السنين قبل العودة بردا وسلاما على قلائل ممن سيتبقون من البشر.

الدول العظمى بلغت حد نهايات التحدي الغبي، وبأطماع تثبيت الأهمية والأولوية لأمريكا ودول أوروبا، والتي تعرف أن روسيا والصين، وكوريا الشمالية تتقدم على سلالم الهيمنة بصور جلية.

الخوف من فقد المراكز الأولى يعاظم مخاوف الدول العظمى، ويدفعها لخلق الأجواء المشحونة، واستفزاز كل من يفكر أن يتقدم للصفوف الأولى.

الدول العظمى تحاول أيضا سد فراغات التقدم التقني والاقتصادي والتسليح، وأن تباعد بين شاغلي الكراسي الموسيقية، فتدخل بينهم اليابان، والهند، وكندا، وربما أستراليا، لتحطيم أي نوايا منافسة ممكنة من الصين وكوريا الشمالية وروسيا.

الدول العظمى صنعت أعداء وهميين، وجمعت أصدقاء فرحين، لتعطيل مسار وحركات ونوايا القادمين، والأمر هنا مخيف يلتهم الموارد، ويختلق الحروب، بين دول تمتلك الأسلحة النووية، ومن السهل الضغط على أي منها لتتهور، وبإدراك أن مجرد قنبلة نووية من الأنواع الحديثة ستحدث خرابا وموتا أكثر بمئات المرات عما حدث في كارثة هيروشيما قبل ثمانية عقود.

الدول العظمى تتآمر وتشجع وتحرض، ولكنها لا تحارب بنفسها، ودوما تجد من يحارب نيابة عنها، ومن يتدخل، ومن يعلن وينفي، ومن يقطع إمداد، ويفجر أنبوب، ويجند مرتزقة، والهدف يظل واحدا، وهو منع إعادة ترتيب الصفوف الأولى، ونبذ كل قوي يهدد بالجلوس في مكان لا يخصه، «حسب مرئياتهم»، ومهما امتلك من القوة، والتقنية والاقتصاد، وخفاء تقدم المكنون كما في

الصين.

الكرة الأرضية موعودة بكوارث قادمة ما حقة، وفناجين تعترك خطوط القهوة فيها، لتصبح نذير الموت لكرتنا الأرضية، ومزيدا من مجاعات وأمراض، وفوضى، وتجسس، وانعدام أمن، وضياع طاسة العدالة.

المعضلة العظمى أن كبيرهم، الذي علمهم قراءة الفنجان، لم يعد يدرك أن الأيام تتبدل، وأن لكل مجتهد نصيبا، وأن التفكك الداخلي، لا يمكن أن يعطي نفس السطوة القديمة، لأساطيل كانت تحكم العالم، قبل أن تنكمش في خيباتها، وتتحطم عقيدتها بين نظريات حقوق ومساواة وأقليات وشذوذ.

قيادة العالم تحتاج إلى ما هو أكثر وأبعد بكثير، وتحتاج لمصافحة الأقوياء، وتجنب كسر الأذرع، في استعراض شكلي للقوى.

أصوات إنذار عوالم البشرية البائسة، المرتعبة مما يحدث، تجعل الفناجين تتكسر، وعظيم الغدر يظهر، مهما كان الحب على الجميع مكتوب، وكان الأمل مرصودا وسط قلعة محروسة، من يدنو من سور حديقتها من حاول فك ضفائرها مفقود، يا ولدي.

الشهور القادمة أخطر ما سيمر على البشرية، ولولا بصيص أمل بالعقلاء، والمتصالحين مع عقولهم وقلوبهم، ومن يرعون السلام، ويهتمون بسعادة الإنسان في كل بقاع الأرض، لفقدنا كل ركوة قهوة وفنجان، ولتبعنا كل قارئة نحس، وودعنا كل حب وأمل على وجه الأرض، كفانا الله وإياكم مما يسكب في فناجين قهوتنا.

[email protected]



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى