جبهة البوليساريو تتمسك بقشّة اليسار الراديكالي واليمين المتطرف في إسبانيا
منذ إعلان الحكومة الإسبانية عن تأييدها الصريح لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، باعتبارها “الحل الأكثر واقعية” للنزاع المفتعل، تواصل جبهة البوليساريو الانفصالية، عبر أذرعها الإعلامية، مساعيها للتشكيك في ثبات موقف حكومة بيدرو سانشيز الائتلافية من بوابة بعض الأحزاب المشكلة لها المعروفة بعدائها للمغرب.
وروجت الجبهة الانفصالية الناشطة في تندوف الجزائرية للقاء ممثلها في أرخبيل الكناري، حمدي براي، بالأمينة العامة لحزب “بوديموس” وزيرة الشؤون الاجتماعية بالحكومة الإسبانية، أيوني بيلارا، أول أمس الاثنين، على هامش تجمع انتخابي للحزب الإسباني نفسه، احتضنته جزيرة لاس بالماس، للإعلان عن المرشحين للانتخابات البلدية المقبلة.
المصدر ذاته اعتبر أن الوزيرة الإسبانية جددت تأكيد حزبها، أصغر الأحزاب المشكلة للحكومة المركزية في مدريد، “دعمه للجبهة”، وأن هذا الدعم “بند رئيسي في برامج الحزب واهتماماته السياسية”، وفق دعاية البوليساريو.
ويرى محللون أن تركيز دعاية البوليساريو على بعض “الأحزاب الهامشية” داخل الحكومة أو المعارضة الإسبانيتين، والترويج لمواقفها، بل وتضخيمها في كثير من الأحيان، إنما يؤكد “تراجع الطرح الانفصالي داخل الأوساط السياسية الإسبانية” واقتصاره على بعض النخب الإسبانية التي تتبنى “إيديولوجيات يسارية راديكالية أو يمينية متطرفة”.
حملات انتخابية
عن الأسباب الحقيقة لدعم هذه الأحزاب جبهة البوليساريو، قال محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المركز الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، إن الأمر لا يتعدى كونه مجرد “مزايدات سياسوية مرتبطة أساسا بالحملات الانتخابية وفترات الصراع الانتخابي، وليس مواقف سياسية جادة مرتبطة بالبرامج السياسية الحقيقة لهذه الأحزاب”.
واعتبر سالم عبد الفتاح، في تصريح لهسبريس، أن الحكومة الإسبانية رغم التصريحات الجانبية التي يدلي بها مسؤولو بعض الأحزاب، “مازالت متمسكة بالشراكة الاستراتيجية مع المغرب”، وهو ما أكده رئيس الحكومة بيدرو سانشيز في أكثر من مناسبة.
المحلل السياسي ذاته سجل أيضا تراجع حضور البوليساريو في الساحة السياسية الإسبانية بشكل عام، بسبب “افتضاح الماضي الإجرامي لقياداتها وملاحقتهم من طرف القضاء الإسباني”، واقتصاره على بعض الأحزاب والتيارات، التي عزا المتحدث مواقفها إلى أسباب إيديولوجية “مرتبطة بحالة الاستقطاب التي نتجت عن الحرب الباردة”، على غرار مواقف حزب بوديموس.
الأحزاب متجاوزة
لحسن أقرقيط، باحث في العلاقات الدولية، أفاد من جانبه بأن “موقف مدريد الحالي هو موقف الدولة العميقة في إسبانيا، لأن حجم ما هو مطروح على طاولة المفاوضات بين البلدين يتجاوز بكثير مواقف هذه الأحزاب”.
وردا على سؤال هسبريس حول التأثير المحتمل لمواقف هذه الأحزاب على الموقف الرسمي الإسباني، أجاب أقرقيط بأن “حكومة سانشيز حاولت أن تربط الاقتصاد الإسباني بنظيره المغربي من خلال مجموعة من الاتفاقيات والشراكات الملزمة للدولة الإسبانية، التي تعطي للعلاقة بين الدولتين بعدا استراتيجيا ملزما للحكومات القادمة بغض النظر عن الأحزاب التي ستقودها”.
وإضافة إلى ارتباط الاقتصادين بعدد من الشراكات الاستراتيجية، فإن إسبانيا باتت تدرك أن المغرب “أصبح في قلب الجغرافيا السياسية، وأضحى يستقبل لاعبين دوليين خارج المنطقة، واستطاع بناء شبكة علاقات عابرة للحدود”، يضيف الباحث ذاته، مردفا بأن الإسبان واعون بهذه المعطيات ويعملون على “إخراج النزاع المفتعل حول الصحراء من دائرة الصراعات الانتخابية الداخلية، لأنهم يدركون أن ما يجازفون به مع المغرب أكبر من إعطاء موقف حول ما يجري”.