نقاشات تمد الجسور بين الأداء الإعلامي المهني والوضع الحقوقي في المغرب
عشية تخليد “اليوم العالمي لحرية الصحافة”، التأم فاعلون إعلاميون وباحثون أكاديميون في ندوة، نظمت مساء أمس الثلاثاء بالرباط؛ فيما اختار القائمون على تنظيمها عنوان “دور الإعلام المغربي في تعزيز والنهوض بثقافة حقوق الإنسان”.
وفضلا عن جلسة افتتاحية تميزت بكلمة رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، تلاها نيابة عنها عبد الغاني بردي، رئيس القسم المحدَث لدى رئيسة المجلس المكلف بقضايا التكنولوجيا والفضاء الرقمي وحقوق الإنسان، توالى على منصة الندوة التي نظمها “المنتدى المغربي للصحافيين الشباب” (FMJJ)، بشراكة مع “مؤسسة هينريش بُل–الرباط”، ثلة من المتدخلين في جلستين.
في كلمة افتتاحية ترحيبية، قال سامي المودني، رئيس المنتدى: “لا نعتبر قضايا حقوق الإنسان مجرد حقل للاشتغال، وإنما حقلا يتدخل في كل مسارات العمل الإعلامي والصحافي، سواء في شقه المهني المحض أو ما يتعلق بأخلاقيات المهنة”.
وتابع المودني مؤكدا اشتغالا مستمرا على المستوى المهني: “نحرص من خلال شراكاتنا المتعددة على تجويد الممارسة الإعلامية في علاقتها بالتغطية الصحافية لفحص سجل المملكة المغربية لحقوق الإنسان أمام الآليات الأممية لحماية حقوق الإنسان، عبر دورات تكوينية، بالإضافة إلى دليل موجه للصحافيين حول كيفية التعامل معها بشراكة مع مؤسسة هنريش بل مكتب الرباط”.
جمال محافظ، رئيس المركز المغاربي للدراسات والأبحاث في الإعلام والاتصال، طرح في مداخلته “سؤال الحيادية في الإعلام”، لاسيما عند تعاطي وسائل الإعلام مع قضايا حقوق الإنسان، مؤكدا أن “الصحافة وحريتها شرط أساس للديمقراطيةـ ومتنفس لها”.
ووضع محافظ هذا اللقاء في “سياق يكتسي رمزية خاصة”، وفق تعبيره، مضيفا أنه “يأتي متزامناً مع ذكرى مرور ثلاثة عقود (30 عاما بالتمام) على إقرار المنتظم الأممي الاحتفاء باليوم العالمي للصحافة”.
من جهتها، شددت ياسمين بوطيب، فاعلة حقوقية ومدنية، على “محورية التربية على حقوق الإنسان في زمن تغزوه الشبكات”، لافتة إلى أن “الشركات العملاقة المسيّرة للتواصل الاجتماعي تنتهك الحقوق، ويجب عليها أن تحترم المعطيات الشخصية”.
وسجلت بوطيب أن “منصات التواصل الاجتماعي يحكمها تصميم حر، كما أنها تحدد قواعد الاستخدام”، ما يجعل “القطاع الخاص يدبر مجال الرقمنة العابر للحدود، ويُضيّق من هامش الرقابة الذي يظل محدودا جدا”.
وفي الجلسة الثانية، تدخَّل سعيد بنيس، أستاذ العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس بالرباط، مؤكدا أن “الصحافة تعد آلية حامية ضد الكراهية، فيما هناك ضرورة لضبط مشترك”؛ قبل أن يقترح “تمغربيت” التي تجمع بين التسامح ورفض الغلو، منتقدا غياب أخلاقيات المهنة لتحقيق “البوز”، وزاد موضحا: “على الناس أن يعلموا أن المجتمع غير انقسامي”.
واقترح بنيس في مداخلته بعنوان “أدوار الإعلام المغربي في محاربة خطاب الكراهية والتطرف” حظر الصور النمطية، مع اعتماد آليات لمسح الخبر الزائف المتعلق بالكراهية وغيرها، و”تأهيل الصحافة الجهوية، وتفعيل أدوار المجلس الوطني للصحافة”.
“إرساء مرصد ضد الكراهية، واعتماد آليات التجارب الاجتماعية، والاستفادة من تجارب الضحايا، مع صياغة تقرير سنوي حول الكراهية، ووضع ضوابط للأشخاص الذين تتم استضافتهم”، كانت من جملة مطالب دعا الأكاديمي السوسيولوجي إلى العمل عليها، موصيا بإحداث “موقع إلكتروني لرصد الكراهية، وصياغة معجم لغوي لمكافحتها إعلاميا”.
وفي مداخلة حملت عنوان “تفاعل الإعلام المغربي مع القضايا المرتبطة بالنوع الاجتماعي”، دافع الكاتب الصحافي عبد العزيز كوكاس عن “الهوية الوطنية” التي قال إنها “حفظت النسيج المغربي”، موضحا في هذا السياق “فاعلية ومحورية الإعلام الذي لا يجب أن يُنظر إليه فقط باعتباره صندوق بريد لنقل رسائل المجتمع”.
يشار إلى أن تنظيم هذه الندوة حسب الهيئة المنظمة يأتي من منطلق “اعتبار حقوق الإنسان في شموليتها وكونيتها جزءاً لا يتجزأ من منظومة أخلاقيات مهنة الصحافة، وهي التي تحكم فلسفتنا في التفاعل مع مختلف القضايا ذات الصلة بهذا الموضوع”.
ولم يخف المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، كهيئة غير حكومية مدنية، أن “تساهم أشغال ونقاشات هذه الندوة في تطوير وتجويد النقاش العمومي حول العلاقة بين الإعلام وحقوق الإنسان بالمغرب”، مؤكدا “الحرص على تدوين خلاصاتها وتوصياتها في كتاب سيشكل مرجعا في المستقبل للصحافيين والباحثين”.