الجيش الإسرائيلي لا يحقق في مقتل الصحفيين- تقرير
- توم بايتمان
- بي بي سي – القدس
أحصت اللجنة الدولية لحماية الصحفيين 20 صحفيا قتلتهم القوات الإسرائيلية منذ 2021، وتنصلت من المسؤولية عن مقتلهم.
ووصفت اللجنة في تقريرها تعامل الجيش الإسرائيلي مع حوادث القتل التي تعرض لها الصحفيون بأنه “تعتيم متكرر وتهرب من التحقيق”.
وقالت إن مقتل الصحفيين وعدم التحقيق في قتلهم يشكلان “تهديدا خطيرا لحرية التعبير”.
ويأتي هذا التقرير عشية الذكرى الأولى لمقتل شيرين أبو عاقلة.
فقد تعرضت الصحفية الفلسطينية الأمريكية، مراسلة قناة الجزيرة، إلى إطلاق نار، خلال مداهمة للجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، يوم 11 مايوا/أيار 2022.
ويمثل الفلسطينيون أغلبية الصحفيين القتلى في العقدين الأخيرين.
وقال الجيش الإسرائيلي، ردا على التقرير، إن قواته لا تستهدف الصحفيين، الذين يجعلهم عملهم على مقربة من “أعمال الشغب العنيفة”، و”إطلاق النار” على القوات الإسرائيلية وعلى المدنيين.
وأضاف: “في عمليات القتال العنيفة، لا يستهدف الجيش الإسرائيلي المواقع العسكرية، ويتخذ جميع أسباب الحيطة والحذر الممكنة، من أجل تخفيف الضرر على المدنيين خلال عملياته”.
وقال الجيش الإسرائيلي أيضا إنه “يفحص ويحقق في عملياته من خلال تحقيقات مستقلة معمقة”.
وفصلت لجنة حماية الصحفيين في تقريرها ثلثي القضايا التي قتل فيها 20 من صحفيين ومراسلين، ومصورين، ومنتجين، وعاملين في الإعلام، برصاص الجيش الإسرئيلي، منذ 2001.
وبخصوص قضية شيرين أبو عاقلة، التي قتلت في مداهمة للجيش الإسرائيلي، في مخيم جنين للاجئين، يشير التقرير إلى أن السلطات الإسرائيلية لم “تحاسب أحدا” على القتل، الذي لم يكن، على حد تعبيرها، عملا معزولا.
فمنذ 2001، قتل 18 صحفيا فلسطينيا، وصحفي إيطالي، وآخر بريطاني، برصاص الجيش الإسرائيلي، ولم يحاسب أحد على القتل ولم توجه السلطات الإسرائيلية تهمة لأحد في هذه القضايا كلها، حتى الآن.
ويقول شريف منصور منسق لجنة حماية الصحفيين في الشرق الأوسط، إن “درجة زعم إسرائيل بأنها ستحقق في مقتل الصحفيين مرتبطة بالضغوط الخارجية”.
وأضاف قائلا: “هناك تحقيقات سريعة وخفيفة في مقتل الصحفيين الذين يحملون جوازات سفر أجنبية، ولكن ذلك نادرا ما يحدث مع الصحفيين الفلسطينيين المقتولين، وفي النهاية لا أحد منهم نال أي نوع من العدالة”.
وتصر إسرائيل على أنها أعمال قواتها تخضع لتحقيقات دقيقة.
فقد وضعت في 2014، نظاما “لتقصي الحقائق” في مقتل المدنيين، يمكن أن يتحول إلى تحقيق جنائي عن طريق المدعي العام العسكري.
ولكن بعد تسع سنوات من وضع النظام لم تصل أي قضية تتعلق بمقتل صحفيين إلى التحقيق الجنائي، ولم يحاسب أي جندي على قتل صحفيين، حسب التقرير.
ومن بين القضايا التي أبرزها التقرير مقتل المصور الصحفي الفلسطيني، ياسر مرتجى، والمراسل المستقل، أحمد أبو حسين، وقد قتلا برصاصة القناصة الإسرائيليين، في حادثين منفصلين، وهما يغطيان الاحتجاجات الفلسطنيين حول سياج محيط غزة في 2018.
واتهمت نقابة الصحفيين الفلسطينيين وقتها إسرائيل “بتعمد” قتلهما.
وزعم الجيش الإسرائيلي في رد على التقرير أن الصحفيين الاثنين “كانا موجودين في موقع لأعمال الشغب العنيفة، وأنه لم يجد شبهة تستدعي فتح تحقيق جنائي”، مع الجنود.
وبخصوص قضية مرتجى، يقول تقرير لجنة حماية الصحفيين إن وزير الدفاع وقتها، أفيغدور ليبرمان، أنفق أسابيع “محاولا تشويه سمعة الصحفي”، مدعيا أنه مسؤول كبير في الذراع العسكري لحركة حماس، دون أن يقدم أي دليل.
واتضح فيما بعد أن الصحفي نال الضوء الأخضر من السلطات الأمريكية للحصول على تمويل لتطوير شركته الإعلامية.
وفي قضية أبو حسين، طالب ناشطون في حقوق الإنسان الجيش الإسرائيلي بالتحقيق في مقتله.
ولكن تقرير اللجنة يقول إن الجيش الإسرائيلي أغلق الملف، بعد عامين، دون استجواب أي شهود، قائلا إنه لا توجد نية جنائية من طرف الجنود.
وقالت رجاء، والدة أبو حسين، إن الجيش الإسرائيلي لم يتصل بها أبدا بشأن التحقيق. وأضافت في تصريح لمعدي التقرير: “إن الرد النموذجي للجيش الإسرائيلي عندما يقتل المدنيين، هو أن “الجيش لم يفعل خطأ”.
وقالت: “أتمنى أن أقابل الشخص الذي قتل ابني. سأسأله لماذا قتل ابني، “أعتقد أنني لن أجد إجابة. إنه قناص. مهمته القتل”.
وينص القانون الدولي على أن إطلاق النار على المدنيين من قبل أجهزة الأمن ينبغي أن يكون إجراء أخيرا، هدفه الوحيد هو “منع تهديد وشيك، أو إصابة خطيرة”.
ودأب الجيش الإسرائيلي على الرد في قضايا قتل المدنيين، بمن فيهم الصحفيون، بأن الجنود استعملوا الأسلحة الفتاكة لوقف أعمال الشغب، أو بسبب إطلاق النار عليهم من قبل الفلسطينيين.
ويصف تقرير لجنة حماية الصحفيين تعامل الجيش الإسرائيلي مع قضايا قتل الصحفيين بأنه “تهرب متكرر من المحاسبة وإهمال للأدلة وإفادات الشهود، وترديد أكاذيب تتهم الصحفيين بالإرهاب، وعدم فتح تحقيق إلا تحت ضغط دولي”.
وقال الجيش الإسرائيلي، في وقت سابق، إنه “من المرجح” أن يكون جنوده أطلقوا الرصاصة التي قتلت شيرين أبوعاقلة، ولكنه وصف الحادث بأنه “غير متعمد”، وهو ما تعترض عليه عائلة الصحفية.
وأضاف الجيش أن سياسته في التعامل مع أحداث القتل خلال عملياته العسكرية وافقت عليها قرارات المحكمة العليا.
وقال شلومو زيبوري، المحامي في القضاء العسكري، لمعدي التقرير إن الجنود يفكرون مرتين قبل التحرك خشية تعرضهم للمحاكمة.
“أنا موكل عن جندي عامل في الجيش، وهو يخضع للتحقيق في قتل فلسطيني وجرح آخر”.
وأضاف: “لقد رماه أحدهم يزجاجة حارقة ولم يرد عليه، إنه مصدوم من الاستجوابات التي خضع لها أمام الشرطة العسكرية”.