“الكورال هو أنتم”.. فرقة مغربية تعزف والجمهور هو “المغني”
سطع نجم أمين بودشار على خشبات المسارح ودور العرض في المغرب وفرنسا، بفضل تقديمه مع فرقته عرضا غريبا من نوعه، حيث لا يحتاج إلى مطرب لأداء معزوفاته، لأن الجمهور هو من يتطوع بذلك.
ترتفع أصوات الجماهير داخل صالات العرض تحت تلويحات المايسترو، لتمتزج بنغمات الآلات، فهم لم يأتوا فقط لكي يرخوا آذانهم لنوتات الموسيقى، بل لكي يسهموا في إبداع لوحات غنائية متنوعة، مطلقين العنان لمواهبهم.
من الأرقام إلى الأنغام
مقولة كونفوشيوس: “اختر وظيفة تحبها ولن تضطر إلى العمل يوما واحدا طيلة حياتك” تنطبق على بودشار، الذي قطع مساره المهني مهندسا للإحصائيات، للتفرغ لإدارة مشروعه الفني الذي يحمل عنوان “La chorale ..c’est vous”، بمعنى “الكورال هو أنتم”.
وعن خروجه عن سكة الأرقام لدخول عالم الأنغام، كشف المايسترو لموقع “سكاي نيوز عربية” أنه هاجر من مدينة المحمدية غربي المغرب إلى باريس لمتابعة دراسته في الأقسام التحضيرية، بعد حصوله على بكالوريا في العلوم الرياضية.
وفور تخرجه، دخل الشاب الطموح الحياة العملية سنة 2014 من خلال مجال المال والأعمال، لكن ثنايا القدر كانت تحمل له مآرب أخرى، بحكم شغفه بالموسيقى وعزفه على آلة الأورغ بين الفينة والأخرى.
تحسس الشاب قلبه، ووضع نصب عينيه شغفه للفن، فأقدم على تأسيس فرقة موسيقية سنة 2018 أطلق عليها اسم “ميزان”، كان معظم طاقمها من الهواة.
لم يدخر بودشار جهدا لتطوير تجربته الأولى، خلال فترات الحجر الصحي الناتج عن انتشار جائحة كورونا، فما كان إلا أن أنشأ فرقة جديدة تتألف من موسيقيين محترفين، يعرفون الآلات كما يعرفون أبناءهم.
تجربة فريدة
قال بودشار لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن “فكرة إشراك الجمهور في الغناء تمثل بادرة غير مسبوقة، تمكن من خلق الانسجام بينه وبين الأوركسترا، وتخرجه من الرتابة”.
كما كشف أن “هذه الطريقة لقيت صدى واسعا، لأنها تفتح عيون الجمهور على التراث المغربي الأصيل، وتجعل الشباب يكتشفون ما كان يردده آباؤهم وأجدادهم من موسيقى وترانيم”.
ولفت المتحدث إلى أن “فريق عمله يقوم بإرسال نصوص الأغاني التي سيتم عزفها إلى الجمهور عبر البريد الإلكتروني، مباشرة بعد حصولهم على تذاكر الدخول للحفل عبر الإنترنت، لتمكينهم من الاطلاع على جدول الأغاني ومواكبة الفرقة الموسيقية أثناء العزف”.
وكانت أول تجربة أطلقها المايسترو في العاشر من يونيو 2022، بالعاصمة الفرنسية، ومنذ ذلك الحين راكم التجارب وأصبح ينظم حفلات في فرنسا والمغرب، معتمدا على فريقين للعمل بين الضفتين يضمان حوالي 50 عازفا.
تجديد الموسيقى المغربية
إلى جانب عزف مقاطع من التراث المغربي، يسعى بودشار إلى تجديدها وإعطائها نفسا جديدا، من خلال إدخال تحسينات وتعديلات، يقوم من خلالها بإعادة إحياء أصناف من الموسيقى المغربية، لا سيما منها الشرقية أو السوسية.
كما يسعى الشاب المغربي، بمدن كبرى كالرباط ومراكش ووجدة، إلى توسيع آفاقه عن طريق عزف بعض المقاطع الفرنسية الكلاسيكية.
ويعد المايسترو بمزيد من المفاجآت، من بينها دعوة فنانين كبار لإمتاع الجمهور بأحدث الأغاني.
تجدر الإشارة إلى أن هذا النمط الجديد من الحفلات لقي استحسانا من فنانين كبار، حيث أعادت الفنانة السورية أصالة نصري نشر مقطع موسيقي لبودشار على صفحتها في “إنستغرام”، عبر خاصية “القصص” (الستوري)، مشيدة بـ”الاجتهاد” الذي يُعرف الجمهور على أصناف متعددة من الأغاني الطربية والعصرية.