ألكسندرا قهوجي: أحب السينما الواقعية
بيروت: هناء توبي
ألكسندرا قهوجي ممثلة سينمائية عرفناها من خلال أفلام «يوم آخر» و «يا نوسك» و«مشوار» و«فيلم كتير كبير» و«ورقة بيضا» وصولاً إلى أحدثها «هردبشت». يضاف إلى ذلك مشاركتها الدرامية الأولى في مسلسل«من.. الى» الذي بدّل وجهة نظرها في الدراما، فبعد عزوفها عن المسلسلات لفترة طويلة، تقول في هذا الحوار إنها متحمسة جداً لخوضها، نظراً للتطور الذي تحرزه.
- أنتِ مقيمة في الغالب في أمريكا بحكم عملك، لكن «هردبشت» للكاتب والمخرج محمد الدايخ أعادك إلى الصالات اللبنانية اليوم، فما الذي جذبك في الفيلم؟
– أحببت فكرة العمل بداية، بالنظر إلى فرادتها وجرأتها في خوض موضوع جديد يطال الناس المهمشين والمتعبين الذين يعانون الفقر والضياع وينزلقون في متاهات مظلمة. وعندما قرأت السيناريو استمتعت بطريقة الكتابة والسرد وتحمست للمشاركة، وبعدها أرسل لي المخرج محمد الدايخ مقاطع تجريبية إلى أمريكا، ولما رأيت طريقته في العمل قصدت لبنان مباشرة، والتقيت مع المنتج أمير فواز وفريق العمل من المحترفين فؤاد يمين ورندة كعدي وحسين قاووق وغيرهم من الذين يختبرون الكاميرا للمرة الأولى، وباشرنا العمل بحماس وانسجام وجاءت النتيجة فيلماً رائعاً جذاباً وفريداً من نوعه.
- تقولين إنه فريد من نوعه لكن متابع السينما اللبنانية يدرك تشابها بينه وبين «فيلم كتير كبير» للمخرج ميرجان بو شعيا الذي فاز بالنجمة الذهبية في مهرجان مراكش للسينما، وكانت لك مشاركة فيه
– صحيح، وبدوري لمست تشابهاً بين العملين لجهة الاتجاه صوب السينما الأوروبية التي أحبها أكثر من الأمريكية، لأنها ذات أبعاد واقعية وإنسانية جداً، لكن لا شك في أن لكل فيلم فرادته وأبعاده الخاصة، مضافاً إلى ذلك أن «فيلم كتير كبير» فيه صناعة سينمائية وافية، أما «هردبشت» فإن ميزانيته متواضعة ومع ذلك أبدع مخرجه فيه، وكسر القالب التقليدي في السينما اللبنانية، واعتمد الأسلوب السينمائي الذي يخبر المشاهد عن يوم من حياة كل بطل في العمل، ويغوص في المشاعر. وأحببت مشاركتي في العملين كثيراً جداً، ووصلتني أصداء إيجابية كثيرة حولهما، رغم أنهما في زمنين متباعدين 2015 و2023.
- الخوض في تفاصيل دورك في «هردبشت» يفرض تساؤلاً حول رؤيتك الواقعية له
– برأيي الدور واقعي تماماً، ألعب فيه دور مطلقة لديها طفلة وتعيش في حي شعبي لا يقبل وجود امرأة من دون رجل، وهي بدورها تحتاج إلى معيل لها، تبحث عن الرجل والحب والاحترام ولا تجد ضالتها، فتسلك دروباً ملتوية، لكنها تبقى وحيدة في النهاية حيث نراها متروكة لضعفها وهمها.
– لديك تجارب سينمائية متعددة وأدوار مركبة، أيها الأفضل بالنسبة إليك؟
لا أقارن بين أدواري أبداً، بل أحب كل ما قدمته وشعاري في الفن ألا أقوم بدور لا يناديني، كل دور لعبته له خصوصية وميزة جذبتني إليه، واستمتعت بأدائه، لكن هذا لا يمنع أني أشرّح نفسي عند المشاهدة، لأتعلم أكثر خصوصاً أن أحلامي ليس لها حدود.
- وماذا تقولين عن مشاركتك في مسلسل «من.. إلى»خاصة وقد كانت فاتحة لك لخوض تجربة التلفزيون؟
– المسلسل هو تجربتي الدرامية الأولى، وكانت صعبة في البداية، لكن سرعان ما انسجمت واستمتعت في العمل مع المخرج التونسي مجدي السميري، الذي التقيته سابقاً في أمريكا وهو مبدع بكل المقاييس الفنية وخلوق وواضح، كذلك فإن الممثلين المشاركين جعلوني أخوض التجربة بحب.
إذن تبدل موقفك من الدراما
– لا شك في أن الدراما العربية واللبنانية تطورت كثيراً مؤخراً، وصحيح أني كنت عازفة عن المشاركة فيها، لكن «من.. إلى» كان الفرصة التي جعلتني أخوض المسلسلات بحب واستمتاع، وأسعى إلى تثبيت قدمي في ساحة الدراما بعد أن اكتشفت مفاتيحها، كانت تجربتي الأولى لكنها لن تكون الأخيرة.
- وهل تلمستِ أن درب الشهرة أسرع تلفزيونياً؟
– الشهرة ليست مقياساً لاكتشاف الذات بالنسبة لي، احترفت السينما، لأنها شغفي ودربي لعيش التجارب الفنية المتنوعة من خلال الأدوار الغنية، وكذلك سيكون الحال في التلفزيون، حيث الانتقائية هي الأساس، وبرأيي الشهرة لا تتعارض مع الأدوار الجيدة وآمل أن أحققهما معاً.
- منذ بداية مشوارك الفني ولغاية اليوم ما الذي تغيّر لديك؟
– هناك تغيرات وتبدلات كثيرة حدثت على المستويين الشخصي والفني، نضجت وتعلمت واختبرت الحياة، وانعكس ذلك على أدائي، وتعزز رأيي بأن التمثيل يتغير مع الإنسان، لأنه شخصي وحميم ونابع من الداخل. بدأت مشواري منذ الثالثة عشرة من عمري حيث امتهنت تصوير الدعايات، التي وصل عددها إلى نحو 600، واختبرت التقديم التلفزيوني والفنون، قصدت مدرسة «لي ستراسبرغ فيلم» في أمريكا، وهناك شعرت بالتطور الحقيقي والتغير، وكأنني كبرت بسرعة قياسية ونضجت وازداد شغفي بالفن، وشاركت في أعمال لها ثقلها أولها «يوم آخر» لجوانا توما وخليل جريج، وتلاه فيلم سوري اسمه «مشوار»، وكرت على أثرهما سبحة الأعمال التي أحبها.
- وهل خفّ وهج رهبة الكاميرا بالنسبة إليك؟
– مسألة الخوف جاءتني معاكسة، ففي البداية لم أرهب الكاميرا مطلقاً، ولكن بعد أن صار الفن هاجسي صرت أختبر التوتر والخوف على نفسي وعملي ومشواري.
- من بعد «هردبشت» ماذا تحضرين ؟
– «هردبشت» بدأ مشواره الآن، وأترقب جولاته وانتشاره ومشاركاته في المهرجانات، وأخوض غمار الكتابة في مشروع أحضر له أنا وخطيبي، وهو من الوسط الفني أيضاً، وقررنا أن نكتب معاً مشروعنا الجديد وسننفذه معاً.
- وهل سيكون بانتظار صناديق الدعم؟
– كل أبناء جيلنا ينتظرون الفرص الملائمة لإطلاق مشاريعهم، لدينا عدد كبير من المبدعين ولا ينقصنا إلا الدعم حتى ترى أعمالنا النور، ومن الجيد أنه تتوافر صناديق دعم للسينمائيين، لكن برأيي على الدول أن تبادر لتبني السينما وتحولها إلى صناعة قائمة بذاتها، لأنها تعني النهوض والتطور والثقافة. ومن المؤسف أن العاملين في القطاع السينمائي والفني عموماً،خاصة أنا، نعمل في أمريكا لكسب العيش وأيضاً احترفنا الفن للمتعة.