الاشتباكات المسلحة تتواصل في الخرطوم رغم الاتفاق على إرساء هدنة جديدة
تواصلت أعمال العنف والقتال في أنحاء الخرطوم، الأحد، بعد ساعات على تعهد الطرفين المتنازعين على السلطة في السودان بوقف إطلاق النار لمدة أسبوع ابتداء من مساء الاثنين.
وأكد أحد سكان العاصمة لوكالة “فرانس برس” أنه سمع “غارات جوية” عنيفة بشكل متزايد، موضحا أنها “هزت جدران المنازل”، وفي جنوب الخرطوم تحدث شاهد عيان عن “تجدد الاشتباكات بمنطقة الصحافة”.
ويشهد السودان نزاعا منذ 15 أبريل الماضي بين الجيش وقوات الدعم السريع، التي ترفض خطة لدمجها في صفوف العسكر. وأوقعت المعارك منذ اندلاعها نحو ألف قتيل، غالبيتهم مدنيون، ودفعت أكثر من مليون سوداني إلى النزوح أو اللجوء إلى بلدان مجاورة.
وأعلنت الولايات المتحدة والسعوديّة، مساء السبت في بيان مشترك، أنّ ممثّلي الجيش السوداني وقوّات الدعم السريع وافقوا على وقف لإطلاق النار مدّته أسبوع يبدأ الاثنين.
وقال البيان إنّ وقف النار “يُمكن تمديده بموافقة الطرفَين”، وأوضح أنّهما اتّفقا أيضا على “إيصال وتوزيع المساعدات الإنسانيّة، واستعادة الخدمات الأساسيّة، وسحب القوّات من المستشفيات والمرافق العامّة الأساسيّة”.
وتابع البيان المشترك أنّ وقف النار “سيدخل حيّز التنفيذ في الساعة 21:45 بتوقيت الخرطوم (19: ت.غ) يوم 22 ماي”، وسيستمرّ سبعة أيّام.
والأحد، جدد مسؤول الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة، مارتن غريفيث، دعوته إلى “إيصال المساعدة الإنسانية بشكل آمن”.
الحاجة إلى الثقة
هذا الاتفاق ليس الأول منذ بدء النزاع المسلح، إذ اتفق الطرفان على ما يقرب من 12 هدنة قاما بخرقها كلها بعد دقائق من دخولها حيز التنفيذ.
وقال حسين محمد، المقيم بمدينة بحري شمال الخرطوم، “نأمل أن يراقب الوسطاء تنفيذ” الاتفاق، وأضاف: “هذه الهدنة قد تمنح فرصة جيدة حتى تراجع والدتي المريضة الطبيب”.
وفي الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور ،قال آدم عيسى: “نحن لا نثق بالأطراف المتصارعة (…) نريد وقفا نهائيا لإطلاق النار وليس هدنة موقتة”.
وكان البيان الأميركي السعودي المشترك قد أكد أنه “خلافا لوقف إطلاق النار السابق، تمّ التوقيع من قِبَل الطرفين على الاتّفاقيّة التي تمّ التوصّل إليها في جدّة، وستدعمُها آليّة لمراقبة وقف إطلاق النار مدعومة دوليًّا” من قبل المملكة السعودية والولايات المتحدة والمجتمع الدولي.
أوضاع مأساوية
خلفت الحرب الدائرة خسائر فادحة في البنية التحتية، إذ خرجت معظم المستشفيات عن الخدمة، سواء في الخرطوم أو إقليم دارفور غرب البلاد حيث يشتد القتال أيضا.
كما أجبر الذين لم يتمكنوا من الفرار من سكان العاصمة، البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة تقريبا، على ملازمة منازلهم بدون ماء أو كهرباء.
وتطالب الطواقم الإنسانية، منذ أسابيع، بتأمين ممرات آمنة لنقل الأدوية والوقود والمواد الغذائية، في محاولة لتوفير بعض الخدمات التي تشهد تدهورا منذ عقود.
وبعد صلاة التبشير الملائكي، الأحد في الفاتيكان، قال البابا فرنسيس: “من المحزن أنه بعد شهر من اندلاع العنف في السودان لا يزال الوضع خطيرا”، وأضاف مخاطبا طرفي النزاع: “دعونا من فضلكم لا نعتد على الصراعات والعنف والحرب”.
والجمعة، أقال قائد الجيش عبد الفتاح البرهان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو من منصب نائب رئيس مجلس السيادة (أعلى سلطة سياسية حاليا في البلاد)، وقرر تعيين مالك عقار في المنصب. كما عيّن ثلاثة من حلفائه في مناصب عسكرية رفيعة.
ووقع مالك عقار في 2020، ومعه قادة حركات تمردية، اتفاق سلام مع الخرطوم، وهو عضو في مجلس السيادة منذ فبراير 2021.
وأعلن في بيان، أصدره السبت، أنه مصمّم على السعي إلى “إيقاف هذه الحرب”، والدفع باتّجاه المفاوضات. وتوجّه مباشرة إلى دقلو بالقول: “لا بديل لاستقرار السودان إلا عبر جيش مهني واحد وموحد، يراعي التعددية السودانية”.
ويعد دمج قوات الدعم السريع في الجيش نقطة الخلاف الأساسية بين دقلو والبرهان.
مساعدات إنسانية
تحذّر الأمم المتحدة من وضع إنساني سريع التدهور في ثالث أكبر بلد إفريقي مساحةً، علما بأن ثلث السكان كانوا يعتمدون على المساعدات حتى قبل اندلاع الحرب الأخيرة.
ورفعت الأمم المتحدة قيمة الأموال التي تحتاج إليها السودان لمساعدتها، مؤكدة أنها تسعى إلى جمع 2,6 مليار يورو.
ومن المتوقع أن يلقي المبعوث الأممي إلى السودان، فولكر بيرتيس، اليوم الاثنين، كلمة أمام مجلس الأمن الدولي.
وكان مارتن غريفيث قد أعلن، الجمعة، عن تخصيص 22 مليون دولار من صندوق طوارئ تابع للأمم المتحدة لمساعدة السودانيين الذين فروا إلى البلدان التي لها حدود مع السودان.
وأعلنت الولايات المتحدة، الجمعة أيضا، عن مساعدة قيمتها 103 ملايين دولار للسودان ودول الجوار لمواجهة الأزمة الإنسانية.