خبير يدعو إلى اللجوء لزراعات مقاومة للظروف المناخية الصعبة في المغرب
يسود الاقتناع في المغرب، سواء لدى مؤسسات الدولة أو المجتمع المدني والمواطنين بشكل عام، بمواجهة المملكة لظروف صعبة فرضتها ندرة التساقطات وتوالي سنوات الجفاف؛ وهو ما ترجمته التعليمات الملكية الأخيرة التي أعطاها في جلسة عمل خصصت لتتبع البرنامج الوطني للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020-2027، الذي رُفعت ميزانيته إلى 143 مليار درهم.
وإذا كانت الحكومة المغربية قد أطلقت مشاريع وصفتها بالاستعجالية لضمان تزويد المدن المهددة بالعطش بالماء الصالح للشرب، كـ”الطريق السيار للماء” الذي سيربط حوضي سبو وأبو رقراق، فإن توفير الماء للري الفلاحي يعد إكراها يواصل قض مضجع المسؤولين على قطاعي الماء والفلاحة.
وبالموازاة مع الإجراءات ذات الطابع الاستعجالي والاستراتيجي التي انكبّت الحكومة على تنفيذها لتقليص أثر الوضع المناخي والمائي على سير الموسم الفلاحي، والتي من بينها تسريع برنامج مكافحة آثار الجفاف، يرى خبراء زراعيون أنه يجب وضع تطوير بذور قادرة على مقاومة شح المياه ضمن إجراءات هذه البرامج.
ويعكف باحثون ينتمون إلى مختبرات عديدة في عدد من دول العالم، من بينها المغرب، على تطوير أنواع مختلفة من البذور والخضر والفواكه والأشجار ومختلف الزراعات المقاومة للجفاف، بالاعتماد على تقينة الفرز الجيني؛ وهو توجّه يُتوقّع أن يقود ثورة زراعية في السنوات المقبلة، لا سيما في ظل تزايد مخاطر تغيّر المناخ وتأثيره على حجم التساقطات.
وسجل كمال أبركاني، الخبير الزراعي الأستاذ بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، أن تطوير هذا النوع من البذور يعد من حلا من بين عدد من الحلول الضرورية الداعمة لجهود تقليص آثار الجفاف بالميدان الزراعي، بالاعتماد على التحسين أو الفرز الجيني.
وأضاف أبركاني، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الجفاف بدأ يغيّر من معايير استيراد البذور، إذ كان المستوردون في السابق يبحثون عن البذور وفيرة الإنتاج والمقاومة للحشرات والأمراض؛ بينما يبحثون الآن عن البذور المتلائمة مع ظروف الجفاف.
ونصح الخبير الزراعي ذاته بجلب بذور ومزروعات مطوّرة سلفا في مختبرات أجنبية ومتوفّرة في الأسواق الدولية ومحاولة أقلمتها مع المناخ المغربي المتنوع حسب الجهات؛ وهو ما سيمكن أن يقلّص نسبة كبيرة من استهلاك مياه الري.
موازاة مع تلك الخطوات، دعا الأستاذ بالكلية متعددة التخصصات بالناظور إلى دعم وتطوير الأبحاث العلمية التطبيقية بالمغرب حول تقنية الفرز الجيني في الميدان الزراعي، مؤكدا على توفّر المغرب على مؤهلات واعدة في هذا المجال من مراكز للأبحاث العلمية وطلبة باحثين ومختبرات متخصّصة تتوفّر على تجهيزات حديثة يمكن الاستعانة بها، تحتاج فقط إلى إعادة الهيكلة لتتناسب مع حاجيات الميدان، وإتاحة إمكانية التعاون مع الشركات الخاصة والفلاحين ميدانيا.