آخر خبر

التهجير القسري يهدد بانهيار إثيوبيا


في الوقت الذي يشاهد فيه العالم تفكك أوصال السودان بشكل مرعب، يمكن أن يجعل التقدم في دولة إثيوبيا المجاورة البلاد تبدو وكأنها نقطة مشرقة نسبيا في خريطة تسودها الاضطرابات، حسبما ترى المحللة الأمريكية ميشيل جافين. فقد وضعت الحرب في منطقة تيجراي أوزارها، ويسودها السلام، وبدأت الحكومة أخيرا محادثات جديدة مع جيش تحرير أورومو.

وقالت جافين، سفيرة أمريكا السابقة في بوتسوانا، في تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، إن الدولة تحولت عن أسلوب شيطنة شركائها في التنمية منذ فترة طويلة، واتجهت صوب توجيه الرسائل التي تشير إلى إعادة التواصل وإعادة المسار الاقتصادي للبلاد إلى طريقه الصحيح، وهذا اختيار عملي في ظل أزمة الديون التي تواجهها البلاد، والإنفاق العسكري الضخم في السنوات الأخيرة، والاحتياجات الهائلة لإعادة الإعمار الناجمة عن ذلك.

وكل هذا الزخم الإيجابي مرحب به، فمنذ فترة ليست بالبعيدة، واجه العالم احتمال انهيار الدولة في إثيوبيا، ويتم الآن تذكير المراقبين بأن إثيوبيا مزدهرة وسلمية ستكون نعمة للمنطقة، وفي نهاية المطاف قوة ضخمة لتعزيز أولويات أفريقيا على الساحة العالمية.

المعاناة مستمرة

تقول جافين، وهى أحد كبار الزملاء في دراسات السياسة الأفريقية بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، إنه رغم ذلك هناك تطورات أخرى أقل تشجيعا تتكشف، توضح مدى الهشاشة الكامنة تحت السطح. ففي منطقة تيجراي نفسها، ربما تكون الحرب قد انتهت، ولكن المعاناة لم تنته، وتشير تقارير موثوقة إلى أن اتفاق السلام لم يوقف عمليات التهجير القسري في مناطق متنازع عليها في المنطقة، وأن وجود القوات الإثيوبية وميليشيات الأمهرة ما زال مستمرا.

ورغم الحاجة الماسة للمساعدات، علق برنامج الأغذية العالمي عمليات توصيل المساعدات إلى منطقة تيجراي، غداة مزاعم بأن عملية سرقة كبيرة حولت مسار مواد غذائية، مما حال دون وصولها إلى الأشخاص الذين يتضورون جوعا.

التوترات تستعر

مع تنحية منطقة تيجراي جانبا، فإن وصول عمال الإغاثة الإنسانية إلى المتضررين أمر صعب أو مستحيل حاليا في مناطق كبيرة بالبلاد، ولا يستطيع المواطنون الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وما زال الصحفيون يخضعون للاعتقال التعسفي ولمضايقات. ويمكن أن تكون هذه الجهود المركزية لتأكيد السيطرة تأثيرات عكسية، مما يؤجج مزيدا من الشك والاستياء، ومن المؤكد أن هذه الإجراءات لا تتوافق مع الثقة التي يهدف زعماء إثيوبيا إلى عرضها.

ويعد قتل جيرما يشيتيلا، وهو شخصية بارزة في حزب الازدهار الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء آبي أحمد في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، مؤشرا على أن التوترات ما تزال تستعر في إثيوبيا، ويأتي الحادث في أعقاب انقسامات تم الإعلان عنها على نطاق واسع داخل الكنيسة الأرثوذكية، وهى سلطة روحية مهمة بالنسبة لكثير من الإثيوبيين، وبعد المقاومة لمبادرة أديس أبابا لدمج قوات الأمن الإقليمية في الهياكل الاتحادية.

تصدعات اجتماعية

أضافت جافين، التي تتمتع بخبرة أكثر من عشرين عاما في الشؤون الدولية، وعملت من قبل مديرة إدارية لمركز أفريقيا، الذي يهدف إلى تعزيز تفهم أفريقيا المعاصرة، أن الحكومة الاتحادية الإثيوبية تنخرط في عمل صعب وخطير، إذ تحاول أن توطد سلطتها والتحرك للأمام رغم التصدعات في المجتمع الإثيوبي التي أدى النزاع بشأن تيجراي إلى جعلها أكثر اتساعا، وإدارة شعور بين بعض حلفاء آبي بأنهم يستحقون نصيبا أكبر من غنائم المنتصرين.

ومن الواضح أن السلطات تدرك التهديد المتمثل في أن القوميين العرقيين، الذين شجعهم أخيرا الزعماء الاتحاديون، موجودون الآن. وفي أعقاب قتل يشيتيلا، زعمت إثيوبيا القبض على 47 شخصا متورطين في مؤامرة أوسع نطاقا لإسقاط الدولة.



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى