منوعات

إزالة المقابر في مصر.. «أزمة تتجدد»



جدل كبير يثار في مصر حول إزالة بعض المقابر التي تخص مشاهير، وقامات دينية وأدبية وفنية.

مؤخراً، تقدمت عضوة بمجلس النواب المصري، بطلب إحاطة بشأن اعتزام محافظة القاهرة هدم وإزالة مقبرة الشاعر حافظ إبراهيم، وهو ما أثار قلق العديد من الأشخاص والجمعيات الثقافية.

وجهت النائبة طلب الإحاطة إلى كل من رئيس مجلس الوزراء، ووزراء الثقافة، والنقل والمواصلات، والتنمية المحلية. وتأتي هذه الخطوة من قبل محافظة القاهرة في إطار خطة تطوير العاصمة، التي يتضمنها تجديد وتطوير بعض الطرق والمناطق الحيوية، ولكن هذا الأمر يثير قلق الكثير من الأشخاص الذين يرون أن هذه المقبرة تمثل تراثاً ثقافياً مهماً.

كانت عائلة حافظ إبراهيم قد أطلقت استغاثات عاجلة تطالب بإيقاف عملية هدم المقبرة، وتشير إلى أن هذا الأمر يعد انتهاكاً للتراث الثقافي المصري، ويجب الحفاظ عليها كجزء من التاريخ الحضاري لمصر.

من جانبها، قالت الدكتورة مها عبد الناصر، عضوة مجلس النواب، إنها تقدمت بطلب إحاطة في البرلمان، وذلك بشأن إقدام محافظة القاهرة على هدم وإزالة مقبرة شاعر النيل حافظ إبراهيم.

وقبل عدة أيام كان إزالة مقبرة الشيخ محمد رفعت «قيثارة السماء» حدثاً مهماً شغل مواقع التواصل الاجتماعي، حيث خرجت حفيدة الشيخ محمد رفعت باكية على شاشات بعض الفضائيات، مستغيثة بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وأكدت أنها تلقت إخطاراً من المحافظة يفيد بهدم مقبرة جدها الموجودة بالسيدة نفيسة ضمن أعمال التطوير.

لم تمر ساعات قليلة على استغاثة حفيدة الشيخ محمد رفعت حتى أكد وليد يوسف مدير إدارة الجبانات بمحافظة القاهرة، أن مقبرة الشيخ «محمد رفعت» خارج نطاق الإزالة التي تتم في مقابر السيدة نفيسة لاستكمال أعمال تطوير محور صلاح سالم.

ومنذ شهور، كانت واقعة إزالة مقبرة الروائي يحيى حقي، حيث أكدت ابنته «نهى» أنه بالفعل تم نقل رفات والدها بسبب دخول المقبرة الموجودة في السيدة نفيسة في أعمال الهدم، موضحة أن والدها كانت وصيته الدفن بجوار آل البيت لأنه كان من مريديه، بحسب صحف محلية.

أيضاً عميد الأدب العربي طه حسين لم يكن في منأى عن هذه الأزمة، حيث انتشرت على مواقع التواصل صوراً لمقبرته وعليها علامة «إكس»، الأمر الذي أدى إلى خروج أهله مؤكدين أنه ستتم إزالة المقبرة لإنشاء كوبري موضحين أنه سيتم نقل رفاته إلى فرنسا حيث عاش طه حسين.

وبعد الضجة التي أثارتها قبل أشهر أنباء عن إزالة مقبرته، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً صورة لجسر يمر أعلى مقبرة عميد الأدب العربي.

الصورة المتداولة أثارت تساؤلات كثيرة من المصريين حول صحتها ومصير المقبرة الموجودة بحي الخليفة بالعاصمة المصرية، ورفات الأديب الراحل.

وللرد على هذه التساؤلات أكدت مها عون حفيدة الدكتور طه حسين ل«العربية.نت» أن الصورة صحيحة وأن الجسر الذي يمر فوق مقبرة جدّها هو عبارة عن محور يربط المنطقة المجاورة للمقبرة ببعضها، لافتة إلى أنه سيتم ترميم المقبرة بعد الانتهاء من أعمال إنشاء هذا الجسر.

وكان برلماني مصري قد تقدم بمقترح إلى مجلس النواب، بإنشاء ما وصفه ب«مقبرة العظماء» في العاصمة الإدارية الجديدة، على غرار مقبرة «البانثيون» في الحي اللاتيني في باريس، وقال النائب محمد فريد عضو لجنة الثقافة والسياحة والآثار بالبرلمان المصري: «إن إنشاء مثل هذه المقبرة، من شأنه أن يمثل حلاً نهائياً وحضارياً، للأزمة التي تثار على فترات بسبب، هدم أو إزالة أضرحة لرموز مصرية تاريخية، بسبب عمليات التطوير القائمة في البنية التحتية بالعاصمة المصرية، وخطط ورفع كفاءة شبكات الطرق وقال فريد: «إن إنشاء مثل هذه المقبرة، من شأنه أن يحولها إلى معلم سياحي كبير، يجذب الزوار من جميع أنحاء العالم، على غرار مقبرة البانثيون، التي تضم رفات نحو مئة شخصية فرنسية، من بينهم فلاسفة وقادة وعلماء.

ويتضمن المقترح تشكيل لجنة علمية لاختيار الشخصيات التي سيوضع رفاتها ضمن تلك المقبرة، وكذلك إقامة مسابقة بين «شباب المعماريين» لاختيار أفضل تصميم لتلك المقبرة المقترحة. كما شدد النائب على أهمية أن تكون المقبرة معلماً سياحياً يجذب الزوار الأجانب من جميع أنحاء العالم.

ويتخوف المؤرخ والباحث التاريخي د. خالد عزب، بحسب« الشرق الأوسط» من أن «يتسبب نقل مقابر شخصيات تاريخية من أماكنها القديمة، في افتقاد تلك الرموز السياق الجغرافي والتاريخي الخاص بها. فلا يتصور على سبيل المثال، نقل رفات الإمام السيوطي إلى مكان جديد، لأنه ارتبط بالقاهرة القديمة على كل المستويات»، موضحاً أن «فكرة بناء مقابر للعظماء في العاصمة الجديدة فكرة إيجابية لو اقتصرت على عظماء المستقبل فقط، مع الإبقاء على المقابر القديمة على حالها».

ويرى الباحث الأثري بسام الشماع، أن فكرة جمع عظماء مصر في مقبرة واحدة، قد تكون غير عملية «بسبب تنوع وتراكم الأسماء الجديرة بهذه الصفة»، على حد تعبيره، متسائلاً«على أي أساس، ووفق أي معايير سوف يُحكم على شخصية دون الأخرى بالعظمة؟».

ويتفق أستاذ علم الاجتماع د. سعيد المصري مع فكرة أن إقامة مقبرة واحدة قد تكون غير عملية، قائلاً إن «إقامة مقبرة العظماء في باريس، تمت على أساس ديني وسياسي. وأغلب المدفونين فيها من رجال الدين والضباط والسياسيين. وفي مراحل لاحقة، ضمت المقبرة بعض الفلاسفة والعلماء والأدباء والفنانين وأضاف المصري ل«الشرق الأوسط»، قائلاً: «لا أتصور أن الفكرة يمكن أن تصلح في مصر لأسباب تتعلق بالخلاف المحتمل حول المعايير التي يتم الاستناد إليها في تحديد العظماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى