الرصاص أو المرض خياران للموت في السودان

«الرصاص أو المرض».. خياران لا ثالث لها يؤديان للموت في السودان، وفق تعبير أطلقه سكرتير نقابة الأطباء عبدالله عطية، بعدما حذر من الأوضاع الإنسانية المتردية التي تعيشها البلاد، بسبب الحرب الشرسة الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، والتي يدفع الشعب السوداني ثمنها.
جددت نقابة أطباء السودان تحذيرها من الأوضاع المأساوية مع استمرار المعارك للأسبوع الثالث على التوالي، وقال عطية «إن طرفي النزاع يضعان السودانيين أمام خياري الموت بالرصاص أو بالمرض، وسط تحذيرات أممية من كارثة صحية وإنسانية باتت قريبة».
وخرجت أكثر من 40 مستشفى ومرفقا صحيا في العاصمة وحدها من العمل، فيما حصدت الاشتباكات نحو 700 قتيل و8000 جريح حتى الآن، في حصيلة يتوقع أن تكون أعلى بكثير، حيث لا يتم الإعلان عن جميع الأرقام بدقة.
آلاف الجرحى
شدد سكرتير نقابة الأطباء عبدالله عطية على ضرورة فتح ممرات آمنة لإيصال المعونات الطبية، ونبه إلى أن أكثر من 12 ألف مريض معرضون للموت بسبب الأوضاع الصحية، وأشار إلى وجود تقارير عن وفاة مرضى في منازلهم، بسبب عدم توفر العناية الطبية، وأكدت النقابة أن ما يحدث بحق القطاع الصحي في البلاد جريمة إنسانية، مؤكدة أن كل المستشفيات العامة في الخرطوم توقفت عن العمل.
وكانت الأمم المتحدة حذرت مرارا وتكرارا خلال الأيام الماضية من أن البلاد على شفا كارثة حقيقية، منبهة إلى وضع القطاع الصحي، فضلا عن مسألة النزوح الكثيف، وأعلنت أن برامجها المخصصة لتلبية الاحتياجات الإنسانية في السودان لم تؤمن حتى اليوم سوى 14% من التمويلات اللازمة لعملياتها لهذا العام، وبالتالي فهي ما زالت بحاجة لـ1.5 مليار دولار لتلبية تلك الاحتياجات التي تفاقمت منذ اندلاع المعارك.
الوضع يتفاقم
وأوضح المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في منطقة شرق المتوسط، أحمد المنظري، أن الأزمة الصحية التي كان يعانيها البلد قبل اندلاع القتال تحولت حاليا إلى «كارثة بكل معنى الكلمة».
وأضاف أنه حتى قبل المعارك الأخيرة مر النظام الصحي السوداني كما هو معروف بسنوات من الأزمات المختلفة، ما عرضه للكثير من الهشاشة والضعف الحقيقي، بكل ما تعنيه الكلمة من حيث البنى التحتية، أي المستشفيات أو مراكز رعاية صحية أولية بمختلف مستوياتها في عموم البلاد»، لافتا إلى أن الصراع واندلاع القتال فاقم الوضع سوءا. وما زاد الوضع تفاقما هو أن أعمال العنف والنهب لم تستثن المستشفيات ولا المنظمات الإنسانية التي اضطر العديد منها إلى تعليق أعماله.
جثث متحللة
ومع الهدوء النسبي الذي شهدته مدينة الجنينة بإقليم دارفور السوداني، بعد معارك دامية بين المساليت والقبائل العربية، عمدت فرق الإنقاذ إلى رفع الجثث من الشوارع، وأعلن الهلال الأحمر بولاية غرب دارفور أن عملياته داخل الأحياء الملتهبة بالجنينة توصلت إلى رفع 23 جثة متحللة من الشوارع والميادين العامة، كما أشار إلى أن عدد الجرحى وصل حتى الآن إلى 600 جريح، مضيفا أنه فتح نقاطا في الأحياء والمدارس لتقديم الخدمات العلاجية الأولية للمصابين.
وقال أبو بكر محمد شريف، مدير الهلال في الجنينة لـ «العربية» «إن البنية التحتية الصحية في غرب دارفور تضررت بشكل كبير، مؤكدا أن كل المستشفيات خرجت من الخدمة، فيما يتواجد العديد من الجرحى المصابين بإصابات خطيرة.
نهب أسلحة
وتسبب تواصل الاشتباكات والانحلال الأمني في زيادة المخاوف من اشتعال حرب أهلية جديدة في الإقليم، وحذر مسؤول رفيع بولاية غرب دارفور، من مغبة اندلاع حرب أهلية تشمل كل الإقليم، عقب نهب أسلحة تقدر بالآلاف من مخازن الأجهزة الأمنية بمدينة الجنينة، وقال «إن مسلحين يعتقد تبعيتهم لإثنية المساليت، تمكنوا من امتلاك نحو 7 آلاف قطعة سلاح من بينها أسلحة ثقيلة عقب فتح مخزن يتبع لرئاسة شرطة ولاية غرب دارفور إبان الاقتتال الدامي الذي شهدته الولاية خلال الأيام الفائتة، وفق ما نقلت سودان تريبيون، في المقابل نفت المساليت اقتحامها لأية مخازن عائدة للسلطات الرسمية.
ذكريات أليمة
يشار إلى أن إقليم دارفور الشاسع غرب السودان، والذي تسكنه قبائل عدة عربية وإفريقية، والمشهور بالزراعة، وتعادل مساحته فرنسا تقريبا، يزخر بذكريات أليمة من الحرب الأهلية الطاحنة التي امتدت سنوات، مخلفة آلاف القتلى فضلا عن مجازر كبرى بين القبائل، قبل عقدين من الزمن، فقد اندلع الصراع عام 2003 حينما وقفت مجموعة من المتمردين في وجه القوات الحكومية المدعومة من ميليشيات الجنجويد، وأدى العنف لمقتل 300 ألف شخص، وتشريد الملايين.
أرقام من الأزمة:
- 700 قتيل.
- 8000 جريح.
- 12000 مريض.
- 7000 قطعة سلاح سرقت.
- 23 قتيلا في دارفور.
- 1.5 مليار دولار احتياجات عاجلة.