رهانات الرباط والقضية الفلسطينية تؤجل قمة “النقب 2” في الصحراء المغربية
“طريق مجهول” ذاك الذي تسير فيه النسخة الثانية من “قمة النقب” التي تجمع دول اتفاقات أبراهام، إذ كان من المفترض انطلاقها شهر مارس الماضي قبل أن يتم تأجيلها إلى أجل غير مسمى.
ومنذ شهر مارس، الموعد المفترض لانطلاق القمة، التزمت الأطراف “الصمت” حيال الموعد الجديد، قبل أن تتم الإشارة بكلمات مقتضبة خلال الاتصال الهاتفي الأخير الذي جمع وزيري خارجية المغرب وأمريكا، ناصر بوريطة وأنطوني بلينكن، إلى “أهمية” هاته القمة، دون الحديث عن موعدها.
ومع هذه الإشارة، يزداد “الجدل” حيال موعد ومكان انطلاق القمة، التي عبرت أطرافها على أهميتها في تعزيز العلاقات الاقتصادية، ومواجهة “المد الإيراني”، وتحقيق التكامل الاقتصادي بين الدول العربية وإسرائيل، لكن مع توالي “تدخلات” الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، تشير تقارير إعلامية إلى أن “مصير القمة يتعلق بمدى تراجع حدة التصرفات الإسرائيلية، وكذا مواقف تل أبيب من قضية الصحراء المغربية”.
وبحسب تصريحات مصادر جيدة الاطلاع بالبيت الأبيض، أوردها موقع “أكسيوس” الأمريكي، فإن “حكومة نتانياهو تضغط بشكل متواصل على إدارة بايدن من أجل تحديد موعد دقيق لقمة “النقب 2″، وهو الأمر الذي استجاب له المسؤول الأمريكي، سواء عبر تعيين دان شابيرو، السفير السابق بتل أبيب، من أجل بعث الروح في اتفاقات أبراهام وتحديد موعد القمة، أو عبر اتصال بلينكن ببوريطة وبحث موعد محدد لها”.
وعلى صعيد آخر كشف مسؤول إسرائيلي أن ” تل أبيب وافقت على طلب أمريكي من أجل تغيير اسم قمة النقب إلى شعار أقل يهودية، وذلك سعيا لجذب دول عربية أخرى”.
وأضاف المصدر الدبلوماسي سالف الذكر لصحيفة ” تايمز أو اسرائيل”، أن “الطلب جاء تحت طلب دول أعضاء بالمنتدى من بينهم المغرب والأردن ومصر والبحرين”.
القضية الفلسطينية
محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، قال إن “تطور الأوضاع الميدانية بالأراضي الفلسطينية يصعب تحقيق سلاسة في سيرورة العلاقات المغربية الإسرائيلية، الأمر الذي يلقي بظلاله على انعقاد قمة النقب الثانية”.
وأضاف بنحمو، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “انعقاد القمة في مدينة الداخلة لا يبعث أي خلافات داخل أعضاء اتفاقات أبراهام، بل بالعكس، الفكرة تحظى بتشجيع جميع الأطراف، في مقدمتهم واشنطن”.
واعتبر رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية أن “الموقف الإسرائيلي من قضية الصحراء يبقى غامضا، وهو من الأمور التي تعرقل تحديد موعد لقاء النقب، إذ ترفض الرباط مثل هاته المواقف المتذبذبة في سياستها الخارجية منذ إعلان العاهل المغربي أن الصحراء نظارة المغرب للعالم”.
الرهانات المغربية
شدد محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ علم السياسة والسياسات العمومية بجامعة القاضي عياض بمراكش، على أن “المحادثة بين بوريطة وبلنيكن، لم تحدد موعدا رسميا لقمة النقب، وهو أمر يزيد من الشكوك حول إمكانية عقدها بالأساس”.
وأضاف بنطلحة، في تصريح لهسبريس، أن “التغيرات التي تشهدها المنطقة، خاصة صعود اليمين المتطرف بإسرائيل، جعلت اتفاقيات أبراهام في موضع مهدد، وأثرت بشكل غير مباشر على انعقاد قمة النقب”.
وتابع أستاذ علم السياسة والسياسات العمومية بجامعة القاضي عياض بمراكش بأن “المغرب يضع رهانات سياسية واقتصادية على قمة النقب، كما يعول عليها من أجل بحث تطورات جديدة في القضية الفلسطينية، باعتبارها أحد أهم قضاياه”.
“تسمية دان شابيرو مكلفا باتفاقات أبراهام، تأتي محاولة من واشنطن لبعث الروح في العلاقات الإسرائيلية العربية”، يخلص المتحدث سالف الذكر، مؤكدا أن “انعقاد هاته القمة يتطلب تغيرات جيو-سياسية تهم إسرائيل أولا، وهي التغيرات التي ستستقبلها الرباط بصدر الرحب”.