أكاديمي مغربي يطالب بالإدماج الرسمي لمهارات التفكير في المناهج الدراسية
مقترح لإثارة حسّ التفكير لدى الناشئة المغربية قدمه الجامعي المغربي عمر بنعياش، أستاذ السوسيولوجيا بجامعة محمد الخامس بالرباط، الكاتب العام للجمعية المغربية لعلم الاجتماع، إذ دعا إلى تعليم الفلسفة للأطفال.
وفي “مرافعة” من أجل التجديد في علوم التربية، دعا بنعياش، في ندوة دولية لكلية علوم التربية في الرباط، أمس الإثنين، بمناسبة الذكرى الأربعين لتأسيسها، إلى تعليم مهارة التفكير للناشئة المغربية (التفلسف مع الأطفال)، معتبرا أن هذه المهارة “هي صمّام أمان أمام التحولات التي يعرفها المغرب على غرار باقي دول العالم”.
بنعياش نادى بإدماج تعليم مهارات التفكير بشكل رسمي في المناهج الدراسية، مع ما يستدعيه ذلك من تكوين للمربّين في إجازات تطبيقية بالكليات، في شعب الفلسفة وعلم الاجتماع، ولاسيما كلية علوم التربية.
ودعا رئيس الجمعية المغربية لعلم الاجتماع الجماعة العلمية إلى التفكير الجماعي في ما سمّاها “المعضلة التي تعاني منها منظومة التربية والتكوين”، المتمثلة في “تقديم التعليم الجاهز، بدل التعليم المبني على الحجاج وإعمال العقل”.
ورغم أنه مُدرك أن الدعوة إلى تعليم الفلسفة للأطفال سيَعتبرها الكثيرون “مسألة طوباوية”، وأن آباء وأمهات التلاميذ هم أول مَن سيعارض هذه الدعوة، على اعتبار أن تعليم الفلسفة “مرادف للتمرد على مختلف السلطة في المجتمع والنزوع نحو الإلحاد”، فإن بنعياش شدد على ضرورة “التفلسف مع الأطفال”.
وأردف المتحدث ذاته بأن الدعوة إلى تعليم مهارات التفكير تستدعي مطلبا آخر يتعلق بإعادة النظر في منهجية التدريس ودور المدرسة المغربية، “لأننا منذ ستين عاما ونحن نُمسي ونُصبح على فكرة أن المدرسة أُعدت لتكوين خريجين ليصيروا موظفين في الإدارة العمومية”، وزاد: “من غير المقبول وغير المعقول أن نستمر في بناء المناهج المعتمدة على قاعدة تلقين مهارات أصبحت توفرها تقنيات التواصل الحديثة بغزارة وبسهولة منقطعة النظير، وهو ما يستدعي إحداث تغيير عميق في البرامج الدراسية”.
ولفت الجامعي ذاته الانتباه إلى أن سؤال مدى قدرة الأطفال على تعلم الفلسفة “سؤال مشروع، لكنه مردود عليه، لأن دراسات علمية أثبتت أن الأطفال قادرون على التفاعل مع الفلسفة، وأنها تساعدهم على القراءة والحساب، اللذين يحتل فيهما التلاميذ المغاربة مراتب مخجلة”.
كما أشار بنعياش إلى أن موضوع تعليم الفلسفة للأطفال يحظى باهتمام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وزكّاه إحداثها كرسيا لتعليم الفلسفة للأطفال في جامعة نانت بفرنسا، منتقدا أسلوب التدريس في المؤسسات التعليمية المغربية، الذي يظلّ فيه دور التلميذ هامشيا، ما يُثبط مَلكة التفكير لديه.
وتساءل المتحدث: “مَن من المربّين سأل يوما هل الطفل الذي يجلس أمامه سعيد؟”، مضيفا: “هذا الأمر نفتقده في منظومتنا التربوية، وهو ما يجعل التلاميذ يعبّرون عن الفرح ويحتفلون عند نهاية السنة الدراسية كما لو أنهم كانوا سجناء أطلق سراحهم”.