تونسية تحافظ على طريقة تقطير تقليدية لإنتاج ماء الورد
في كل عام، تنتظر التونسية داودة بن سالم بفارغ الصبر الربيع حتى تتفتح أزهارها. وهو الموسم الذي تبدأ فيه إنتاج ماء الورد أو ماء الزهر، مستخدمة تقنيات تقطير تقليدية متوارثة.
خلال أشهر مارس/ آذار وإبريل/ نيسان ومايو/ أيار، تبدأ التونسية (63 عاماً) أيامها بقطف الورود وأزهار البرتقال والياسمين وغيرها ثم إشعال النار في الحطب.
تقول داودة بن سالم: «طريقة التقطير على الحطب، طريقة تقليدية ورثتها عن أجدادي، حافظت عليها لأن هذا النوع من التقطير به طعم ورائحة خاصة».
وأخذت تشرح عملية التقطير التقليدية التي تستخدم فيها قدراً صُنع من النحاس. وقالت: نضع في القدر النحاسي الورد أو العطرشة ثم نضع عليها الماء، نضع الغطاء عليها ونقفلها، عندما تغلي يرتفع البخار إلى الغطاء ثم ينتقل في الأنبوب إلى أن يصل إلى القارورة التي تجمع ماء الورد، وبعدما يبرد ماء الورد، تبدأ في تعبئته في زجاجات في حديقتها.
تعلمت داودة بن سالم كيفية صنع ماء الورد من أمها وجدتها. وهي طريقة توارثتها الأجيال في عائلتها. وبدورها نقلت خبرتها إلى بناتها من أجل المحافظة على هذا التقليد الفريد.
وتقول: إن طريقة التقطير التقليدية تنتج عطوراً عالية الجودة على الرغم من أنها تستغرق المزيد من الوقت والجهد.
ووافقتها في الرأي ابنتها سهيلة بن علي: «أمي بدأت هذا العمل كشغف، وقامت بنقل هذا الشغف إلينا وعلمته لنا بكل تفاصيله، أردنا التبديل قليلاً في عملية التقطير، لنواكب العصر ونصبح أسرع ونستعمل الطريقة الجديدة التي تستعمل الغاز، لكن لم نجد نفس النكهة ولا نفس الطعم ولا نفس الجودة التي تأتي من التقطير بهذه الطريقة الأندلسية على الحطب، فأكملنا باستعمال طريقتها، والآن نعلمها لأولادنا للمحافظة عليها».
وعن حبها لهذا العمل، قالت داودة بن سالم: «أنا شغوفة كثيراً بهذا العمل، أحب الشيء الأصيل وتعلمته عندما كبرت وتزوجت وواصلت التقطير بهذه الطريقة، لأنه أنفع لي وأقل كُلفة من الغاز وأشياء أخرى».
وتشارك داودة بن سالم في عدة معارض مخصصة للصناعات التقليدية في مختلف المناطق مثل العاصمة تونس ونابل وزغوان، ويزداد الطلب على منتجاتها محلياً.
وقالت: «تقطير كل أنواع هذه الزهور لاستعمالها يومياً لأن بها الكثير من الفوائد والمنافع للإنسان وهناك إقبال كبير عليها لشرائها».
ويعد ماء الورد عنصراً أساسياً في حياة التونسيين، ويستخدمونه على نطاق واسع في الطهي وصناعة مستحضرات التجميل، كما يعدونه وسيلة بديلة لتخفيف بعض الآلام.