لجنة حقوقية ترصد تناميا “مقلقا” لظاهرة تسخير الأطفال في التسول بالناظور
بسطت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الشرق، الجمعة بوجدة، أمام مجموعة من الفاعلين الحقوقيين والجمعويين بعض مضامين مهمّة قام بها فريق تابع للجنة للاستطلاع وتجميع المعطيات حول “ظاهرة” تسخير الأطفال في التسول بإقليم الناظور.
وقدّم الفريق، الذي أوكلت إليه المهمة، تفاصيل ونتائج العملية، التي انطلقت في فبراير الماضي، بعقد اجتماعات مع عامل إقليم الناظور والوكيل العام للملك لدى استئنافية الناظور ورئيس المنطقة الأمنية وباشا المدينة ومدير إدارة التعاون الوطني، إلى جانب فعاليات مدنية.
وأوضح منسّق الفريق محمد أوسار أن هذه الاجتماعات أسفرت عن تحركات عملية انطلقت يوم 10 ماي الجاري، تمثّلت في إطلاق عملية أمنية واسعة لجمع المشتبه بتسخيرهم أطفالا في التسول، وتحرير محاضر لهم، بإشراف من النيابة العامة، مع التشديد على المتهمين قبل إطلاق سراحهم بسبب خطورة أفعالهم، وتفعيل الزجر القضائي في حقهم في حال العود، مع إيداع الأطفال في مؤسسة اجتماعية.
كما تم، وفق العرض الذي قدّمه أوسار أمام الحاضرين، تعيين لجنة مصغرة، مكونة من عميدة شرطة الأحداث بالمنطقة الأمنية وقائدة بباشوية المدينة، للسهر على سيولة التنسيق وتفعيل آليات التوقيف والتسليم بمقاربة تربوية حقوقية تعامل الأطفال كضحايا.
وتبيّن من خلال تحريات أعضاء اللجنة ولقاء أطفال يمتهنون التسول في شوارع الإقليم وفعاليات مدنية ومؤسساتية معنية بالموضوع، أن الأمر يتعلق بأسر تقطن في هوامش حواضر الإقليم، وتسخر أطفالها للتسول في الشوارع وإشارات المرور إلى وقت متأخر من كل يوم بغرض التربح من هذا النشاط، دون إبداء أي احترام للحقوق المضمونة لهؤلاء الأطفال، الذين تتراوح أعمار أغلبهم بين 5 و10 سنوات من كلا الجنسين، فيما تقوم شبهات حول احتراف هذه الأسر تسخير أطفالها في التسول.
وأقرّ الفريق ذاته بصعوبة إيجاد حلول ناجعة لهذه “الظاهرة”، لاسيما في ظل “غياب مركز متخصص لإيواء ورعاية هؤلاء الأطفال، وضعف التنسيق بين السلطات الأمنية والترابية في التعامل مع الظاهرة، وسياسة النيابة العامة في التعامل مع هذه الحالات في غياب مأوى يضمن مصلحة الأطفال، مع تفعيل تدابير ترشيد الاعتقال الاحتياطي”.
محمد العمرتي، رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الشرق، قال إن اختيار هذا الموضوع للمهمّة المذكورة يرجع إلى رصد اللجنة اتخاذ هذه الظاهرة في السنوات القليلة الأخيرة أبعاداً يمكن وصفها بالمقلقة، فضلا عن تكوّن بؤرٍ لمحترفيها.
وبخصوص اختيار مدينة الناظور كنموذج للمهمة، أوضح العمرتي، في تصريح لهسبريس، أن ذلك يعود إلى خصوصية المدينة وموقعها الجغرافي واستقطابها مجموعة من الأطفال والأسر، التي- ربما- باتت تحترف التسول بها.
وأكد أن استغلال الأطفال في التسول “يعتبر انتهاكا خطيرا لحقوق الطفل، وإخلالا بالتزامات المغرب، سواء على المستوى الدولي والاتفاقيات التي وقّع عليها في هذا الشأن أو على مستوى القوانين الداخلية والتشريعات الوطنية، فضلا عن إساءة هذه الظاهرة إلى صورة البلاد، مما دفعنا إلى دق ناقوس الخطر”.
وأكدت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الشرق اعتزامها صياغة تقرير حول هذه المهمة يتضمّن مجموعة من التوصيات الصادرة عن الحاضرين للمائدة المستديرة الأخيرة، وتقديمه إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي سيعرضه بدوره على المؤسسات المعنية بهذه “الظاهرة”، مشيرة إلى أن هذه التجربة الأولى يمكن تعميمها مستقبلا على باقي أقاليم جهة الشرق.