“إريتريا متهمة بإعادة النازحين إلى السودان”- في الغارديان
تناولت صحيفة الغارديان ملف الاشتباكات الجارية في السودان من منظور إنساني، ونشرت تقريرا لاثنين من مراسليها في العاصمة السودانية الخرطوم بعنوان “إريتريا متهمة بإعادة المدنيين العالقين في الاشتباكات إلى السودان”.
يشير التقرير إلى حال شقيقين من إريتريا، يقيمان في السودان هما عبدي ودحلاق، الشقيق لأصغر، والذي كان يمتلك بعض المدخرات تمكنه من الفرار من الخرطوم بعد بدء الاشتباكات، وركب الحافلة مع الكثيرين من أمثالة إلى ولاية كسلا في المنطقة الشرقية القريبة من الحدود مع إريتريا، وهي المنطقة التي يوجد فيها معسكر ضخم للنازحين، لكن وحسب أحد الناشطين الإريتريين في مجال حقوق الإنسان في الخرطوم، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه لدواع أمنية، فإن السلطات الإريترية عند الحدود، أعادت جميع من كانوا على متن الحافلة إلى منطقة في السودان تسمى “البوابة 13”.
ويشير التقرير إلى أن ما حدث لدحلاق بعد ذلك ليس واضحا حتى الآن، فهو يعد فارا من الجيش الإريتري، إلى الأراضي السودانية، كما أن له أصولا من إقليم التيغراي الشمالي في إثيوبيا، والذي يعاني ازمة مع النظام الإثيوبي، وقد كان ضمن القوات التي أرسلها النظام الإريتري إلى الإقليم الإثيوبي لخوض القتال إلى جانب قوات أديس أبابا، في مواجهة قوات جبهة تحرير شعب تيغراي، قبل أشهر، لكنه والآلاف بصحبته فروا إلى السودان.
ويقول التقرير إن النظام الإريتري، أحد أسوأ الأنظمة الحاكمة في العالم فيما يختص بانتهاك حقوق الإنسان، وقد أجبر الآلاف من الشباب مثل دحلاق، على الذهاب إلى إثيوبيا والقتال إلى جانب قوات النظام الإثيوبي، مضيفا أن شقيقه الأكبر عبدي، أكد أنه حاول جاهدا معرفة مصير شقيقه الأصغر، بالحديث مع بعض من كانوا معه على متن الحافلة، لكنهم كانوا مرتعبين من التحدث إليه، كما أن أقاربه في العاصمة الإريترية أسمرة، أكدوا له أن دحلاق لم يعد إليهم ولم يره أحد منهم، ليصبح واحدا من بين أكثر من 3500 شخص، تم على الأقل إبعادهم قسريا عن البلاد، خلال الأسابيع القليلة الماضية، بينما يقول النشطاء إن هناك 95 شخصا على الأقل تم اعتقالهم، بينهم 8 نساء، وبعض المعتقلين كانوا معروفين بالنشاط إلى جانب المعارضة في الخارج، ضد سياسات رئيس النظام أسياس أفويرقي.
ويختم التقرير بالقول إن اللاجئين الإثيوبيين والإريتريين طالما واجهوا المضايقات في السودان، ومنها الاعتقال التعسفي، والإجبار على دفع الرشوة للضباط والمسؤولين الأمنيين، ليطلقوا سراحهم، لكن بعد بدء الاشتباكات، يدفع بعضهم ما يتعدى 400 دولار أمريكي، للسفر في رحلة من اتجاه واحد، إلى مدينة وايو الواقعة شمال غربي جمهورية جنوب السودان، أما من لا يملكون المبلغ فليس أمامهم سوى البقاء في الخرطوم وسط المعارك التي تستعر حولهم.
“من المشاكل إلى الدبلوماسية”
“رحلة السعودية من صنع المشاكل إلى الدبلوماسية”، هكذا عنونت جريدة فاينانشال تايمز لأحد تقارير القسم الدولي.
يقول التقرير إنه في الوقت الذي انزلق فيه السودان قبل أسابيع إلى آتون الحرب الأهلية، قامت المملكة العربية السعودية بإرسال سفنها الحربية عبر البحر الأحمر، لنقل المدنيين الراغبين في مغادرة البلاد، بسبب مخاوفهم على أمنهم وسلامة أسرهم، وبينهم آلاف الأجانب، والمقيمين.
ويضيف التقرير أن صور عملية الإجلاء تحولت إلى أمر متداول على وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة، في بريطانيا، والولايات المتحدة، كما أن وزير الخارجية السعودي ساهم أيضا في جهود الوساطة بين قوات الجيش، وقوات الدعم السريع لوقف إطلاق النار، وهو الأمر الذي ساهم ضمن أشياء حدثت في الأونة الأخيرة في ترميم صورة المملكة، التي اكتسبت في السابق سمعة كمثيرة للقلاقل على المستوى الإقليمي.
ويوضح التقرير أن السعودية كانت قد انتهجت أسلوبا هجوميا وعدوانيا، منذ عام 2015، عندما تبنت مساعي للحصول على أسلحة نووية، تحت قيادة وزير الدفاع الجديد، وقتها والذي أصبح لاحقا وليا للعهد، الأمير محمد بن سلمان، علاوة على تبنيها منهجا عسكريا صرفا ضد الحوثيين، لحل الأزمة في اليمن، وأخيرا قيادة الحصار الذي فرضته عدة دول إقليمية على قطر، والاحتجاز القصير لرئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري.
ويشير التقرير إلى أن نقطة الانقلاب بالنسبة “للشخص الذي لم يكن مرغوبا في وجوده في العواصم الغربية” محمد بن سلمان، كانت اغتيال الصحفي والمعارض السعودي، الراحل جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول، عام 2018، مضيفا أن المملكة تغير وجهها الآن مرة أخرى، معززة بارتفاع أسعار النفط، ما يزيد الثقة في اقتصادها.
ويعرج التقرير على القول إن المملكة عززت موقفها على الساحة الدبلوماسية الدولية بالتدخل بين طرفي النزاع في السودان، في الوقت الذي تدعم فيه بنيتها الاقتصادية في الداخل بمشروعات عملاقة، كما فاجأت المتابعين على الساحة العالمية، والإقليمية، بالإعلان عن إعادة علاقاتها الدبلوماسية مع عدوها الإقليمي المعتاد، إيران، وأخيرا الدفع نحو إعادة العلاقات العربية مع النظام السوري، الذي كانت الرياض تدعم خلعه في السابق.
وينقل التقرير عن مديرة الأمن القومي، في معهد الدراسات الاستراتيجية الدولية، إميلي هوكايم، قولها إن ” بن سلمان يستمتع باللحظة، حيث استعاد الاقتصاد زخمه، والقوى العظمى تسعى للتواصل، بينما يقوم بإعادة تشكيل سياسته الخارجية، وتحديد أولوياته الجيوسياسية”.
ويختم التقرير بالقول إن بعض المحللين يتساءلون، هل سيستمر بن سلمان على منهجه الجديد في العلاقات الخارجية، أم يعود لنفس النهج الذي قاربه خلال سنواته الأولى في السلطة؟