أخبار العالم

هل تدفع مخرجات القمة العربية سوريا إلى احترام السيادة الترابية للمغرب؟



اختتمت اليوم بمدينة جدة السعودية أشغال القمة العربية العادية الثانية والثلاثين، باتفاق العواصم العربية على مجموعة من النقاط التي ضمنت في البيان الختامي “إعلان جدة”، الذي حظي بموافقة كل الدول الأعضاء في المنظمة الإقليمية.

الإعلان ذاته أكد على مركزية القضية الفلسطينية في السياسة العربية المشتركة، ودعمه المسلسل السياسي الرامي إلى تجاوز الأزمات التي تشهدها كل من السودان وليبيا واليمن، وضرورة تعزيز العمل العربي المشترك المبني على التعاون من أجل استقرار دول المنطقة وحماية سيادتها والحفاظ على مكتسباتها، مسجلا رفضه المطلق التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للبلدان العربية، والكيانات المسلحة خارج إطار الدول.

كما رحب البيان بعودة سوريا إلى حضنها العربي وبالتقارب السعودي الإيراني الأخير، مشددا في الوقت ذاته على أن العلاقات بين طهران والدول العربية يجب أن تقوم على مبادئ احترام السيادة ووقف دعم وتمويل “الميليشيات والأحزاب المسلحة” في البلدان الأعضاء في الجامعة.

ويرى محللون أن مشاركة المغرب إلى جانب أشقائه العرب في هذه القمة، بوفد رفيع المستوى ترأسه الأمير مولاي رشيد، يعكس مدى جدية المملكة وانخراطها الفعال في الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى الحفاظ على الأمن القومي للدول العربية وتحقيق السلام في المنطقة.

في المقابل فإن الرباط بانخراطها في هذا المسلسل وعدم معارضتها بعض القرارات العربية، خاصة عودة سوريا إلى الجامعة، فإنها تنتظر موقفا واضحا من دمشق حول قضية وحدتها الترابية، خاصة أن ما تضمنه “إعلان جدة” جاء تكريسا لما عبرت عن المملكة مرارا وتكرارا من أن مسألة سيادة الدول ووحدتها الترابية لا تقبل الاصطفاف في “المناطق الرمادية”.

ذلك أن سوريا لم تتخذ بعد موقفا صريحا من قضية الصحراء المغربية، رغم علاقتها القوية مع الجزائر التي كانت عراب عودتها إلى الجامعة العربية، وهو ما يجعلها اليوم مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالإعلان عن موقف إيجابي حول سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، انسجاما مع المبادئ المتضمنة في ميثاق جامعة الدول العربية.

هشام معتضد، الخبير في العلاقات الدولية، قال إن “تحول الموقف السوري من قضية الصحراء المغربية لصالح الرباط أمر وارد جدا بالنظر إلى إبداء دمشق استعدادها ورغبتها في استرجاع مكانتها ضمن المنظومة العربية”.

الخبير ذاته أفاد في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية بأن “الارتقاء الكامل لصفة الفاعل الطبيعي يتطلب من الطرف السوري الالتزام بالعديد من المقتضيات السياسية والمبدئية على غرار احترام السيادة الترابية للدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية”.

“النظام السوري واع تماما بانتظارات المغرب في هذا الإطار، ويعلم أن أي تقدم في بناء مستقبل عربي مشترك سيتطلب منه الاحترام الجدي والمسؤول لمبادئ وقيم السياسية الخارجية المغربية”، يضيف الخبير عينه.

كما سجل معتضد أن “القيادة المغربية لم تضع أي عراقيل أمام عودة سوريا إلى حضنها العربي، بل اكتفت بطلب احترام سيادتها وتوجهاتها الإستراتيجية كما تفعل مع جميع الأطراف الخارجية الأخرى”.

الخبير عينه خلص إلى أن “مصادقة المغرب على البيان الختامي الذي رحب بالعودة السورية مؤشر إضافي على كون الرباط تعتمد مقاربة البناء والتواصل ومد الجسور في سياستها الخارجية، وتفتح الطريق لخلق السياقات الممكنة لبناء عمل عربي مشترك من أجل مواجهة التحديات المشتركة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى