إعجاز القرآن العظيم | صحيفة الخليج
أحمد حلمي سيف النصر
السحر والنور الباهر والحق الساطع والصدق المبين… كلمات لا تعبر معانيها عن جزء بسيط من الإعجاز العظيم في القرآن الكريم..إنه كتاب الهداية، ولغة الحياة وقصة الكون الصادقة من بدايته إلى نهايته، بل هو تجديد لميلاد الإنسان على اختلاف الحقب وتوالي الأجيال، ومرور الدهور والعصور…
نزل القرآن لمخاطبة النفس البشرية والأخذ بيدها، آمراً وناهياً، مرشداً وواعظاً، مبشراً ومنذراً، حارساً ومدافعاً، مصبراً ومسلياً، معلماً وموجهاً، سميراً وجليساً، صديقاً وأنيساً، فهو الحياة في سموها، والسعادة في أوجها.
الله أكبر إن دين محمد وكتابه أهدى وأقوم قيلا
لا تذكر الكتب السوالف عنده طلع الصباح فأطفئ القنديلا
إنه الكتاب الذي لا تنفد عجائبه، ولا تنتهي غرائبه، ولا يخلق على كثرة الرد..وإن ما نذكره الآن من وجوه خلوده وإعجازه، لهو قطرة من بحر ومن ذلك قوة أسلوبه في كل ما تناول، فهو قوي في التعبير عن الأحكام، والأخبار والربوبيات، كقوته في القصص وغيره، فليس هناك تفاوت في الأسلوب لاختلاف الموضوعات ثم اشتماله على قصص وأخبار الأمم الماضية، وموقف كل أمة من نبيها، كل هذا يسوقه القرآن في دقة بالغة، حتى كأننا نعيش في نفس الحوادث التي يعرضها، والذي بلغنا كل هذا إنما هو رجل أمي لا يعرف القراءة أو الكتابة، واشتماله على نظام في الأخذ به سعادة الأمم وفي البعد عنه تعاستها وشقاؤها {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}.
ونجد سمو الروح، ونبل الهدف في القرآن.. فهو ليس كتاب قصص أو تسلية، أو أدب أو حكمة أو فلسفة أو تاريخ أو اجتماع وإنما هو منهج متكامل للحياة الصحيحة في كل جوانبها.
ونرى جلال أثره الأدبي في لغة العرب، وحياتهم وأدبهم، وفي حياة المسلمين والعالم كله ثم بلاغة القرآن النادرة، التي لا يحيط بها وصف، ولا يستطيع أن يكشف عن خصائصها باحث….
ولا نستطيع أن نحيط بكل ما جاء به القرآن من إعجاز علمي مبدع، جعل العلماء يخشعون لجلال هذا الكتاب وسبقه في هذه الميادين…
هذا هو القرآن في سموه وجلاله، وسحره وجماله وخلوده وكماله، ولقد وقفت الإنسانية صاغرة أمامه، على الرغم مما يزخر به تاريخها من عباقرة وأساطين في الفكر والأدب والاجتماع، وما يحفل به من نوابغ لسن وخطباء… وصدق الله: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) الإسراء 85
إنه أفضل معجزات الرسول وأجلها شأناً.. نزل بأفصح اللغات وأبلغها، فقد سحر القرآن العرب منذ استمعوا إليه في اللحظة الأولى، سواء من شرح الله صدره للإسلام وأنار بصيرته، أو من طبع الله على قلبه وجعل على بصره غشاوة، فالوليد بن المغيرة قال يصف القرآن: «والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو ولا يعلى عليه».
[email protected]