أخبار العالم

انقطاع التزود بالمياه وتراجع قوة الصبيب يختبران صبر مناطق في المغرب



بدأ شبح العطش يرخي بظلاله على المملكة ويبث الخوف في نفوس المواطنين في عدد من المدن الكبرى، التي بات قاطنوها مجبرين على التعايش مع انخفاض الصبيب والانقطاع المتكرر للمادة الحيوية خلال فصل الصيف الذي يبدو أنه سيكون طويلا على المغاربة.

وتبقى مدن جهة الشرق من أكثر المناطق عرضة للعطش، إذ كانت مدينة وجدة خلال الأيام الماضية على موعد مع انقطاع متكرر للماء، أثار غضب العديد من السكان، الأمر الذي ينبئ بجملة من التحديات التي سيواجهها المشرفون على تدبير القطاع بعاصمة الشرق.

وتحسبا للوضع المائي الصعب في مدن الجهة، كانت وكالة حوض ملوية باشرت برنامجا استعجاليا لضمان تزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب، إذ عمدت إلى التنقيب عن المياه الجوفية وتجهيز الأثقاب الاستكشافية المنجزة لدعم تزويد مدن وجدة وتاوريرت وبركان وجرسيف والناظور والدريوش وبوعرفة؛ وهي المدن التي تشكل غالبية تراب الجهة، حيث عرفت التساقطات المطرية المسجلة خلال الفتـرة الممتدة من فاتح شتنبر 2022 حتى أبريل 2023 “عجزا واضحا ومتباينا” مقارنة بالمعدل السنوي.

من وجدة إلى الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمملكة، يبدو الوضع متشابها، إلا أن القلب النابض للمغرب يعرف انخفاضا على مستوى الصبيب فقط، في مؤشر دال على أن أزمة الماء الصالح للشرب مازالت متفاقمة في وجه البيضاويين.

وغير بعيد عن الدار البيضاء، توجد الكثير من التجمعات السكنية والقرى والمداشر التي تعاني في صمت من ضعف الموارد المائية وتراجعها، وبالتالي يتضح أن الصيف الحار سيكون صعبا على السكان في ظل شح المواد المائية وجفاف عدد من الآبار والعيون التي ظلت تمثل موردا رئيسا لهذه الفئة.

وتقفز إلى الواجهة مدن مثل مراكش وآسفي وبني ملال وخنيفرة، ومدن أخرى عديدة، تواجه تراجعات حادة على مستوى الموارد المائية، تصعب عيش الساكنة خلال فترة الحرارة التي يرتفع فيها استهلاك المغاربة لهذه المادة الحيوية التي لا غنى عنها.

في تعليقه على الموضوع، يرى الخبير عبد الرحيم الهندوف أن العطش الذي تواجهه مجموعة من المدن المغربية خلال هذه السنة يرجع أساسا إلى “ضعف المخزون المائي على مستوى السدود، واستنزاف الفرشة المائية لتلبية حاجيات سكان المدن”.

وأضاف الهندوف، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “ضعف التخطيط والبرمجة في عدد من المدن جعلها عرضة للعطش”، مبرزا أن “المشاريع التي برمجت لو تم إنجازها في وقتها لما عشنا هذه المشاكل”.

وشدد الخبير ذاته على أن “إنجاز محطة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء في وقته المحدد كان سيجنب العاصمة الاقتصادية للمملكة كل المشاكل التي تعيشها اليوم بسبب توالي سنوات الجفاف والتراجع المخيف لحقينة السدود المجاورة، ما دفع الحكومة إلى اللجوء إلى إنجاز مشروع الطريق السيار للماء، الذي يربط بين حوضي سبو وأبي رقراق، وهو ما سيمكن من تزويد الدار البيضاء الشمالية بالماء الصالح للشرب”.

ودعا الهندوف الحكومة إلى “الالتفات إلى سكان العالم القروي، وضمان تزويدهم بالماء الصالح للشرب في ظل الوضعية الصعبة”، مؤكدا أن “الولوج إلى الماء يمثل حقا من حقوق الإنسان، والدولة ملزمة بتيسير وصول المواطنين إلى هذا الحق”.

ورجح المتحدث في ظل الجفاف المتواصل منذ سنوات أن تكون “معاناة سكان البوادي أكبر من سكان المدن، لأنه في ظرف سنة جافة تنضب الآبار، ويصبح المواطن مطالبا بالمشي مسافات أطول بحثا عن الماء”، مجددا دعوته للدولة من أجل التدخل لضمان ولوج الساكنة القروية إلى الماء في المرحلة الراهنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى