النظام الجزائري يواجه قرار البرلمان الأوروبي بمحاولة إقحام اسم المغرب
استقبل الشارع السياسي بالجزائر لائحة البرلمان الأوروبي باستياء وغضب شديدين، بعد أن رسمت “صورة قاتمة” عن الوضع الحقوقي والإعلامي بالبلاد.
وتغيرت لهجة المكونات السياسية الجزائرية تجاه البرلمان الأوروبي، بعد أن استحسنت قراره ضد المغرب شهر فبراير المنصرم، بحسب وسائل إعلام محلية، ليخرج اليوم البرلمان الجزائري ببيان “شديد اللهجة”، وصف فيه اللائحة بـ”التدخل السافر في الشؤون الداخلية للبلاد، ومحاولة للتغاضي عن الأوضاع في فلسطين والصحراء المغربية”.
بدوره، وجه الحزب الحاكم بالجزائر، “جبهة التحرير الوطني”، في بلاغ له، ادعاءات بوجود “تدخل لأطراف أجنبية في لائحة البرلمان الأوروبي”، كما انتقد “تغاضيه” عن قضية “موروكوغيت” التي تدعي تقديم المغرب رشاوى لبرلمانيين أوروبيين، وهي الادعاءات التي يغيب عنها دليل ملموس إلى حدود الساعة.
وبما يصل إلى 536 صوتا، وامتناع 18 ورفض أربعة أصوات، وجه البرلمان الأوروبي دعوات إلى الجزائر بالإفراج عن الصحافي إحسان القاضي، الذي يواجه السجن لخمس سنوات بتهم “الإضرار بالأمن العام للدولة”، كما طالب بـ”رفع الرقابة على الإنترنيت، والتوقف عن حجب المواقع المعارضة، والسماح للصحافيين الأجانب بزيارة البلاد”.
وليد كبير، الصحافي الجزائري المعارض، يرى أن “هذا القرار كان واضحا، وأزال الستار عن الوضع الحقوقي والإعلامي المتردي بالجزائر، ولم يحمل أي مزايدات، بل بالعكس كان واضحا وشفافا”.
وبين كبير في حديث لهسبريس أن “هذا القرار يأتي عكس تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، التي ادعى فيها في اليوم العالمي لحرية الصحافة وجود تقدم في الشأن الحقوقي بالبلاد، كما صرح بعدم وجود صحافيين في السجن”.
واستطرد الصحافي الجزائري المعارض بأن “النظام الجزائري كان خاطئا باعتقاده أن استغلال ورقة الغاز في سياق الأزمة الأوكرانية سيجنبه سهام النقد الأوروبي للوضع الحقوقي المتردي بالبلاد”، موردا بذلك أن “الأوروبيين لا يهمهم تطور الوضع الحقوقي بالجزائر أكثر مما يهمه ابتزاز نظامهم للحفاظ على مصالحهم الخاصة”.
“إدراج اسم المغرب في بلاغات الطبقة السياسية الموالية للنظام الجزائري دليل على فشله في تشويه صورة المملكة في المنتظم الأوروبي”، يتابع المتحدث سالف الذكر، معتبرا بذلك أن الوضع الحقوقي بالجار الشرقي “مترد بشكل مستمر ولا يمكن إخفاؤه بهاته البلاغات، التي تحاول خلق عدو خارجي من أجل التغطية على الوضع الداخلي”.
وحول طبيعة الرد الذي ستنتهجه الخارجية الجزائرية، شدد الكبير على أن “النظام سيستغل المسألة من أجل تمرير دعايته الداخلية، ومواصلة تصوير وجود طرف خارجي في الموضوع عبر توجيه أصابع الاتهام إلى المملكة المغربية”.
من جانبه قال محمد شقير، المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي، إن “التحركات التي يباشرها البرلمان الأوروبي تأتي في إطار عمله الروتيني غير الملزم، وما وجهها من اتهامات للجزائر لا تختلف عن تلك التي أبرزها للمغرب”.
وأورد شقير في تصريح لهسبريس أن “ردود الفعل الجزائرية الغاضبة تجاه هذا القرار تعد أمرا عاديا، وكان من المتوقع أن تكون لهجة برلمانها بهذه الحدة”، مشيرا إلى أن “أوروبا ترى أن من حقها أن تنجز تقارير حول حقوق الإنسان في الدول الأخرى، على غرار ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية”.
وبين المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي عينه أن “الحروب الكلامية التي ينتهجها النظام الجزائري عبر توجيه اتهامات للمغرب بالضلوع في قرار البرلمان الأوروبي تجعل الرباط منخرطة في ذلك، فيما البلدان معا لا يمكن أن يغيرا من توجه البرلمان الأوروبي”.
وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “قرارات البرلمان الأوروبي، سواء حول المغرب أو الجزائر، لا يجب أن تأخذ اهتماما كبيرا، خاصة أنها تبقى توصيات غير ملزمة ولن تؤثر في شراكات الاتحاد الأوروبي الرسمية مع هاته الدول”.