دراسات وبحوث نقدية في أدب الأطفال العربي بـ «القرائي للطفل»
تشهد الحركة النقدية العربية فيما يخص أدب الطفل حراكاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، نتيجة ما يشهده طفل اليوم من انفتاح على الثقافات الأخرى، التي تضع كتاب أدب الطفل ونقّاده أمام تحديات عدة، أبرزها كيف يمكن إرضاء ذائقة الطفل العربي، والحفاظ في الوقت نفسه على الثوابت العربية في النصوص المقدمة، وهذا أحد أهم المباحث التي يتعرض لها النقد بشكلٍ مستمر.
ويتيح مهرجان الشارقة القرائي للطفل في دورته ال14 فرصةً ثمينة للمهتمين بالكتابة للطفل ليطّلعوا على أهم الإصدارات النقدية التي بإمكانها أن ترشدهم وتعطيهم تصوراً عاماً عن هذا النوع الأدبي الهام، ومن هذه العناوين:
«أدب الطفل في دولة الإمارات» للكاتبة الإماراتية ليلى عبدالله البلوشي من المؤلفات النقدية الهامة التي تؤرخ لبدايات الكتابة للطفل في الإمارات، منذ الحكايات الشفاهية التي كانت ترويها الجدات للصغار قبل النوم، وحتى أدب يومنا الحديث، تركز المؤلفة على أهم العناصر الفنية التي يجب توفرها في قصص الطفل الجيدة، وأولها الفكرة البنّاءة، ثم تأتي الحبكة التي يجب أن تكون ملأى بالحركة والحيوية حتى لا يملّ الطفل، بعدها البناء المتماسك للشخصيات، والأهم من وجهة نظر البلوشي الأسلوب الذي تُكتب به القصة، والاهتمام بتقنية السرد والحوار، وغيرها من التفاصيل النقدية الهامة التي امتلأ بها الكتاب.
وتركز بديعة خليل الهاشمي الناقدة الإماراتية في دراستها الهامة بعنوان «الهوية الوطنية في قصص الأطفال بدولة الإمارات العربية المتحدة» على ضرورة الاهتمام بمسألة الهوية الوطنية فيما يقدم للأطفال من قصص، وتبحث في العلاقة بين الطفل وموضوع القصة والهوية الوطنية وبنية التشكيل الفني، لتؤكد على عدة أهداف هامة من هذه الدراسة النقدية، كرصد العلاقة القائمة بين الطفولة والوطن، وبين الطفولة والأمة، والتأكيد على الأهمية التربوية الكامنة خلف القصص الموجهة للأطفال، باعتبارها اللبنة الأساسية لبناء الطفل الإماراتي، الحامل لشعلة النهضة في الغد. وأفردت الكتابة مساحةً لا بأس بها لبحث المشاكل الفنية التي تواجه كتاب القصة في الإمارات.
وكتاب «أدب الأطفال وثقافتهم» للناقد الكبير د. سمير روحي الفيصل، من العناوين الهامة المتاحة في «الشارقة القرائي للطفل» أمام جمهور المهتمين بأدب الطفل، قدم فيه الفيصل الكثير من التوصيات النقدية الضرورية لضمان كتابة أدب طفل عربي قويّ ومتماسك وجذاب، وأولى هذه التوصيات الاهتمام بثقافة الطفل العربي في المراحل العمرية الثلاث، والحرص الشديد على التوازن بين الطابع الأدبي والعلمي في ثقافة الطفل العربي، والأهم من وجهة نظر الفيصل فيما يتعلق بأدب الطفل المترجم، انتقاء النصوص التي تلائم مزاج الطفل العربي، والتدقيق في ترجمتها ولغتها، وأخيراً تشجيع الألعاب الابتكارية والتعبير الحر، والتدقيق في الخيال العلمي والحرص على الالتزام باللغة العربية الفصحى فيما ينشر للطفل العربي.
ويقدّم «مهرجان الشارقة القرائي للطفل» الذي يُقام في «مركز إكسبو الشارقة» وتستمر فعالياته حتى 14 مايو، تجربة فريدة لكل أفراد المجتمع، بدءاً من الطفل، واليافع، وحتى الكبار، عبر الكثير من الإصدارات الورقية التي تعجّ بها أجنحته المختلفة، التي تستهدفُ بناء أسرة عربية مثقفة، ومحبة للقراءة والمطالعة.