تراجع مفاجئ لأسعار بيع الحبوب يثير استياء الفلاحين مع بداية موسم الحصاد
بعدما ظلت أسعار الحبوب تشهد ارتفاعا متواصلا طيلة الأشهر الماضية، تفاجأ الكثير من الفلاحين والمنتجين بعد أيام قليلة من بدء موسم الحصاد في المغرب بالتراجع “المخيف” الذي عرفته أسعار القمح، وبلغ في بعض المناطق حوالي 50 بالمائة، الأمر الذي يتوقع أن تكون له تداعيات وخيمة على الفلاحين المنهكين بسبب الجفاف.
وأبدى البشير العبيدي، الفلاح المتحدر من منطقة حوض اللوكوس القريبة من مدينة القصر الكبير، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أسفه الشديد للوضع الذي يكابده الفلاحون بالمنطقة بسبب تراجع أسعار الحبوب.
وقال العبيدي: “نعمل طيلة السنة ونجتهد، وعندما نحصد المحصول يأتي ‘الشناقة’ ويسلبون منا رزقنا بثمن بخس بالكاد يغطي المصاريف”، وأضاف: “هذا الأمر يتكرر كل سنة بشكل غريب ولا أحد يتدخل لحمايتنا من جشع هؤلاء المضاربين”.
وأضاف المتحدث في التصريح ذاته: “قبل أسبوع فقط كان ثمن ‘الفرينة’ يبلغ 4.5 دراهم في السوق، واليوم أصبح التجار يشترون المحصول من الفلاح بـ2.5 دراهم. لا نعرف ماذا جرى ولا كيف”، مؤكدا أن التجار المعروفين في هذا المجال بالمنطقة يتفقون على سعر محدد في ما بينهم، ويبدؤون جمع المحصول بمختلف قرى ومناطق الإقليم.
وزاد الفلاح ذاته: “بعد شهرين من الآن سيشتري التجار المحصول كله من الفلاحين الصغار، ومباشرة بعدها تعاود الأثمان الارتفاع؛ وذلك في أشبه ما تكون بعملية سرقة منظمة”، معتبرا أن “الفلاح يمثل الحلقة الأضعف في المعادلة، في ظل غياب أي إطار أو جهة تدافع عن مصالحه، وتنصفه في مواجهة المضاربين والوسطاء”.
معاناة الفلاحين بحوض اللوكوس يواجهها أيضا فلاحو مختلف المناطق، ذلك ما أكده لجريدة هسبريس الإلكترونية رشيد بنعلي، رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية (كومادير)، معترفا بأن هذا الأمر يشكل “تحديا كبيرا لا يمكن حله”.
وقال بنعلي: “فعلا، تلقينا شكايات في الموضوع، وتباينت أسعار الحبوب من منطقة لأخرى، إذ بلغت في أحسنها 3.5 دراهم وأسوئها 2.5 دراهم. هذا الرقم كارثي بالنسبة للفلاح، ولن يحصل حتى مصاريفه من ورائه”.
وأضاف رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية أن “الفلاحين يتعرضون للاستغلال من طرف المضاربين والوسطاء الذين يعمدون إلى استثمار الأوضاع التي يعيشها الفلاح المغربي من أجل شراء محصوله بثمن بخس، نظرا لالتزاماته المتراكمة طيلة السنة”.
وخاطب بنعلي التجار والمضاربين قائلا: “حرام عليكم ما تفعلونه بهؤلاء الفلاحين، يشتغلون طيلة السنة وتأتون لاستغلالهم في مثل هذه الظروف؛ هذا عار”، معتبرا أن “هذا المشكل تصعب مواجهته، ويثبت مرة أخرى أن التسويق مازال يمثل مشكلا كبيرا بالنسبة للفلاحين، وهو أصل المشاكل التي يعانون منها في هذا المجال”.
كما أشار المتحدث ذاته إلى أن “الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية أخبرت وزارة الفلاحة بالموضوع والمشاكل المرتبطة به”، مؤكدا أن “المضاربين لا يمكن معرفتهم أو ضبطهم، لأن الأمر فوق المتصور، كما أن المناطق المزروعة شاسعة ولا يمكن تغطيتها”، ومعتبرا أن الثمن المرجعي للحبوب محدد في 3 دراهم، وهو الذي يلتزم أرباب المطاحن بالشراء به من السوق الوطنية.
وشدد بنعلي أيضا على ضرورة الاشتغال على إيجاد حل لهذا المشكل، مبرزا أن “الفدرالية ترى أن الحل الوحيد على المدى المتوسط هو التعاونيات الفلاحية التي يجمع فيها الفلاحون إنتاجهم لتبيعه للمطاحن؛ وهو الحل الذي يتم الاشتغال من خلاله في فرنسا وجل دول أوروبا”.
وتابع رئيس كومادير بأن الفلاحين يجب أن يتكتلوا في تعاونيات لتجميع المنتجات، لافتا إلى أن “هذا الأمر كان جاريا به العمل في المغرب بعد فترة الاستعمار”، وموضحا أن “التخلي عن هذه التعاونيات وإغلاقها كان بسبب مشاكل وسوء التدبير”.