أخبار العالم

ورقة بحثية ترصد قيادة المغرب لحلم الصعود في الصناعة العالمية للسيارات



بالتزامن مع تصنيع أول سيارة مغربية محلية الصنع، وعرض نموذج لأول سيارة تعمل بالهيدروجين قام بتطويرها مواطن مغربي؛ وهما المشروعان المبتكران الواعِدان اللذان عُرِضا أمام الملك محمد السادس، بداية هذا الأسبوع، بهدف تعزيز علامة “صُنع في المغرب” و”تدعيم مكانة المملكة كمنصة تنافسية لإنتاج السيارات”، أكدت ورقة بحثية حديثة النشر أن “المغرب يقود الحُلم ليصبح منصة جذابة وتنافسية في سلسلة قيمة السيارات تربط إفريقيا بأوروبا”.

تحت عنوان “قيادة الحلم: صعود المغرب في الصناعة العالمية للسيارات”، أكدت وثيقة بحثية لـ”مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد”، أن “المملكة باتت -الآن– أكبر منتج للسيارات في قارة إفريقيا، وثاني أكبر مُصدّر للسيارات إلى الاتحاد الأوروبي”.

الورقة التي ألَّفها عبد المنعم أمشرع، الباحث المختص في “سلاسل القيمة العالمية”، أبرزت ضمن أبرز خلاصاتها أن “المغرب تمكّن من اجتذاب شبكة كثيفة من المُوَردين ذوي الصيت العالمي العاملين في مجال صناعة السيارات، التي تعد واحدة من أكثر سلاسل القيمة تنظيماً في العالم”؛ مفيدة بأنها “أهمُّ قطاع للاستثمار في البحث والتطوير الصناعيين”.

قطاع التصدير الرائد

الخبير السابق في “استدامة سلاسل القيمة” لدى كل البنك الدولي والبنك الأوروبي للاستثمار أورد في منشوره البحثي أنه “ليس هناك ما يوضح المساهمة الإيجابية لاندماج الاقتصاديات الوطنية في سلاسل القيمة العالمية أفضل من حقيقة أن قطاع السيارات كان بالكاد موجوداً في المغرب في سنوات التسعينيات”، قبل أن يستدرك: “إلا أنه، الآن، يُعد قطاع التصدير الرائد في الميزان التجاري للمغرب، من خلال طاقته الإنتاجية والتجميعية البالغة 700 ألف سيارة، ما يجعله مركزا جذابا وتنافسيا يربط بين إفريقيا وأوروبا في سلسلة قيمة السيارات”.

وأكدت بيانات الورقة البحثية للسياسات أن “الطاقة الإنتاجية السنوية بالمغرب تبلغ 700 ألف سيارة”، جاعلة من صناعة السيارات “قطاع التصدير الرائد في المغرب”؛ كما رصدت أن “حجم مبيعات هذه الصناعة يتجاوز 8 مليارات دولار”، مستحضرة “خلق القطاع أكثر من 220 ألف وظيفة بين عامي 2014 و2021، متجاوزًا إلى حد كبير هدفه الأولي المتمثل في 90 000 الوظائف، الذي كان جزءًا من خطة التعجيل الصناعي عام 2014.

“في الآونة الأخيرة، يُعد تحديد المواقع على السيارات الكهربائية والبحث والتطوير (R&D) علامات ومؤشرات دالة على تحول صناعة السيارات المغربية نحو التخصص في سلاسل القيمة الأكثر تقدما وتعقيدًا، مع أهداف وقيم الحكامة البيئية والاجتماعية، والابتكار والاندماج المحلي”، يورد المنشور ذاته.

كما ذهبت ورقة السياسات (policy paper)، التي تتوفر هسبريس على نسخة منها، إلى أن “صناعة السيارات على وشك التغيير”، مستشهدة على ذلك بـ”التقدم الحاصل في صناعة وتطوير المَركبات الكهربائية وذاتية القيادة”، وكذا “التحولات في التنقل، وخفض الحواجز أمام قبول ونفاذ عمليات تجميع السيارات؛ فضلا عن زيادة الحاجة إلى المنتجات كثيفة الاستخدام في المختبرات، مثل توصيلات الأسلاك”.

تطوير سلاسل القيم

من أجل التقدم في سلاسل القيمة العالمية، وضمان إدماج البلدان متوسطة الدخل (ومنها المغرب) في هذه السلسلة، حدد الباحث المختص إستراتيجيتيْن: “أولاً الارتقاء بالصناعة، وثانياً التكثيف الاقتصادي”.
ويتصل مفهوم «الارتقاء» –حسب الباحث أمشرع– بـ”المكاسب التي تحققت في القدرة التنافسية، في حين أن «التكثيف» ينطوي على المزيد من تكامل الجهات الفاعلة المحلية (المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم والوظائف)”، وتابع شارحا: “بعد ذلك، ترسُم البلدان مساراً للتعلم والنمو للمشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم من خلال التخصص في مهام التصنيع المعقَّدة والمتقدمة والخدمات المهنية”.
بروز المغرب
“المغرب برز بنجاح بوصفه تاجرا عالميا جديدا للسيارات، ويرجع ذلك أساسا إلى استثماره في الهياكل الأساسية وتدريب قوى عاملة مؤهلة؛ ومع ذلك فإن التحول الحالي لصناعة السيارات يتطلب استثمارات ضخمة وتحالفات إستراتيجية ومتكاملة”، يخلص الباحث في ورقته.
ويؤكد المختص ذاته أن دراسته “توفر إطاراً من سبعة عوامل لدمج دولة معينة بنجاح في سلسلة قيمة السيارات العالمية”؛ بالموازاة مع تحديد اتجاهين: أولاً، “إغراء الشركات المصنعة للاستثمار في التعدين للوصول إلى المعادن النادرة والموارد الحيوية الخام اللازمة لإنتاج السيارات الكهربائية والهيدروجين”.
أما الثاني، حسب كاتب الورقة، فهو “إيمان بعض البلدان بالاستثمار في الطاقة النظيفة والبنية التحتية التكيفية للتموقع بشكل أفضل في سلسلة قيمة السيارات العالمية غير المستقرة والمضطربة”.
وخلصت ورقة مركز السياسات إلى أن “التطوير المستمر للشركات الصغيرة والمتوسطة في مجال التكنولوجيا المدرجة في قائمة “Disrupt Africa” أبان عن قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على اقتحام سلاسل القيمة العالمية”.
إن انتقال الصناعة إلى ثورتها الرابعة 4.0 واعتماد ‘الاتجاه نحو التخصيص الشامل’ (the trend towards mass customization والأتْمَتة والروبوتات والذكاء الاصطناعي سيفتح مساحة للتقنيات ونماذج الأعمال المبتكرة الأخرى”، يستنتج الباحث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى