الجزائر تناور ضد العزلة الدولية في روسيا .. حملة فاشلة ودبلوماسية ظرفية
يستعد “قصر الكرملين” لاستقبال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في غضون الأسبوعين المقبلين، حيث يسعى “قصر المرادية” إلى البحث عن منفذ دبلوماسي إلى الخارج، بسبب العزلة الدولية التي يعيشها في ظل توتر علاقاته مع القطبين الأمريكي والأوروبي.
وأشارت صحيفة “فيدوموستي” الروسية، نقلاً عن مصادرها الدبلوماسية، إلى أن الرئيس الجزائري سيزور روسيا خلال يونيو المقبل، حيث ستستأنف الزيارة اللقاءات المباشرة بين رئيسي البلدين في إطار الزيارات البينية التي جمعتهما في السنوات الماضية.
ودعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الجزائري إلى زيارة موسكو عن طريق وزير خارجيته سيرغي لافروف، وهو ما فسّرته وسائل إعلام أجنبية بسعي بوتين إلى فك عزلته الدولية التي ترتبت عن التدخل العسكري في الأراضي الأوكرانية.
حملة فاشلة
أحمد صلحي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ابن طفيل في القنيطرة، قال إن “الزيارة التي سيقوم بها عبد المجيد تبون إلى روسيا تتويج لوعد قطعه الرئيس الجزائري مع الرئاسة الروسية، تحت بند تعزيز العلاقات الاستراتيجية التي دعمتها الزيارات الأخيرة لعدد من المسؤولين بين البلدين”.
وأضاف صلحي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الزيارة لا تحمل أي جديد يذكر من الناحية الاستراتيجية، على اعتبار أن روسيا تعاني من عدة أزمات سياسية مع الغرب، ومن ثم تظل هي المستفيدة الوحيدة من الزيارة، لأنها لا تعدو أن تكون مجرد محاولة روسية لاستثمار هذه الخرجات السياسية لفك عزلتها الدبلوماسية”.
وأوضح الخبير الدولي أن “الجزائر من جانبها تعول على الزيارة للترويج أيضا للسياسة الخارجية القائمة على إذكاء العلاقات مع البلدان المحسوبة على تيار إيديولوجي معين، وذلك في سياق إعادة ترتيب أوراقها مع الشركاء المحسوبين على التيار الاشتراكي”.
وأردف بأن “الزيارة تأكيد على فشل الحملة الإعلامية التي تبنتها الجزائر ضد المغرب، حيث تسعى الجزائر من خلال كل هذه الخطوات للتشويش أو الضغط على المغرب، خاصة في ملف قضية الوحدة الترابية”، لافتا إلى أن “الدبلوماسية المغربية الحكيمة استطاعت كسب رهان التعاون مع جميع البلدان، خاصة الإفريقية منها”.
دبلوماسية ظرفية
عبد الواحد أولاد ملود، أستاذ متخصص في الدراسات الأمنية بجامعة القاضي عياض بمراكش، اعتبر أن “العمل الدبلوماسي الجزائري يقترن دائما بالإيديولوجية، حيث تحاول الجزائر البحث عن منافذ دبلوماسية لكنها لا تتعامل مع ذلك وفقاً للمتطلبات الإقليمية والدولية”.
ورأى أولاد ملود، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الجزائر تنهج الدبلوماسية الظرفية في العلاقات الدولية، ما جعل الكثير من الدول تفقد الثقة فيها، وتتوجس من التعامل معها، وبالتالي يظل المنفذ الوحيد لها إلى الخارج هو روسيا”.
واستطرد الأستاذ الجامعي بأن “الجزائر اصطفت إلى جانب روسيا منذ حصولها على الاستقلال، ولم تستطع التحرر من الإيديولوجية الاشتراكية رغم تفكك الاتحاد السوفياتي وصعود قوى أخرى”، مشيرا إلى أن “الجزائر تجد في روسيا القوة التقليدية الوحيدة التي يمكن أن تلجأ إليها”.
وخلص المتحدث إلى أن “الذكاء الدبلوماسي مغيّب في السياسة الخارجية الجزائرية، لأن قصر المرادية يقتصر فقط على شريك تجاري وعسكري وسياسي وحيد بالعالم، على أساس أن روسيا بنفسها لا تنهج المعادلة ذاتها؛ لأنها تنفتح على دول الجوار، خاصة بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية”.