أخبار العالم

هل يتخلى رئيس الحكومة عن الهدوء المعتاد في التعامل مع انتقادات المعارضة؟



قدمت جلسة الأسئلة الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة، قبل أيام، صورة غير معتادة للمغاربة عن رئيس حكومتهم عزيز أخنوش، الذي يبدو أن جلوسه على كرسي قيادة الحكومة بدأ ينال من طباعه الهادئة، إذ قلب الطاولة ورد بشكل عنيف على انتقادات المعارضة الكبيرة لأداء الحكومة وتدبيرها لأزمة الغلاء واتهامها بالفشل في تحقيق الأمن الغذائي للمغاربة.

وبدا لافتا في رد رئيس الحكومة على مداخلات نواب المعارضة النبرة الحادة غير المعهودة في الكلام التي لجأ إليها من أجل التعبير عن نفسه، والدفاع عن العمل الحكومي أمام انتقادات المعارضة.

خطاب المواجهة

قال أخنوش مخاطبا خصومه: “واجهنا بكثير من الحزم التمييع والنقاش المبتذل والشعبوية وممارسة المعارضة بأسلوب يسيء إلى مكتسبات بلادنا”، وهي عبارات تلخص كل شيء، وتبين أن رئيس الحكومة في جعبته شيء من قاموس الصراع والتنابز الذي يمثل البرلمان إحدى ساحاته الشهيرة في المغرب.

وبلغت حدة كلام أخنوش ذروتها عندما خاطب محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، في الجلسة ذاتها، بالقول: “سي أوزين واش عارف بأنك جيتي من بعد سي العنصر وبأنك عندك حزب كبير قدو قداش. راه مسؤولية كبيرة، وباش تاخذ بحال هاد الكلام لتهييج المواطنين، أنا نقولك بازْ”، قبل أن يردف: “أنا عندي مسؤولية في الحزب وعارف أش كنقول”.

وتابع أخنوش: “لا جدوى من نقاش مؤسساتي إذا تحول إلى نقاش شعبوي غايته تبخيس المنجز وتحوير النقاش لتحقيق أهداف ضيقة”، في انتقاد واضح منه للمعارضة التي لم تكن رحيمة به وبحكومته، بعدما صبت عليها جام غضبها وحملتها مسؤولية الأوضاع المتراجعة في البلاد.

حضور الاستفزاز

في قراءته لهذا الخطاب والنبرة الجديدة لرئيس الحكومة، قال المحلل السياسي عبد الرحيم العلام إن الأمر “ليس جديدا على أخنوش، لأن الرجل كان عنده دائما هذا النزوع ويدخل في المركوتينغ السياسي”.

وأضاف العلام، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن مستشاري رئيس الحكومة يوجهونه دائما نحو الحفاظ على هدوئه، ويحاول هو ما أمكن ألا يفقد السيطرة، لافتا إلى أن السبب الذي جعل رئيس الحكومة يرد بتلك الطريقة، هو “الاستفزازات التي تعرض لها”.

وبيّن المحلل السياسي ذاته أن “شكل الصلاة بجوار الملك التي ظهر عليها أخنوش وتعرضه لهجومات بسببها، وانتقادات من المعارضة والمجتمع، التي كانت أحيانا شخصية، جعلته لا يقاوم النزوع نحو المواجهة والدفاع عن الذات، الأمر الذي لم يكن ينصح به”.

وشدد العلام على أن رئيس الحكومة “بدأ يمارس السياسة ويستعد للانتخابات”، واعتبر أن أخنوش يدافع عن نفسه ضد “الانتقادات التي تعرض إليها والتوبيخ من طرف رئيس الحكومة الأسبق الذي قال عنه إنه لا يعرف الكلام ولا الدفاع عن إنجازات حكومته”، في إشارة إلى الهجوم الذي شنه عبد الإله بنكيران على أخنوش.

وتوقع المتحدث لهسبريس أن يستمر أخنوش في المحطات المقبلة على هذا النهج ويستعمل خطاب المواجهة كلما اقتربت الانتخابات، لأن هذا الخطاب هو الذي سيعوض منطق الإنجازات التي تتحدث عن نفسها كما كان يعتبر حزبه في بداية الولاية الحكومية.

هجوم مضاد

في قراءة أخرى لخرجة رئيس الحكومة المثيرة، اعتبر إسماعيل حمودي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، أن الانتقادات التي وجهها رئيس الحكومة إلى الأمين العام لحزب الحركة الشعبية “لا يمكن فصلها عن سياق الضغوط التي تمارس على حزب الحركة من طرف أكثر من جهة في مربع السلطة”.

وقال حمودي في تصريح لهسبريس: “يمكن القول إن أخنوش استغل الفرصة، بدوره، من أجل الانتقام من المعارضة التي طالما ربطت بين صفته كرجل أعمال وبين ارتفاع الأسعار، الأمر الذي كان يوجعه ولا يزال”.

وزاد: “لقد استغل أخنوش الوضع الذي تمر به الحركة الشعبية، خصوصا بعد اعتقال البرلماني مبدع، من أجل شن هجوم مضاد على فرق المعارضة”، مستدركا بأن موقف أخنوش يؤكد “تخوفاته أيضا من تأثير الخطاب التحريضي لفرق المعارضة على عموم المواطنين، واحتمال انفلات الأوضاع، خصوصا وأنه اعترف بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة حين استدعى الظروف التي أدت إلى خطاب السكتة القلبية”.

ومضى المحلل السياسي ذاته مبينا أن أخنوش “يجد نفسه في موقف حرج لسببين: أولا كرئيس حكومة أبانت حكومته عن محدودية في إدارة أزمة ارتفاع الأسعار، وثانيا كرجل أعمال في قطاع المحروقات يعد المستفيد الأول من الأزمة القائمة”، مبرزا أن تصريحاته كانت للدفاع عن هذه الوضعية “الملتبسة”، حسب تعبيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى