اشتباكات السودان: احتدام القتال بين طرفي الصراع و مفاوضات مرتقبة في السعودية لوقف إطلاق النار
يستمر القتال في السودان وسط غياب كامل لأي إشارات تهدئة محتملة في الأمد القريب رغم إعلان الجيش السوداني إرسال وفد إلى السعودية للتفاوض بشأن وقف إطلاق النار.
وقال الجيش السوداني إنه أرسل مبعوثين إلى السعودية لمناقشة “تفاصيل الهدنة التي لا تزال قيد التمديد” مع قوات الدعم السريع.
وأعلن قائد الجيش السوداني النظامي والحاكم الحقيقي للبلاد دعمه لهدنة تمتد لسبعة أيام، لكن قوات الدعم السريع قالت الجمعة إنها ملتزمة بتمديد هدنة سابقة تم التوصل إليها بوساطة أمريكية سعودية لثلاثة أيام.
ويلتقي مندوبون عن بريطانيا، والسعودية، والإمارات، والولايات المتحدة في مدينة جدة المطلة على ساحل البحر الأحمر، وفقا لتصريحات دبلوماسيين سعوديين السبت القبل.
وأكد شهود عيان أن استمرار الغارات الجوية والانفجارات في جميع أنحاء العاصمة السودانية الخرطوم الجمعة، بما في ذلك محيط المطار.
واحتدم القتال رغم تهديد الرئيس الأمريكي جو بايدن بفرض عقوبات على المسؤولين عن “تهديد السلام والأمن والاستقرار في السودان” و “تقويض التحول الديمقراطي في البلاد”.
وقال بايدن “العنف الذي يشهده السودان مأساة وخيانة لمطلب الشعب السوداني الواضح بحكومة مدنية والانتقال إلى الديمقراطية يجب أن ينتهي”.
وعان السودان بالفعل من عقوبات دولية لعقود من الزمن في عهد الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير الذي أطاحت به الثورة السودانية في 2019 بعد خروج احتجاجات حاشدة ضد سياساته في إدارة البلاد.
أطفال في خطر
يقدر عدد ضحايا القتال الدائر في البلاد بحوالي 700 شخص، أغلبهم في الخرطوم وإقليم دارفور، وفقا لمشروع ACLED لجمع البيانات في مناطق الصراعات المسلحة.
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) الجمعة من أن “الوضع في السودان أصبح مأساويا نظرا للعدد الكبير بشكل مثير للخوف من الأطفال” الذين راحوا ضحية القتال.
وقال جيمس إلدر، المتحدث باسم المنظمة، إن اليونيسف تلقت تقارير من شريك موثوق به – لم يتسن للأمم المتحدة التحقق منها بشكل مستقل بعد – تفيد بمقتل 190 طفلاً وإصابة 1700 آخرين خلال أول 11 يومًا من النزاع.
وأضاف إن هذه البيانات جُمعت من المنشآت الصحية في الخرطوم ودارفور منذ 15 إبريل/ نيسان، مما يعني أنها تتضمن فقط الأطفال الذين وصلوا بالفعل لتلقي العلاج في تلك المنشآت في تلك المناطق.
مع ذلك، قال إلدر إن “الأرقام الحقيقية قد تكون أسوأ بكثير”.
ويواجه عمال الإغاثة صعوبة بالغة في الحصول على الإمدادات التي يحتاجون إليها بشدة في المناطق التي ضربها العنف.
ووفقا للهيئة الطبية الدولية، لقي ما لا يقل عن 18 من عمال الإغاثة مصرعهم وسط القتال العنيف في المدن السودانية.
وقال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنه سيعقد جلسة خاصة الخميس المقبل لمناقشة سبل “مواجهة أثر الصراع الجاري على حقوق الإنسان”.
وقالت مديرة المخابرات الوطنية الأمريكية أفريل هينز يوم الخميس إن واشنطن تتوقع استمرار الصراع لفترة طويلة.
وأضافت، في جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأمريكي، “القتال من المرجح أن يستمر لفترة طويلة لأن كلا الجانبين يعتقد أن بإمكانه حسمه عسكريا، كما لا تتوافر الحوافز الكافية لدفع الجانبين إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات”.
وتابعت: “يسعى كلا الجانبين إلى الحصول على الدعم من مصادر خارجية. والتي – إذا نجحت – من المرجح أن تزيد من حدة الصراع وتعزز احتمالات أن تشهد المنطقة المزيد من التحديات”.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن ما يقرب من 450 ألف مدني فروا بالفعل من ديارهم منذ بدء القتال، من بينهم أكثر من 115 ألفًا لجأوا إلى دول الجوار السوداني.
وساطة دولية
قالت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة إنها تستعد لتدفق 860 ألف شخصا إلى خارج السودان، مضيفة أن هناك حاجة إلى 445 مليون دولار لدعمهم حتى أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
وقال هينز إن الصراع أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية السيئة بالفعل، “مما أدى إلى تصاعد مخاوف حيال تدفقات الهائلة للاجئين وزيادة المساعدات التي تحتاجها المنطقة”.
وحذرت الأمم المتحدة من أن استمرار القتال قد يؤدي إلى زيادة في العدد الكبير بالفعل من السودانيين المهددين بالجوع وسوء التغذية بما يصل إلى 2.5 مليون شخص.
وقال فرحان حق، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن “هذا يرفع العدد إلى 19 مليون شخصا في الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة”.
وفي حديثه من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، تعهد مبعوث البرهان دفع الله الحاج بأن “الحكومة السودانية ستضع حدا لهذا التمرد قريبا”، في إشارة إلى قوات الدعم السريع.
وبدأت جهود وساطة متعددة منذ اندلاع الصراع بين الفصائل المتحاربة في السودان منتصف الشهر الماضي.
وتوصل الجانبان إلى اتفافات عديدة للهدنة منذ اندلاع القتال بين الجانبين في 15 إبريل/ نيسان الماضي، لكنهما لم يحترما أيا منها.
وتعتبر قوات الدعم السريع امتداد للجنجويد، وهي ميليشيات أطلقها الرئيس السوداني السابق عمر البشير في دافور، مما أدى إلى مواجهته اتهامات بارتكاب جرائم حرب.
وبعد الانقلاب الذي قام به الجيش السوداني مع قوات الدعم السريع في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، الذي أطاح بالانتقال الهش إلى الحكم المدني، بدأ صراع على السلطة – كانت آخر نقاط الخلاف الحاد في إطاره هي اندماج قوات الدعم السريع في الجيش النظامي – والتي كانت سببا مباشرا في اندلاع القتال.
وراح المئات ضحية القتال الذي دخل أسبوعه الثالث بين الحاكم الفعلي للبلاد قائد الجيش النظامي عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو – المعروف بحميدتي – الذي يقود قوات الدعم السريع شبه العسكرية.