“الفريق الاشتراكي” بمجلس النواب يطالب بتغيير شامل لأحكام مدونة الأسرة
شدد الفريق الاشتراكي بمجلس النواب على أن التعديل المرتقب أن تخضع له مدونة الأسرة، بعد أن دعا الملك محمد السادس إلى ذلك في خطاب العرش لسنة 2022، ينبغي أن يكون “تعديلا شاملا”، لتكون أكثر إنصافا لكافة مكونات الأسرة وأفراد المجتمع؛ وفي مقدمتهم النساء والأبناء.
عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، قال، خلال لقاء دراسي نظمه الفريق المتوقع في صف المعارضة بتنسيق مع منظمة النساء الاتحاديات وجمعية حقوق وعدالة وائتلاف دنيا لمنع تزويج القاصرات، إن مدونة الأسرة في حاجة إلى مراجعة شاملة تضمن حماية حقوق جميع مكونات الأسرة، لافتا إلى أن مطلب المراجعة لأحكام المدونة يجد مكانه في كون المرأة هي طرف أساسي في الديمقراطية والتنمية.
وأضاف شهيد أن النقاش العمومي حول مدونة الأسرة في هذه الظرفية والدفع إلى مراجعة شاملة لأحكامها لا يجد أهميته فقط في كون عدد من أحكامها أصبحت متجاوزة، بعد 18 سنة من التطبيق؛ بل لأن التعديل يشكل بوابة ورافعة أساسية في تحقيق التنمية، لا سيما فيظل انخراط المغرب في مشروع النموذج التنموي الجديد.
“إذا كانت المدونة قد شكلت قطيعة مع مدونة الأحوال الشخصية وأنصفت المرأة في عدد من الأحكام وشكلت ثورة إبانها، فإن التغيرات المجتمعية والقصور وغلبة الطابع المحافظ لدى الكثير من الاجتهادات القضائية أمور باتت تفرض اليوم مراجعة شاملة لها، قال رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب.
من جهته، انتقدت حنان رحاب، رئيسة منظمة النساء الاتحاديات، عدم حضور وزارة العدل والسلطة القضائية في اليوم الدراسي رغم توجيه الدعوة إليهما، معتبرة أن في ذلك إشارة إلى أن موضوع تعديل مدونة الأسرة، وإن كان يجري حوله نقاش مجتمعي وحقوقي وقانوني، تخوض فيه المنظمات الحقوقية ترافعا حقيقيا، ووجود إرادة ملكية حاثة على مراجعة المدونة، “إلا أننا ما زلنا أمام نوع من عدم القدرة على فتح هذا النقاش بشكل رسمي ومؤسساتي”.
وأضافت رحاب أن التعديلات التي تطالب منظمة النساء الاتحاديات بإدخالها على مدونة الأسرة تستقي حجيتها من أربعة مستويات؛ المستوى القانوني من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب، والمستوى الدستوري وإمكانية الاجتهاد الفقهي لتطوير الترسانة القانونية لتخدم الجانب الحقوقي، إضافة إلى الواقع الأسري المغربي الذي شهد تغيرات كثيرة.
في السياق ذاته، اعتبر المحامي مراد فوزي، رئيس جمعية حقوق وعدالة، أن المبدأ العام الذي ينبغي أن يُبنى عليها تعديل مدونة الأسرة هو تكريس حقوق مكونات الأسرة المغربية وتحقيق المساواة بين المرأة والرجل.
وشدد المتحدث ذاته على أن التعديل يجب أن ينعكس على كل مكونات خلية الأسرة لتكون في مستوى انتظارات المواطنين، كما أكد على ذلك الخطاب الملكي لعيد العرش 2002، مشيرا إلى أن هناك جملة من الإكراهات في المحاكم تجعل أحكام مدونة الأسرة “نصوصا بدون روح”، جراء غياب آليات تكريس المساواة بين المرأة والرجل وحماية حقوق الأطفال.
مليكة الزخنيني، نائبة برلمانية عن الفريق الاشتراكي، اعتبرت أن مدونة الأسرة وإن كانت نصا تشريعيا إلا أنها “ليست نصا كباقي النصوص، لاعتبارات عديدة؛ منها أن النص يتعلق بتنظيم الخلية الأولى للمجتمع، وبناء عليه يتم تحديد طبيعة الأسرة التي نريد، وبالتالي رسم تصور المجتمع الذي نريد”.
وأضافت أن هذا النص التشريعي يتميز بخصوصيات عن باقي النصوص؛ منها أنه يحتم تدخل عدد من الفاعلين لتأطير النقاش الدائر حوله، وبكونه تتجاذبه ثنائية الوضعي والشرعي، طالما أن أحكامه مؤطرة بأحكام الشريعة؛ وهو ما يفرز استقطابا حادا بين المحافظين الذين يسعون إلى الحفاظ على الوضع القائم، وبين والتقدميين الراغبين في تغيير الوضع.
في هذا الإطار، اعتبر الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، حسب ما جاء في الورقة التقديمية لليوم الدراسي، أنه “لا يمكن الادعاء بأن توافقا حول كل التعديلات سيكون ممكنا بسهولة ويسر”، مشددا على أن “الأساس يظل هو الإيمان بأن العبور نحو مدونة أسرة منصفة يقتضي تطويق كل التوترات الممكنة، وأن سبيل ذلك هو الحوار المنتج والإنصات المتبادل على أرضية الوضوح والمسؤولية”.