الرواق السعودي في الحرم المكي: لماذا أثارت هذه التسمية جدلا؟ وما حقيقة استبداله بالرواق العثماني؟
أولى رواد مواقع التواصل الاجتماعي اهتماما واسعا بتفاصيل “الرواق السعودي” الذي جرى إطلاق تسميته على توسعة المطاف بالمسجد الحرام.
وكانت الحكومة السعودية قد اتخذت قبل سنوات قرارا بتوسعة وترميم الحرم المكي الذي أحاطت به الفنادق والأبراج الشاهقة من كل جهة.
وعادة ما تقابل تلك القرارات بردود فعل مختلفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تتراوح الآراء بين الترحيب والتحفظ.
فماذا نعرف عن الرواق الجديد؟ وكيف استقبل مغردون خبر توسعة المطاف بالمسجد المكي؟
“أكبر توسعة” في الحرم المكي
“الرواق السعودي” هو مشروع قديم لتوسعة صحن الطواف حول الكعبة، إلا أن تسميته تعد حديثة.
ففي 21 من مايو/ أيار الجاري، أعلن الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس عن صدور الموافقة بإطلاق تسمية “الرواق السعودي” على مبنى مشروع توسعة المطاف بالمسجد الحرام.
وأشار السديس إلى أن الهدف من تدشين الرواق هو توفير مساحات أوسع للطائفين والمصلين واستيعاب الأعداد المتزايدة من أفواج الزوار والحجيج.
وأضاف الشيخ أن “الرواق السعودي سيكون مكملا للرواق العباسي، مع تميزه بمساحة أوسع لم يشهدها المسجد الحرام من قبل”.
وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن الرواق السعودي:
- يقع خلف الرواق العباسي
- ويحيط بصحن الكعبة
- يتكون الرواق من أربعة طوابق
- سيزيد الطاقة الاستيعابية للمسجد بـ 287 ألف مصل، ما يسمح بدخول 107 آلاف طائف في الساعة إلى الرواق وصحن المطاف.
وقد أمر الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود بالتخطيط لتدشين هذا الرواق وإحداث توسعة في المسجد ليبدأ العمل في عهد الملك سعود عام 1955، واستمر بناء الرواق وتطويره خلال العقود الماضية إلى حد عهد الملك سلمان.
الرواق هو مصطلح يشير إلى الأجنحة التي تحاذي جنبات صحن المسجد أي أنها بناء يضاف إلى جنبات المسجد.
ويضم المسجد المكي مجموعة من الأروقة من بينها الرواق العثماني والرواق العباسي.
وعلى مدى قرون، شهدت أروقة المسجد نقلات معمارية وتوسعات عديدة لاعتبارات جمالية وأخرى تنظيمية تتعلق بضمان سلامة المصلين.
وكلما انتشر خبر جديد حول تلك الأروقة، اتسع الجدل حولها عبر المنصات الرقمية.
“الرواق السعودي” بين الإشادة والانتقاد
وقد أثار إطلاق اسم “الرواق السعودي” على توسعة المطاف تفاعلا واسعا.
فقد احتفى مغردون سعوديون وعرب بهذه التوسعة، واعتبروها “خطوة “مهمة” لزيادة أعداد المعتمرين والحجاج وتسهيل تنقلهم”.
كما وصف سعوديون لحظة تعليق لافتات تعريفية تحمل اسم “الرواق السعودي” على ممرات المسجد بـ”التاريخية”.
ويرى مغردون أن تلك التسمية “مستحقة” وراح بعضهم يعدد المشاريع التي أشرفت عليها الدولة السعودية منذ تأسيسها لتجديد وتطوير المسجد المكي.
في المقابل، أعرب مغردون عن رفضهم لعمليات الترميم والتوسيع برمتها، إذ يفضل هؤلاء المحافظة على الأصالة العمرانية للمساجد التاريخية دون أي إضافات جديدة.
فيما اعترض مغردون آخرون على التسمية وصفوها بـ”الغريبة والفجة”.
وثمة أيضا من اعتبرها “خطوة غير مبررة تقحم الرموز الدينية في السياسية”.
إلا أن آخرين ردوا على ذلك بالإشارة إلى أن معظم الأروقة سميت نسبة إلى “أشخاص وحقب سياسية مختلفة في تاريخ الإسلام”.
الرواق العثماني جدل قديم متجدد
من المنتقدين للمشروع من تحدثوا عن إزالة “تسمية الرواق العثماني في المسجد الحرام وإطلاق الرواق السعودي بدلا منه” وهو ما نفاه معلقون وإعلاميون.
وقد أشار مغردون سعوديون إلى أن الرواق العثماني ما زال موجودا وبنفس اسمه.
استدعاء الرواق العثماني أحيا نقاشا قديما كانت قد شهدته مواقع التواصل الاجتماعي في الشهر ذاته من سنة 2020.
وقد سلطت الأضواء بشكل كبير على الرواق العثماني عام 2012، إثر قرار السلطات السعودية توسعة المسجد الحرام وإزالة هذا الرواق مؤقتا لترممه وتعيده إلى مكانه السابق عام 2015.
وبحسب وسائل تركية وخليجية، فقد أسندت أعمال الترميم آنذاك لشركة تركية متخصصة، إذ أصلحت حوالي 2750 قطعة تاريخية، من بينها أعمدة، وقباب وتيجان.
وفي النقاش الدائر عن الرواق الجديد، دعا البعض إلى تغيير اسم الرواق العثماني، المعروف أيضا بـ”الرواق التاريخي”، بحجة أن العثمانيين هم من بنوه.
لكن آخرين أكدوا أن الرواق العثماني سمي نسبة للصحابي عثمان بن عفان.
وبإجراء بحث سريع، ستعترضك دراسات عديدة مفصلة عن التوسعات والترميمات التي قام بها الخلفاء والسلاطين المسلمون داخل المسجد المكي.
فالاهتمام بالحرم وبالمساجد التاريخية كان يأتي ضمن أولياتهم، لما يضفيه من شرعية دينية وسياسية كبيرة على حكمهم.
وتشير مراجع تاريخية إلى أن أول توسعة شهدها المسجد كانت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، تلتها أخرى في حقبة الخليفة عثمان بن عفان.
ويعتقد بعض المؤخرين أن التوسعة التي قام بها عثمان بن عفان شهدت دخول الأروقة لأول مرة في عمارة الحرم المكي.
وبالتالي سمي الرواق نسبة للخليفة الثالث عثمان بن عفان.
وتلاه الخليفة المهدي العباسي، بتوسعته التي بقيت على حالها 810 سنوات، حتى العهد العثماني الذي شهد ترميمات عديدة وتوسعات متعددة.
وبعيدا عن السجال السياسي حول أروقة المسجد الحرام، دعا آخرون إلى مراعاة مصلحة الحجاج والمعتكفين ونبذ الخلافات جانبا، فيما نشر آخرون خرائط تشرح للحجاج القادمين كيفية التنقل بين ساحات المسجد.