أخبار العالم

التدخل الجزائري بليبيا مرفوض والعسكر يجهض الوحدة المغاربية‎‎



لا تزال تداعيات تدخل النظام العسكري الجزائري في الشأن الداخلي الليبي ترخي بظلالها سلبا على الوحدة المغاربية، بالنظر إلى احتجاج الحركة الأمازيغية على تحركات “قصر المرادية” بالمنطقة.

ومن أجل فهم أوضح لحيثيات التحرك الجزائري بالمنطقة، حاورت هسبريس فتحي بن خليفة، باعتباره مؤسس حزب “ليبيا الأمة” الذي شغل سابقا منصب رئيس الكونغرس العالمي الأمازيغي.

يتحدث بن خليفة، الذي عاش سنوات طويلة بالمنفى في عهد معمر القذافي، عبر هذه المقابلة، عن دوافع التدخل الجزائري في الشأن الليبي، ومرامي الجزائر من استهداف نشطاء الحركة الأمازيغية بشمال إفريقيا.

نص الحوار:

في خطوة سياسية غير معهودة في الأعراف الدبلوماسية العالمية، طلب سفير الجزائر من وزير الخارجية الليبية إنهاء مهام وأنشطة المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا. كيف تفسّر هذا التحرك المفاجئ للنظام الجزائري؟.

هي خطوة في غاية الخطورة، لأن ما وقع يعد تدخلا سافرا في الشأن الداخلي الليبي؛ بل أكثر من ذلك، فهذا التحرك لا يستهدف أمازيغ ليبيا أو سكان ليبيا فقط، بل يستهدف شعوب المنطقة المغاربية.

الأكيد هو أن النظام العسكري لن يحصر تدخلاته بالأراضي الليبية فقط، بل سيحاول كذلك التدخل في شؤون بقية الأقطار المغاربية؛ الأمر الذي يفسر طبيعة النظام الذي يقوم بمغامرات عنجهية غير محسوبة العواقب.

تلك التصرفات العسكرية الصبيانية يمكن أن تؤدي بالجزائر نفسها إلى مآل سياسي غير واضح المعالم. والدليل على ذلك هو ما يقع حاليا بالسودان بسبب الطغمة العسكرية المتخلّفة التي تحكم البلاد.

لقد تسبب الجيش السوداني في تقسيم “بلاد النيلين” رسميا إلى قطرين؛ فيما انقسم القطر الشمالي إلى أقطار أخرى تطالب بالحكم الذاتي أو الانفصال، بينما تتقاتل بقية القبائل فيما بينها بسبب الحرب الأهلية.

هذا ما أخشى عليه على الشعب الجزائري الشقيق، نظرا إلى الممارسات السياسية العسكرية الصبيانية بالمنطقة المغاربية. ولعلّ التدخل الجزائري في الشأن الليبي يعد مؤشرا أوليا يعكس نوايا جنرالات العسكر.

هناك من يفسّر تحركات النظام العسكري بالمنطقة المغاربية بأنها محاولة للتغطية على الأوضاع الداخلية الصعبة للشعب الشقيق. هل تتفق مع هذا الطرح؟.

نعم، الوضع الجزائري الداخلي خطير ومأساوي؛ ما دفع النظام العسكري إلى تصدير أزمته السياسية الخانقة المتراكمة على مدى سنوات إلى الخارج، من خلال تكثيف التحركات السياسية الخارجية بالمنطقة المغاربية والإفريقية.

كما أن النظام العسكري بات يستعمل خطاب التخوين والعنف والكراهية ضد نشطاء الحركة الحقوقية، والتجأ أيضا إلى محاكمة النشطاء بتهم الإرهاب؛ ما قد يؤدي إلى أفعال معاكسة في غاية التطرف للتعبير عن الذات ونيل الحقوق كما يراها أصحابها.

لكن النظام العسكري الجزائري لم يدرك بعد أن هذه الحيل أصبحت متجاوزة في يومنا هذا، لأن الشعب الجزائري واع بمراميها وأهدافها؛ ما يجعله يتعامل بسلمية مع الاحتجاجات الميدانية.

بهذه التدخلات، يهدد النظام الجزائري الأمن الإقليمي للمنطقة المغاربية؛ ما يتطلب ضرورة الإدلاء بمواقفنا السياسية الواضحة إزاء ما يقوم به النظام العسكري منذ مدة في عدد من الدول.

بالعودة إلى الوضع الداخلي الجزائري، اشتكت عشرات المنظمات الأمازيغية من التضييق على حقوقها السياسية والمدنية. إلى أي حد يمكن أن يصل هذا التصادم في المستقبل؟.

أصبحت تهمة الإرهاب لصيقة بكل المناضلين الأمازيغ الشرفاء الذين يدافعون عن بلدهم ضد النظام العسكري. لدينا علاقات وطيدة بهؤلاء المناضلين الذين تربطهم علاقات قوية ببلدهم الأم.

لماذا لم تحتج الجزائر على فرنسا أو بريطانيا أو الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص النشطاء الأمازيغ الذين يعيشون في المنفى؟.. لا تستطيع القيام بهذه الخطوة بكل بساطة؛ لكنها ارتأت الاحتجاج على ليبيا لاستعراض عضلاتها بالمنطقة.

فرحات مهني، على سبيل المثال، مناضل سلمي حقيقي يتهمه جنرالات الجزائر بالإرهاب، وهو الذي عانى من القمع السياسي لأنه قال الحقيقة كاملة، بدليل أنه حذر من رموز النظام السابق الذين يوجدون حاليا بالسجون.

هل يشكل النظام العسكري الجزائري فعلا تهديدا واضحا للوحدة المغاربية والاستقرار الأمني بالمنطقة في ظل الخطوات المتسارعة التي يقوم بها قصر المرادية؟.

يجب الاعتراف، أولا، بأن النظام العسكري أوهن وأضعف من أن يعزز مواقفه بأدلة موضوعية وواقعية بخصوص نظريات المؤامرة التي يتبناها؛ ما يجعله معضلة حقيقية بشمال إفريقيا لأنه يحارب كل ما هو عادل وديمقراطي.

فإذا كان معمر القذافي قد أحرق كل ليبيا وقتل شبابها ونكّل بشعبها للبقاء في السلطة، فصدّقوني بأن النظام الجزائري مستعد ليشعل فتيل الحرب والاقتتال بالمنطقة حينما سيستشعر لحظة نهايته.

هذا نداء حقيقي لكل عاقل في المنطقة لكي ينتبه إلى الخطر الداهم القادم من الجزائر؛ وبالتالي، من واجبنا التصدي له من خلال التوعية الحقيقية بتحركات النظام العسكري، والإدلاء بالمواقف الحاسمة.. من هنا، ينبع موقف حزب “ليبيا الأمة”، الذي ندد بتصريحات السفير الجزائري في ليبيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى