حزب العدالة والتنمية ينتقد تدبير مدينة الرباط .. قرارات انفرادية واختلالات مالية
دفعت التفاعلات التي أعقبت انعقاد دورة المجلس الجماعي لمدينة الرباط، التي انعقدت يوم الخميس الماضي، فريق مستشاري العدالة والتنمية بمجلس جماعة الرباط إلى الخروج بتوضيحات وردود بشأن ما شاب الدورة من “خروقات”، على حد تعبيرات متطابقة خلال ندوة صحافية، اليوم الأحد، بالمقر المركزي لـ”بيجيدي”.
أنس الدحموني، رئيس فريق “بيجيدي” المعارض بمجلس جماعة العاصمة، أكد أن “أعضاء الفريق الثمانية حضروا إلى دورة ماي في التوقيت المحدد، وتأكدوا من عدم اكتمال النصاب القانوني لعقد الجلسة الأولى لمدة تجاوزت الساعة، قبل أن يفضِّلوا عدم المشاركة في مسرحية التصويت على أغلب نقاط جدول أعمال الدورة”.
“التجأنا اليوم إلى السلطة الرابعة لتنوير الرأي العام حول الخروقات السبع التي طبَعت الدورة، وإعطاء الحيز الكافي للتواصل مع الرأي العام المحلي والوطني عبر وسائل الإعلام حول موضوع أكذوبة الفائض ومهزلة البرمجة، وما يشوبها من مغالطات وتعتيم”، أورد الدحموني متحدثا لوسائل الإعلام، مؤكدا أنه “تعتيم على المستشارين بالجماعة أولا، قبل أن يكون على الرأي العام الرباطي والوطني؛ لعدم توصلنا بالوثائق المتعلقة بهذا الموضوع والمعلومات الضرورية للتصويت على المقررات الخاصة باقتناء الأراضي والعقارات وأماكن تواجدها، وعدد السيارات والدراجات المراد شراؤها وتفاصيل الدراسات المتعددة التي جاءت عناوينها فضفاضة في الوثائق”.
وبَسَط مستشارو “بيجيدي”، في مداخلات متتالية، “السياق السياسي للدورة التي مرت في ظل أجواء مشحونة ومتوترة”، مستعرضين بشكل مفصل ما وصفوها بـ”الخروقات القانونية الخمسة، المرتكبة من طرف مُسَيِّري المجلس خلال هذه الدورة ومنذ دورة فبراير الماضية”.
وتابع الدحموني: “تميّز السياق السياسي العام لدورة ماي بالتشنج، نتيجة استمرار النزاعات بين أعضاء الأغلبية المسيرة؛ بل وبين أعضاء الحزب نفسه الذي يترأس مجلس الجماعة”، مؤكدا “تواصل تداعيات الاختلاف العميق بين رئيسة الجماعة ورئيس مقاطعة حسان المنتميين إلى الحزب الأغلبي نفسه، مع تأثير ذلك على خدمات القرب الموجهة إلى ساكنة المقاطعة، لاسيما في مجالات الرياضة والثقافة”.
ولفت إلى “بروز الاحتقان الذي خلفته القرارات الانفرادية للرئيسة، بشكل دفع أرباب مقاهي المدينة ومن قبلهم أرباب سيارات الأجرة للتفكير في تنظيم إضراب عام”، منبها إلى “التعبير المتزايد عن الغضب في مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية من طرف بعض الفعاليات والجمعيات الرياضية حول طريقة تدبير مرافق القرب”.
من جهة ثانية، أكد رئيس الفريق، في تصريح لهسبريس، أن “تداعيات التشنج والخلاف مع نقابات الموظفين، وتأثيرها على الأجواء العامة بالجماعة، في ظل استمرار سياسة الأبواب الموصدة مع الشركاء الاجتماعيين”، محذرا من “أجواء القلق والترقب لدى المواطنين الرباطيين من أصحاب السيارات جراء عودة ‘الصابو’ إلى شوارع العاصمة رغم صدور قرار المحكمة بعدم قانونيته”.
قرارات انفرادية
أعلن فريق العدالة والتنمية، خلال الخروج الإعلامي ذاته، عن “رفضه لمجموعة من القرارات الانفرادية للرئيسة ولمكتبها المسيَّر عبر بياناته الرسمية”، مقررا “لجوءه إلى القضاء عبر رفع قضيتيْن تتعلقان بعدم قانونية المقرَّرَيْن الجماعيين المتعلقين بتسقيف الأسئلة الكتابية ومنع التصوير أثناء الجلسات العمومية (مادتان 11 و33 من النظام الداخلي للمجلس)”.
كما قاطع فريق “بيجيدي” مجريات “الجلسة الثانية لدورة ماي عبر بيان رسمي، لجزمه بعدم قانونية تسقيف الأسئلة الكتابية إلى حين فصل القضاء في القضيتين المرفوعتين إلى تحكيمه”.
“خروقات” مالية
من جهته، لم يَتوان لحسن العمراني، عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس الجماعة، في توجيه سهام نقد لاذع إلى ما قال إنه “التدبير الكارثي للعمدة الحالية أسماء أغلالو منذ توليها عمودية العاصمة”.
وسجل العمراني، في كلمة مطولة أمام كاميرات وسائل الإعلام الحاضرة، “عدم التقيد بمقتضيات المادة 183 من القانون التنظيمي 113.14 في برمجة الفائض؛ إذ تُلزم هذه المادة على أن تكون البرمجة طبقا لبرنامج عمل الجماعة، وهو ما لم تتم إثارته مطلقا في الصفحة اليتيمة التقديمية لهذه النقطة، وهو ما يعني بشكل واضح عشوائية وارتباكا في البرمجة”، مؤكدا أن “هذا المعطى يدل على قصور واضح في عمل مسيّري الجماعة”.
المستشار الجماعي ذاته زاد شارحا: “صرَّحَت الرئيسة، في دورة فبراير الماضي، بأنها حققت فائضا ماليا يبلغ 10 مليارات سنتيم (100 مليون درهم)، قبل أن تصرّح في دورة ماي الأخيرة بأنها حققت 69 مليون درهم أي أقل من سبعة مليارات، ونحن نتساءل مع المواطنين فينْ مْشات 3 مليارات سنتيم في مدة لا تقل عن 3 أشهر بين الدورتين؟”، مطالبا العمدة اغلالو بـ”توضيح هذا التضارب في الأرقام التي أعلنتها خلال دورتين متتاليتين”.
“هذا يطرح سؤال مصداقية المسؤولين الجماعيين والعموميين لدى الرأي العام المحلي والوطني”، أكد العمراني، الذي لفت الانتباه إلى “غياب الوثائق ذات الصلة ببرمجة الفائض، إضافة إلى أن هذا الأمر مخالف لمقتضيات المادة 35 من القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات، كما أوضحناه في وثيقة خروقات الدورة”.
وتابع: “هذا يعني غياب أي مرجعية تنموية تتحكم في الإنفاق لدى مسيري الجماعة، من خلال بسط ما يفيد بأن ما سيتم صرفه يعتر من أولويات الاشتغال، والتي تفيد المدينة وساكنتها وزوارها، مع غياب المعطيات الضرورية لاتخاذ الموقف السليم تجاه ما تم اقتراحه، والاكتفاء بجمل عامة”.
سيارات الجماعة
“من حيث المبدأ، نحن مع توفير آليات الاشتغال لمن هو بحاجة إليها ويستحقها”، أكد العمراني بخصوص صفقة السيارات المثيرة للجدل، مستدركا بالتساؤل: “أيهما أحسن: الكراء؟ والذي دافعت عنه ولا تزال السيدة الرئيسة أم الاقتناء الذي جيء به خلال دورة ماي؟ أم أن الكراء يتعلق بتوفير سيارات فخمة “من أجل التمتع على حساب المال العام في ظل الأزمة التي تضرب بقوة جميع مناحي حياة المغاربة والمغربيات”. هذه السيارات الفخمة تتجاوز المهمة المراد القيام بها، والتي لا يمكن السماح باقتنائها، رغم أن كلفة كرائها تتجاوز نفقات شرائها؟”.
وزاد قائلا: “ألا يعتبر تغيير نوع السيارات التي توصلت بها الجماعة Skoda عوض Peugeot 508 المعلن عنه في طلب العروض، ضربا لقاعدة المنافسة، ومنحا لامتياز غير مستحق للشركة التي رست عليها الصفقة؟”.
وختم فريق “المصباح” بجماعة الرباط مؤكدا أنه “لن يقف مكتوف الأيدي، إزاء الإمعان في خرق القانون ولن يتوانى عن فضح أي تجاوز مسيئ إلى صورة مؤسسة دستورية تمثل عاصمة المملكة”.