أخبار العالم

تفاصيل الشركات المعنية برفض مجلس المنافسة رسوم الأداء الإلكتروني للفواتير



طبع مجلس المنافسة، خلال الأسبوع الجاري، على خرجة لافتة بتوجيه الاتهام إلى شركات، دون أن يسميها، بفرض تكلفة على أداء الفواتير عبر الإنترنيت، حيث اعتبر أن هذه الممارسات غير مبررة من الناحية الاقتصادية وتخالف استراتيجية البلاد لتطوير القطاع الرقمي.

مجلس المنافسة، وهو هيئة دستورية للحكامة الجيدة، أورد، في بلاغ صحافي، أنه “وقف على بعض الممارسات التي تقوم بها بعض الشركات التي تنشط في قطاعات اقتصادية مختلفة أثناء تأدية فواتيرها عبر خدمة الإنترنيت من طرف زبنائها، حيث تحملهم تكلفة هذه الخدمة إضافة إلى قيمة الفاتورة المطلوب سدادها”.

وأشار البلاغ إلى أن “هذه الشركات تستفيد من خدمة الأداء عبر خدمة الإنترنيت التي تخول لها إمكانية تقليص مصاريف التشغيل والاستثمار المرتبطة بتحصيل هذه الفواتير”، واعتبر أن هذه الممارسة غير مبررة من الناحية الاقتصادية.

بلاغ المجلس، الذي يرأسه أحمد رحو، اتهم بشكل مباشر هذه الشركات بـ”عرقلة حرية المنافسة في الأسواق المعنية، من خلال منح امتيازات غير مستحقة لبعض الفاعلين، والتي تمكنهم من تعزيز مكانتهم داخل هذه الأسواق على حساب المستهلكين”.

الملاحظ في خرجة المجلس جاءت متأخرة، فلجوء بعض الشركات إلى فرض رسوم إضافية على أداء الفواتير عبر الإنترنيت ليس بجديد، حيث تم العمل به على الأقل منذ العام الماضي، ناهيك عن غياب الإشارة إلى السند القانوني الذي اعتمد عليه المجلس.

وفق مصادر مطلعة تحدثت إليها هسبريس، يستند المجلس في هذا الانتقاد اللاذع لعدد من الشركات على المادة 7 من القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة والتي تنص صراحةً عن حظر قيام شركة أو مجموعة من الشركات بالاستغلال التعسفي لوضع مهيمن في السوق الداخلية أو جزء مهم من هذه السوق.

كما تتحدث المادة سالفة الذكر عن “منع الاستغلال التعسفي لحالة تبعية اقتصادية يوجد فيها زبون أو ممون وليس لديه أي بديل مواز.. ويترتب عن ذلك عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها”. وحسب المادة يمكن أن يتجلى التعسف في حالات عديدة؛ من بينها فرض أحد أدنى لسعر إعادة بيع منتوج أو سلعة أو لسعر تقديم خدمة أو لهامش تجاري.

حسب ما علمته هسبريس، فإن بعض شركات الاتصالات والشركات المفوض لها تدبير الماء والكهرباء هي المتهمة الرئيسية في هذه القضية بعد لجوئها إلى فرض رسوم حين يقوم الزبون بأداء فاتورته عبر التطبيق البنكي أو عبر موقعها الرسمي، حيث تكون الزيادة ما بين 3 و5 دراهم.

في حالة شركات الاتصالات، يبرز نقاش قانوني حول غياب حالة التبعية الاقتصادية بالنظر إلى تعدد الفاعلين في القطاع بحيث يمكن للزبون أن يغير الشركة لتفادي هذه الرسوم؛ لكن في حالة الشركات المفوض لها تدبير الماء والكهرباء فالأمر يتعلق بشكل لا نقاش فيه عن حالة التبعية الاقتصادية وغياب أي بديل مواز للزبون، وبالتالي هناك استغلال تعسفي من قبل الشركات المعنية.

كما يحضر في هذا النقاش بعدٌ آخر، حيث يتم الدفع بغياب السند القانوني لاتهام مجلس المنافسة باستحضار مبدأ حرية الأسعار والسوق المفتوحة بحيث يُفترض أن تقوم أية شركة، لا تخضع أسعار خدماتها أو منتجاتها للتقنين، باعتماد أي سعر تريده.

حديث مجلس المنافسة كان بيقين واضح بأن هذه الممارسات غير مبررة، وهو ما تجلى في تهديده باللجوء إلى تفعيل المساطر القانونية اللازمة في هذا الشأن؛ لكن دون الإشارة إلى هذه المساطر. وبالعودة للقانون فإن المادة 24 تتحدث عن غرامات تهديدية وأوامر وعقوبات. كما تشير المادة 43 إلى إمكانية أمر السلطة الحكومية المختصة الشركات المعنية بوضع حد لهذه الممارسات.

ممارسات ضد استراتيجية الدولة؟

حين سرد مجلس المنافسة هذه الممارسات التي اعتبرها غير مبررة من الناحية الاقتصادية، أشار إلى أنها تعيق تطور ونمو رقمنة الاقتصاد الوطني ولا تنسجم مع الاستراتيجية الوطنية الهادفة إلى تطوير القطاع الرقمي بالمغرب. والإشارة هنا إلى استراتيجيات عديدة أقرها المغرب لتشجيع الرقمنة؛ من بينها الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي التي اعتمدها كل من بنك المغرب ووزارة الاقتصاد والمالية سنة 2019 والتي تسعى إلى تطوير الأداء عبر الإنترنيت.

يُعتبر الأداء عبر الهاتف والإنترنيت من أبرز أوراش هذه الإستراتيجية، حيث تم العمل على إرساء أسس هذه المنظومة بهدف تقريب الخدمات المالية من المواطنين والحد من تداول النقد بشكل كبير. وقد سبق لعبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أن نبه، أكثر من مرة، من ارتفاع هذه الظاهرة.

وفق آخر إحصائيات صادرة عن بنك المغرب، بلغ حجم النقد المتداول بين المغاربة في نهاية فبراير حوالي 358,3 مليارات درهم، بارتفاع 11.4 في المائة على أساس سنوي؛ وهو ما دفع الجواهري إلى طرح فكرة فرض ضريبة على التعامل بـ”الكاش”، في ندوة أقيمت خلال شهر مارس من السنة الجارية.

الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي بالكاد حققت بعض النتائج. وفي مجال الأداء عبر الهاتف لم يتم تسجيل انخراط كبير، خصوصا من طرف التجار؛ لأنهم يشكلون النقطة الأكثر أهمية في استعمال المغاربة للنقد بشكل يومي، والأسباب وراء ضعف الإقبال مرتبطة بغياب التحفيزات الحكومية في هذا الصدد وخوف المعنيين من الملاحقة الضريبية، وينضاف إليها اليوم فرض الشركات لرسوم إضافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى