الوافي يختبر الألباب في “حي بن يقظان”
صدر حديثا للشاعِرِ المغربي خَليل الوافِي كِتاب موسوم بِـ “حَيِّ بْنِ يَقْظانَ: المُتّوِحِّدُ الَذِي لا تَسَعُهُ التَّرْبَاءُ وَلَا تُسْعِفُهُ الجَرْبَاء” (الجُزْءُ الأَوَّلُ)، عن منشورات دار فضاءات للنّشْرِ والتوزيع بالأردن.
الإصدار عِبارَة عن نصّ واحد، يضم بين طَيّاته 562 صَفْحَة من الحجم المتوسط، ويشتغل العمل على حداثة الكتابة في تجلياتها الشعرية ويستأنس بأبجديات معارف شتى، تتجاوز مع النص الأصلي وتتماهى معه في آن واحد.
كما يغترف الكتاب من حوض مداد رسالة حي بن يقظان لأبي بكر بن طفيل الأندلسي، حيث ينصهر النثري في رحى الشعري، وذلك في بوثقة واحدة، وترشح تباشير الرؤيا فيما ذهب إليه الفيلسوف وما أبدعته لغة شاعر يقطن في الضفة المتاخمة لزرقة المتوسط.
ويستدعي النص في محيطه نصوصا أخرى تتجانس تارة وتارة أخرى تتنافر، وتشكل في النهاية لوحة ضاربة في صخب غموضها الباذخ وتلح على القارئ اللبيب أن يفك طلاسم مفرداتها المتجذرة في المعاجم العربية.
وجاء ضمن مقطع صغير من ثنايا الكتاب:
ها أَنْتَ أَيُّهَا البَشِيرُ!
يَرْشِفُكَ الهَوْبُ المُنْفَرِدُ.
غُصَّةُ
الفِرَاقِ عِرْفَاصٌ، بَسَرَ قُرْحَةَ الغَنَصِ،
وَأَنْتَ القَبِيصَةُ فِي خَوْصَاءِ الجَنِيصِ.
طَغَى البَسْرُ فِي مَمْلَكَةِ الأَيْسِ، وَبَدَا بَدَنُكَ يَتَقَرَّحُ كَالصَّدِيدِ المُرَاقِ، عَلَى وَحْشَةِ الوَدْشِ، وَعُدْتَ كَمَا كُنْتَ، ذَاكَ الوَحِيدُ المُتَوَحِّدُ، تُقَلِّبُ حِلْيَةَ الحَارِصَةِ، وَتُنَضِّدُ وَاجِهَةَ الأَصِيصَةِ.
تُسَطِّرُ، بِحِبْرِ العَلَقِ، عَهْدَ المُوبِيقَاتِ، وَتَصْرُخُ فِي وِهَادِ الصَّرْمَاءِ، لَعَلَّ النَّشِيجَ الكَتِيتَ، يَصْدَعُ مِنْ تَرَائِبِ العَوِيصِ، وَمِنْ صَاخَةِ الجَدَفِ.
كَمْ يَكْبُرُ فِيكَ سُؤَالُ النَّيَازِكِ،
وَتَلْمَعُ فِيكَ حُرُوفُ النُّجُودِ!؟