القانون المغربي لا يجرّم الهيمنة على السوق الاقتصادية
قال محمد اخليفا، قاض برئاسة النيابة العامة، إن القانون المغربي لا يجّرم وضعية هيمنة فاعلين اقتصاديين على السوق طالما لم يكن هناك تعسّف يضرب مبدأ المنافسة الشريفة.
وقال المسؤول القضائي ذاته، في ندوة دولية نظمتها رئاسة النيابة العامة بتعاون مع المؤسسة الألمانية للتعاون القانون الدولي IRZ، حول “حماية النظام الاقتصادي ونظام المنافسة”، إن ما يجرّمه القانون هو التعسف في استغلال الوضع المُهيمن؛ من خلال بعض الممارسات التي تُخل بمبدأ المنافسة وتؤدي إلى التبعية الاقتصادية La dépendance économique، عبر وضع المقاولة المهيمنة لسياسات تضرّ بالسوق الاقتصادية.
وأوضح اخليفا أن معيار التعسف في استغلال الوضع المهمين هو الذي يبحث عنه القضاء، سواء النيابة العامة أو قضاء الحكم، حين ينظر في قضايا الممارسات المنافية لقواعد المنافسة وجرائم السوق الاقتصادية، وفي حال انتفائه “فإن الهيمنة في حد ذاتها مسموح بها قانونا”.
ولفت القاضي برئاسة النيابة العامة إلى أن القانون المغربي مبني على حرية الأسعار والمنافسة وينهج اقتصاد السوق ويشجع المبادرة الحرة، كما أنه يخول حرية المنافسة للمقاولات، وأنه لا يجرم وضعية الهيمنة “حتى ولو كانت هناك مقاولة تحتكر 99 في المائة من السوق، فلا شيء يمنع ذلك”.
وأضاف المتحدث ذاته أن مجلس المنافسة يوافق على 99.99 في المائة من طلبات التركيز الاقتصادي (دمج المقاولات)، لأنه لا يوجد هناك مانع قانوني.
وقال اخليفا إن التشريع المغربي تعزز بمنظومة قانونية جديدة تهدف إلى تمكين الفاعل الاقتصادي من ضمانات قانونية إضافية توفر للمستثمرين الأمن القانوني، من خلال ترسانة قانونية ملائمة للمعايير الدولية.
وأردف أن المستثمرين في المغرب يتمتعون بالأمن القانوني والقضائي الذي يوفّره قضاة النيابة العامة وقضاة الحكم، “من خلال أحكام تراعي المصالح والتوازنات الاقتصادية داخل السوق الاقتصادية الوطنية”.
من جهته، قال يورج نوثدرفت، رئيس قسم التقاضي والشؤون القانونية بمجلس المنافسة الفيدرالي بألمانيا، إن القانون الألماني، على غرار نظيره المغربي، لا يمنع الهيمنة على السوق؛ إلا في حال لجوء الشركات المهيمنة إلى ممارسات غير مشروعة، لمحاربة الشركات المنافسة أو التلاعب بالأسعار للإضرار بالمنافسين أو الإضرار بالجودة.
وأضاف المسؤول في مجلس المنافسة الفيدرالي الألماني: “إذا كانت هناك ممارسات تخلّ بقواعد المنافسة، فإننا نأمر المقاولة المعنية بالتوقف عن ذلك، وقد يصل الأمر إلى فرض تعويض المستهلكين، وإن كانت هذه الحالات نادرة”.
وفي هذا السياق، أشار المتحدث ذاته إلى أن المجلس ربح قضية لتعويض المستهلكين ضد شركة لتوزيع المياه، بعدما تأكد من أنها تبيع الماء للمواطنين بسعر أعلى مقارنة مع سعره الحقيقي.
ووضع مجلس المنافسة الفيدرالي الألماني، الذي يشتغل به أزيد من 400 إطار من المتخصصين في الشؤون الاقتصادية والقانونية، عددا من الإجراءات الرامية إلى تسهيل التوصل بالخروقات والممارسات المخلّقة بقواعد المنافسة في السوق الألمانية.
في هذا الإطار، قال يورج نوثدرفت: “نحتاج إلى من يقدم لنا معلومات في شتى أنواع الجرائم والممارسات غير الشريفة، سواء من داخل الشركات أو من السوق. ولذلك، وضعنا برنامجا لحماية الشهود الذين يبلغون عن المحتكرين وعدم متابعتهم، أو عن أية ممارسة غير قانونية، وهذه آلية مفيدة جدا لكشف هذه الممارسات. كما أننا نقوم بالتفتيش وحجز الوثائق وبيانات الحواسيب من إيميلات ورسائل هاتفية وغيرها من الأدلة”.