أخبار العالم

عنوان مختلف للصراع.. ملكية الصينيين للأراضي تُقلق الأميركيين



وجاء توقيع حاكم فلوريدا أخيراً على مشروع قانون من شأنه تقييد شراء الصينيين لأراضي زراعية بالولاية، ليعيد إلى الواجهة ذلك الجدل، مُجدداً الحديث حول مدى ما يمثله تملك الصينيين لتلك الأراضي من مخاطر على الأمن الأميركي، خاصة في ظل الصراع المتنامي بين البلدين، ومع اعتبار واشنطن بكين “التحدي الأكثر أهمية” بحسب وثيقة الأمن القومي الأميركي.

ورغم ضعف نسبة ملكية الصينيين من إجمالي الأراضي المملوكة لأجانب في الولايات المتحدة، إلا أن عدداً من الولايات والمشرعين يسارعون الخطى من أجل وضع قيود جديدة على تملكهم، إضافة إلى جنسيات أخرى من دول غير صديقة للولايات المتحدة.

تلخص الكاتبة باتي والدمير، في مقال لها بصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، تفاصيل الأزمة (القديمة الجديدة) التي يتم استدعاؤها من جانب عدد من المشرعين الأميركيين وحكام الولايات، وتقول:

  • العشرات من الولايات وكذلك مشرعون فيدراليون يحاولون منع الصينيين من شراء الأراضي في أميركا.
  • سجلت ملكية الصينيين من حجم الأراضي الأميركية المملوكة لأجانب أقل من 1 بالمئة، وفقاً لتقارير وزارة الزراعة الأميركية في العام 2021. وقد ارتفع الرقم بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
  • نمت الاستثمارات الزراعية الخارجية للصين بأكثر من عشرة أضعاف بين عامي 2009 و2016، وهو ما يسبب توتراً بالنسبة لواشنطن.

من الناحية القانونية، تشير الكاتبة إلى أنه “لا يوجد قانون فيدرالي يمنع الأجانب في الوقت الحالي من شراء الأراضي بالولايات المتحدة، ولم يُناقش مشروع القانون المقترح حالياً في هذا السياق لحظر شراء الأراضي الزراعية الأميركية من قبل الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية أي مكان في الكونغرس إلى الآن”.

كما تلفت في الوقت نفسه إلى “مقترحات هذا الشهر تدعو لمنع الأجانب من شراء أراض بالقرب من ثماني قواعد عسكرية”، مُذكرة بالقضية التي أثارها اقتراح شركة Fufeng (شركة تصنيع أغذية صينية) بضخ استثمار كبير بالقرب من قاعدة عسكرية في داكوتا الشمالية (ولاية تقع في الوسط الغربي من الولايات).

  • الأسبوع الماضي، وقع حاكم فلوريدا قانوناً يمنع معظم الصينيين من شراء الأراضي الزراعية (مستغلاً ذلك للترويج لموقفه الخاص بوقف تأثير الحزب الشيوعي الصيني، وباعتباره مرشح محتمل للانتخابات الرئاسية). بينما حذرت جماعة ضغط أميركية (جماعة الأميركيون الصينيون المتحدون) من أن ذلك القانون “يضفي شرعية للتمييز والعنصرية تجاه الأميركيين الآسيويين”.
  • وقبل أيام قليلة ، وقع حاكم ولاية مونتانا أيضاً قانوناً يمنع الحكومات والشركات والأفراد من كل من (الصين وكوبا وإيران وكوريا الشمالية وكذلك روسيا وفنزويلا) من شراء الأراضي الزراعية أو تأجيرها.
  • كما يناقش المشرعون في تكساس قانوناً يقيد بعض الأجانب من شراء مثل هذه الأصول أيضاً.

مخاوف مبالغ فيها

وتعليقاً على ذلك، يعتقد الأكاديمي الأميركي أستاذ العلاقات الدولية في كلية هاملتون في نيويورك، آلان كفروني، بأنه “بينما تعمل الشركات الصينية بالتأكيد على زيادة استثماراتها العالمية في الزراعة، فإن الآثار المترتبة على هذا الاتجاه العام بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية مبالغ فيها إلى حد كبير”.

ويلفت في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أنه ” خلال جلسات الاستماع الأخيرة في لجنة بمجلس النواب مشكلة حديثاً ومتشددة للغاية بشأن الصين، أصدر سياسيون من كلا الحزبين تحذيرات معادية للأجانب بشأن ملكية الصين الأراضي الزراعية الأميركية، بما في ذلك اتهامات بأنه يتم شراء مزارع بالقرب من قواعد عسكرية لأغراض المراقبة”. لكنه يقلل من تلك المخاوف.

ويبرر الأكاديمي الأميركي أستاذ العلاقات الدولية في كلية هاملتون في نيويورك، ذلك بقوله: “في الواقع، إن نسبة أقل من 1 بالمئة من جميع الأراضي الزراعية الأميركية التي يتملكها الأجانب هي مملوكة لمواطنين صينيين”.

وبالعودة لمقال باتي والدمير، فقد نقلت عن مسؤول بالمركز الوطني للقانون الزراعي، قوله إن المعارك الحالية بشأن الملكية الأجنبية تعود إلى أيام الاستعمار، وفي أوائل القرن الماضي مُنع معظم الآسيويين من امتلاك الأراضي في عديد من الولايات.. والآن يحتدم الجدل مرة أخرى بوجود 34 ولاية أميركية تريد تقييد الاستثمار الأجنبي في الأراضي”.

هستيريا سياسية حول الصين!

وفي تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، يقول الأستاذ المشارك بجامعة كورنيل، ألين كارلسون، والذي يركز عمله بشكل أساسي على القضايا المتعلقة بالسياسة الصينية والسياسة الخارجية والأمن الآسيوي:

  • السياسة الأميركية منقسمة بشدة هذه الأيام.
  • ضمن هذا الانقسام هناك فقط قضية واحدة توحدهم: القلق بشأن صعود الصين وآثاره المحتملة على الولايات المتحدة.
  • بعض هذا القلق له ما يبرره، لكن يبدو أن الكثير منه مدفوع بما هو أقرب إلى “جنون العظمة” بشأن الصين.

ويتابع: “يبدو لي أن الملكية الصينية للممتلكات الأميركية (ومن بينها الأراضي) تندرج تحت هذا السياق”، مشدداً على أنه “من الصعب رؤية التهديد الذي تشكله مثل هذه الملكية على الأميركيين”.

ويضيف الأستاذ المشارك بجامعة كورنيل: “من السهل أيضاً أن نرى كيف ركز بعض السياسيين الأميركيين أخيراً على مثل هذه الممتلكات الصينية كطريقة لإظهار مدى قوتهم تجاه الصين”.

ويستطرد: لعل أفضل مثال على مثل هذه “العظمة السياسية” قد حدث في فلوريدا، حيث وقع الحاكم والمرشح الرئاسي، رون ديسانتيس، على مشروع قانون يحظر على المواطنين الصينيين شراء الأراضي في فلوريدا. ومن غير الواضح ما إذا كان هذا القانون دستورياً. بينما من الواضح تماماً أنه “نتاج هستيريا سياسية حول الصين أكثر من كونه تدبيراً سياسياً مدروساً جيداً”.

مكمن الخطر

وكان النائب الجمهوري، عضو اللجنة المعنية بشأن العلاقات الصينية الأميركية، قد نبه في أول اجتماع للجنة مارس الماضي، إلى كون الصين لا تعد لاعباً أساسياً في القطاع الزراعي ببلاده، لكن “تزايد حيازتها للأراضي بالخارج يعتبر أمراً مقلقاً بالنسبة لواشنطن”.

كما كشف عن أن بكين رفعت في السنوات الأخيرة حيازاتها من الأراضي الزراعية الأجنبية بنسبة ألف بالمئة، وتمتلك حوالي 1300 منشأة معالجة زراعية خارج الصين، وهو عدد ينمو بسرعة، حسبما أفادت الإذاعة الأميركية العامة NPR.

  • في نهاية مارس الماضي، وافقت أغلبية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في مجلس النواب على إجراء لحماية الأراضي الزراعية الحيوية لإنتاج الطاقة المتجددة، من المستثمرين الصينيين.
  • يقضي القانون بمنع الخصوم الأجانب من شراء أي عقارات مناسبة للطاقة المتجددة أو إنتاج الوقود المتجدد.
  • في الأشهر الأخيرة، زاد المشرعون الجمهوريون والمسؤولون في جميع أنحاء البلاد، من الرقابة على عمليات شراء الأراضي من قبل المستثمرين الأجانب.
  • العدد المتزايد من الأراضي التي تم بيعها، أثار مخاوف من أن الشركات والمستثمرين الأجانب، لا سيما من الصين، قد يسيطرون على إمدادات الغذاء والطاقة الأميركية الرئيسية.



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى