آخر خبر

آداب استخدام الهاتف في الأماكن العامة


سأبدأ مقالي اليوم بموقف حصل لي في آخر أيام رمضان عندما قررت أن أذهب إلى الحلاق قبل العيد، وعندما دخلت للصالون وجلست على مقعد الحلاقة، دخل شخص آخر وهو ممسك بالهاتف الجوال ويتحدث بصوت عال، حيث لم يستطع الحلاق نفسه التحدث معه لطلب الجلوس على المقعد الآخر بجواري فقام بالتلميح له بيده للجلوس على المقعد، وانتظر الحلاق منه أن يتم إغلاق الهاتف، لكنه طلب من الحلاق البدء في ممارسة عمله في الحلاقة (رغم أنه لا يستخدم سماعة الأذن للهاتف) وبدأنا بكل أسف نسمع جميع ما يدور بينه وبين الطرف الآخر على الهاتف وكأننا مجبرون على سماع هذه المكالمة الساذجة وغير المهمة، ثم تشجع شخص آخر في قائمة الانتظار بالتحدث من جواله مع طرف آخر وبصوت مرتفع حتى أصبح صالون الحلاقة يعج بالضجيج المزعج وكأن هؤلاء الأشخاص في منازلهم الخاصة وليسوا في أماكن عامة فيها الكثير من البشر الذين لابد من احترامهم وتقديرهم خاصة إذا كانوا من كبار السن أو ممن يقرؤون عند الانتظار أو يستغفرون أو من أصحاب الأمراض المزمنة أو ممن لا يحبون الأصوات العالية والإزعاج.

في الأماكن العامة مثل المعارض والمستشفيات والمساجد والمطاعم والأسواق ومقر العمل والحدائق العامة والدوائر الحكومية والمصاعد الكهربائية ووسائل المواصلات وغيرها، لابد للشخص أن يراقب سلوكه ويوجهه وفق الآداب العامة وليس وفق ما يراه هو صوابا وخاصة عند استخدام الهاتف، حيث ليس من المطلوب أن يتأقلم المتواجدون في الأماكن العامة مع الإزعاج الذي تسببه لهم هذه المكالمة، أو رنين الهاتف الصاخب أو مشاهدة مقاطع الفيديو بصوت عال أو الرسائل الصوتية الخاصة، وهنا كان لابد من التوضيح بأن استخدام الهاتف في الأماكن العامة له آداب كثيرة ومن الضروري الالتزام بها ومراعاتها لعدم مضايقة الآخرين واحترام خصوصياتهم ومشاعرهم ومتعتهم في هذه الأماكن.

آداب استخدام الهاتف في الأماكن العامة هي آداب كثيرة ولكننا سوف نركز على الأهم منها والأبرز وتتمثل في الآتي:

– تجنب استخدام النغمات المزعجة التي تضايق الآخرين وتستفز مشاعرهم وانتباههم، وذلك باختيار نغمات هادئة.

– إغلاق الهاتف في الأماكن العامة وخاصة المغلقة أو تثبيته على الوضع الصامت أو الاهتزاز عند الضرورة للتنبيه فقط.

– التحدث بصوت منخفض عند الضرورة لعدم إزعاج الآخرين والحفاظ على خصوصية المكالمة الشخصية.

– عدم الاستماع للموسيقى أو مشاهدة مقاطع فيديو بصوت مرتفع، ويمكن عند الضرورة استخدام سماعات الأذن.

– في حالة المكالمات الضرورية يمكن الخروج من الأماكن العامة المغلقة لإتمام المكالمة بعيدا عن آذان الآخرين.

– تجنب المكالمات المطولة في حضرة الوالدين أو مع الأصدقاء أو خلال زيارة الأقارب والاستئذان منهم عند الضرورة.

– عدم استخدام مكبّر الصوت في الهاتف عند تلقي المكالمات إلا عند الضرورة، ويفترض الاستئذان من الطرف الآخر.

– استخدام خاصية البريد الصوتي عند التواجد في الأماكن العامة بدلا من عدم الرد على المكالمات الضرورية.

– يستحب عدم استخدام الهاتف عند تناول الوجبات خاصة إذا كان الطعام في الفم، لأنه ليس محرما شرعا.

وأخيرا وليس آخرا فالهاتف الجوال سلاح ذو حدين يمكن استخدامه بالطريقة الإيجابية التي تساعد البشر على التواصل مع الأهل والمقربين والأصدقاء وفي حالات الطوارئ وتخزين المعلومات الخاصة والمنبهات واستخدام وسائل الترفيه فيه مثل الألعاب والأغاني ومقاطع الفيديو والاستفادة من التطبيقات المفيدة مثل تطبيقات الخدمات ووسائل التواصل الاجتماعي، ويمكن أيضا استخدامه بالطريقة السلبية كإزعاج ومضايقة الآخرين وعدم احترامهم في الأماكن العامة والإلهاء عن أداء المهام العملية والشخصية والانفصال عن العالم الخارجي وعدم المحافظة على الخصوصية الشخصية والهوس والإدمان في الاستخدام، ناهيك عن الأضرار الصحية الناتجة عن كثرة التعوّد على استخدام الهاتف الجوال مثل أمراض السرطان والعقم والتشوهات الخلقية وأضرار العين والأذن والإشعاعات الصادرة منه خاصة عند النوم بالقرب من الهاتف الجوال والتي تؤثر على خلايا المخ، وزيادة التوتر والقلق في حالة عدم استخدامه لأي سبب كان، والأهم من ذلك هو إعاقة التفكير لدى البعض بسبب توفر محرك البحث «قوقل» الذي يعرض حلولا قد لا تكون مناسبة لديننا وعاداتنا وتقاليدنا الإسلامية والعربية خاصة للشباب والمراهقين والأطفال.

أما الحكمة التي أعجبتني في هذا السياق هي التي تقول «أغلق فمك قبل أن يغلق الناس آذنهم» لأننا نستطيع التحكم في أفواهنا ولكن لا نستطيع التحكم في آذان الآخرين.

[email protected]



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى