آخر خبر

التبكير والتكبير | صحيفة مكة


من عطايا المولى العظيمة على البشر أن مكنهم من جوهرة حصينة لا تقدر بقيمة ولا بثمن وهي العقل بكيفية عمله الخاصة، والتي تجري بداخله لتأسيس التوقد الإبداعي؛ والذي حير في تشريحه الكثير من العلماء والباحثين في مجال علم النفس المعرفي والمخ والأعصاب، وكذلك المختصين في السلوك والتنمية البشرية.

فلسفة التبكير والتكبير أجدها آلية أداء عملية واستراتيجية وعي ذكية تنشأ جراء الالتفات لهذا الحيز الضخم الذي تجري فيه الكثير من الأوامر المعقدة والشفرات القابلة للتنفيذ والذي يحتاج إلى التبكير بالإسراع في العناية والرعاية للمراحل الأولية بالاستعداد لتلقين الأطفال أولى خطوات الإبداع القيادي الذي سينعكس في المراحل العمرية المتقدمة تدريجيا بالمبادأة والمبادرة لإيجاد الحلول للعقبات وكيفية تجاوز العثرات؛ والتكبير لإعلاء الشأن بالاحتواء والاهتمام وممارسة الحوار بالأحاديث المنزلية المتبادلة وفتح المجال بإعطاء فرص الاستقلالية وممارسة تحمل المسؤولية مع الدعم المعنوي المستدام الذي يشبع الجانب النفسي ويشكل الجرأة والإقدام.

برأيي فإن العامل البيئي يفوق العامل الجيني فقد يولد الطفل موهوبا ولكن الإبداع يحتاج إلى تلك الفلسفة الإجرائية من المؤسسات البيئية أولا، المؤسسة الوالدية الأب والأم بحسن التربية والرعاية ثم التعليمية بدعم المعلمين والمدربين وأخيرا المجتمعية من المحيطين لاستفزاز الجانب الإبداعي؛ فالعقل يترجم ما يتلقاه ويعكس ما تعود عليه وتبناه والعقل يخدم من يخدمه ويراعي من يراعيه ويعلي شأن من يعتمد عليه.

جميع من لديهم السلوك القيادي تمتعوا أساسا بصحة عقلية ونفسية مكنتهم من استشراف مكامن القوة وتعزيز جوانب التحسين في شخصياتهم وتشكلت لديهم القيمة الإبداعية والقامة القيادية.

العقل مصدر الحكمة والنفس منبع القوة وبين الحكمة والقوة يكمن الحس القيادي وهو الاستعداد بالتأثير على الذات والآخرين إيجابيا؛ وكلما زاد ذلك الشعور ارتفع معدل القدرة على تولي زمام الأمور.

من أمثلة القادة الذين تعايشوا مع فلسفة التبكير والتكبير سياسيا وعسكريا وفكريا ومعرفيا وإداريا:

  • الإمام علي بن أبي طالب – رضي الله عنه -، نشأ صغيرا في بيت النبوة وكبر على التحفيز إلى أن أصبح قائدا.
  • القائد صلاح الدين الأيوبي، الذي تربى في كنف والده القائد نجم الدين ونشأ في بلاط القائد نور الدين زنكي.
  • فقيه الأمة الإمام مالك بن أنس، منذ صغره كانت والدته سببا في رفع قيمته الفقهية بدفعه لحفظ القرآن والحديث.
  • الملك فيصل بن عبدالعزيز، مكنه والده – طيب الله ثراه – زمام القيادة وعمره 12 عاما حتى أصبح ملكا.
  • بيتر دراكر، يعتبر أب الإدارة الحديثة ومستشار القيادة المعاصرة للعديد من الشركات نشأ بين أب محامي وأم طبيبة أثرا على شخصيته من طفولته لشبابه ومن أقواله «الإدارة أن تفعل الأشياء بطريقة صحيحة والقيادة أن تفعل الأشياء الصحيحة».

والأمثلة القيادية عديدة ومديدة.

بكروا وكبروا واستثمروا وانتظروا قادتكم.

Yos123Omar@



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى