بالصدفة.. اكتشاف أثري مثير في “مقابر الشافعي” بمصر
“شاهد القبر” الذي يحمل تاريخ 229 هـ، تم اكتشافه، الخميس، خلال زيارة شباب مصريين لمقابر الإمام الشافعي قبل هدمها، وحينها لاحظوا وجود حروف كوفية في الجدار، فقاموا على الفور بإخراجها بأيديهم.
اكتشاف فريد
وفي حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، يقول الباحث في مجال التراث، مصطفى الصادق، إن “اكتشاف شاهد القبر داخل حارة الإمام الشافعي جاء من دون أي ترتيب مسبق، فالزيارة كان هدفها معاينة المقابر فقط قبل هدمها، والتي تضم قبورا منذ عصور قديمة”.
ويوضح: “في أحد المواقع التي تم إخلاؤها من الموتى استعدادا للهدم، دخلنا لمشاهدة شاهد قبر قديم، وفوجئنا حينها برؤية جدار مهدم في أحد زوايا الحوش، وبنظرة أقرب، لاحظنا وجود حروف كوفية غير منقوطة محفورة في الجدار”.
وينوّه الصادق إلى أنه “فور اكتشافهم شاهد القبر قرروا إخراجه بأيديهم، دون أن يعلموا أنهم على وشك اكتشاف شيء مذهل”، وذلك ضمن مشروع تطوعي، يقوم به هؤلاء الشباب لإنقاذ بعض التحف والآثار من التلف أو الضياع.
تفسير موثوق
ويتابع: “خلال نصف ساعة أو أقل، تم إخراج شاهد قبر كامل مكتوب بالخط الكوفي غير المنقوط من داخل الجدار. وبعد تنظيف الشاهد، تمت قراءته بمساعدة المختص حسام عبد العظيم، وتبين حينها أنه يحمل تاريخ 221 هـ”.
ويستطرد الصادق حديثه، موضحا أنه “تم تسليم الشاهد للآثاريين في حوش الباشا، وهو المكان المخصص لحفظ التحف والآثار في حارة الإمام الشافعي، وبعد تسليمهم الشاهد، قاموا بالاتصال بأستاذ التاريخ الإسلامي وخبير الخط الكوفي فرج الحسيني، وطلبوا منه مساعدتهم في قراءة وتفسير الشاهد”.
ويضيف: “بالفعل استجاب لطلبنا وتوجه إلى حوش الباشا لمشاهدة الشاهد، وبعد دراسة دقيقة، أكد أن هذا شاهد قبر يحمل اسم عبد الله بن عباس بن عبادة، والذي توفي في شهر رجب من سنة 229 هـ، لكن كان لدي رأي آخر، لأنني رأيت التاريخ المكتوب 221 هـ، فهناك اختلاف بسيط في كتابة الرقم 9 والرقم 1 في الخط الكوفي”.
ويرى الصادق أن رأي الحسيني “على الأرجح هو الأصح”، لكن هذا الاختلاف في التواريخ لم يؤثر على سعادة هؤلاء الشباب بالشاهد القبري، وشعورهم بالفخر بشأن تاريخ مصر وثقافتها”.
إشادة واسعة
ووصف الباحث في مجال التراث، شعوره في تلك اللحظة التاريخية، قائلا: “تراوح رد فعل الأثريين والسكان المحليين ما بين الدهشة والفرح والفخر بهذا الاكتشاف، كونه شاهد قبر نادر للغاية، ويعود إلى عصر الخلافة العباسية، ويحمل قيمة تاريخية كبيرة”.
ويستطرد: “نأمل في مشاهدة شاهد القبر الذي اكتشفناه داخل المتحف الإسلامي يوما ما، بعد أن تم تسليمه لحوش الباشا، والتي بدورها ستسلمه لوزارة الآثار المعنية بالخطوات المقبلة تجاه توثيق الأثر ووضعه في متحف من المتاحف المصرية”.
شواهد مصر
إبراهيم طايع أيضا، صاحب الـ 38 عاما، كان أحد الشباب الذين اكتشفوا شاهد القبر داخل حارة الإمام الشافعي، يوضح في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه في يوم 11 مايو الماضي، اتجه برفقة الصادق إلى قرافة الإمام الشافعي، وهناك التقى بعبد العظيم، مؤسس مبادرة (شواهد مصر)”.
ويشير طايع إلى دوره في مبادرة “شواهد مصر”، المتخصصة في الكشف عن التراث المفقود، الذي بدأ لحظة وجود مؤسسها داخل المقابر وقت عثورهم على الشاهد، والذي كان له دور كبير في إخراجه وتسليمه، إلى الجهة المسؤولة عن الأمر”.
ويقول الباحث في التاريخ والموثق لتراث الجبانات في مصر، إن “مبادرة شواهد مصر تقوم بدور رائع في التوعية بالحفاظ على التراث، وحملات تنظيف الأماكن الأثرية، وذلك الفضل يرجع لجهود أعضائها الذين تشرفت بمشاركتهم في هذا الاكتشاف المذهل”.
دعم منتظر
أما عن تخصصه في الاكتشافات، يوضح: “نقوم بتوثيق جبانات مصر منذ عدة سنوات، ومقابر القاهرة بالتحديد مليئة بالمدافن الأثرية لرموز مصر في كافة المجالات، لذا نحاول التركيز عليها من حين لآخر”.
ويأمل طايع في ختام حديثه، أن يتم دعم هؤلاء الشباب في مهامهم المتواصلة من قبل الجهات المعنية في الدولة المصرية، كونهم “عاشقين لتاريخها وتراثها، وما يقومون به ما هو إلا دور تطوعي منهم لتوثيق التراث المصري”.