آخر خبر

3 سيناريوهات مؤلمة تنتظر السودان


«اتفاق سلام أو انتصار سريع لأحد الأطراف وإما صراع طويل الأمد».. 3 سيناريوهات محتملة للوضع الراهن في السودان بعد معارك استمرت 17 يوما بين رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد أحمد دقلو «حميدتي».

يعيش السودان أوقاتا عصيبة بين قتامة الحاضر وتراكمات الماضي على وقع صراع الجيش والدعم السريع، فيما يزداد الوضع الإنساني سوءا، وتتواصل عمليات الفرار للدول المجاورة، مع تدهور لافت في الأوضاع الاقتصادية.

وبين الشد والجذب والاشتباكات المتبادلة بات السودان خريطة للصراع، يعلن كل طرف فيها مناطق سيطرة ونفوذ ويتوعد ببسط السيطرة على باقي المناطق، رغم المحاولات المتواصلة لتحقيق السلام ومد الهدنة لأطول فترة ممكنة.

حافة الهاوية

على وقع اشتداد المعارك، لجأ الكثير من السودانيين إلى النزوح لمناطق داخل البلاد أو لدول في الجوار، وسط نقص حاد في المياه والغذاء والأدوية والوقود، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي والإنترنت.

وأطلقت الولايات المتحدة والعديد من الدول الأوروبية والشرق أوسطية والأفريقية والآسيوية بعثات طارئة لإجلاء موظفي سفاراتها والمواطنين المقيمين في السودان، فيما قتل أكثر من 600 شخص وأصيب الآلاف وفقا لوكالات الأمم المتحدة، التي أفادت بأن المدنيين السودانيين «يفرون من المناطق المتأثرة بالقتال، بما في ذلك إلى تشاد ومصر وجنوب السودان».

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس كان قد حذر من أن العنف في السودان «يمكن أن يبتلع المنطقة بأسرها وما وراءها».

وقال غوتيريس «يجب أن نفعل كل ما في وسعنا لسحب السودان من حافة الهاوية»، ودعا مرة أخرى إلى وقف إطلاق النار.

لحظة الانهيار

حذرت الأمم المتحدة من «لحظة انهيار» إنسانية بينما يتبادل الطرفان المتناحران اتهامات خرق الهدنة مع دخول الصراع المدمر أسبوعه الثالث، وأشارت فرانس برس إلى أن الخرطوم أفاقت مجددا أمس، على هدير الطيران الحربي والانفجارات رغم موافقة طرفي النزاع على تمديد إضافي للهدنة.

وأفاد شهود عيان في الخرطوم، أن سكانها استيقظوا على هدير «الطائرات المقاتلة»، في حين تحدث آخرون عن سماع أصوات انفجارات وإطلاق رصاص في مناطق مختلفة من العاصمة التي يناهز تعدادها خمسة ملايين نسمة.

وأتى ذلك بعد ساعات من إعلان الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، موافقتهما على تمديد وقف لإطلاق النار كان من المقرر أن ينتهي منتصف ليل أمس.

هدنة هشة

وبقيت الهدنة هشة كغيرها من محاولات التهدئة التي تم التوافق عليها منذ اندلاع النزاع بين الحليفين السابقين في 15 أبريل، والذي أغرق السودان في فوضى حصدت مئات القتلى ودفعت عشرات الآلاف للمغادرة.

ويرى خبراء، تحدثوا لـ «فرانس برس» أن اتفاقات وقف النار تهدف خصوصا إلى ضمان أمن طرق إجلاء الرعايا الأجانب، والسماح بمواصلة بعض الجهود الدبلوماسية التي تقودها أطراف خارجية في ظل رفض القائدين العسكريين التواصل بشكل مباشر.

ويبدو أن كل محاولات الحل تصطدم بصراع النفوذ الشخصي بين البرهان وحميدتي، واللذين أطاحا معا عام 2021 بشركائهما المدنيين بعدما تقاسما السلطة معهم منذ الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير عام 2019.

تفكك البلاد

وتقول «رويترز» «إن الصراع دفع عشرات الآلاف إلى الفرار إلى خارج السودان وأثار تحذيرات من تعرض البلاد للتفكك وزعزعة استقرار منطقة مضطربة بالفعل، كما دفع الحكومات الأجنبية إلى الإسراع لإجلاء مواطنيها».

ودقت الأمم المتحدة جرس الإنذار من تحول الوضع إلى مأساة إنسانية، وقال المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة الأممية ستيفان دوجاريك «إن الأحداث في السودان تحصل بنطاق وسرعة غير مسبوقين»، مبديا قلقه الكبير.

وأضاف «إن الأمين العام أنطونيو غوتيريش قرر أن يرسل فورا إلى المنطقة رئيس الوكالة الإنسانية للمنظمة الأممية مارتن غريفيث في ضوء التدهور السريع للأزمة الإنسانية في السودان.

وأكد غريفيث أن الوضع الإنساني يقترب من نقطة اللاعودة، وحذر من أن النهب الذي تعرضت له مكاتب المنظمات الإنسانية ومستودعاتها استنزف غالبية مخزوناتنا.

وضع خطير

وتشير الأنباء إلى أن سكان العاصمة الخرطوم غير قادرين على مغادرتها، ويواجهون ظروفا تزداد صعوبة في ظل انقطاع الكهرباء وشح المواد التموينية والمياه والوقود.

ومنحت السلطات المحلية في الخرطوم موظفي القطاع العام إجازة حتى إشعار آخر، بينما تؤكد الشرطة أن عناصرها ينتشرون ليحولوا دون أعمال النهب، وباتت غالبية المستشفيات خارج الخدمة.

وبحسب الأمم المتحدة، قتل زهاء 100 شخص في غرب دارفور، حيث الوضع خطير وفق المنظمة الدولية، وحذر الأمين العام للأمم المتحدة من أن القبائل تسعى للتسلح في المنطقة.

وتتزايد أعمال النهب والتدمير وإضرام الحرائق بما في ذلك داخل مخيمات النازحين، بحسب منظمة أطباء بلا حدود التي اضطرت إلى وقف كل أعمالها تقريبا في غرب دارفور بسبب العنف، بحسب ما قال نائب مدير المنظمة في السودان سيلفان بيرون.

أول شحنة

ومع دخول النزاع أسبوعه الثالث، تمكنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من إيصال أول شحنة مساعدات إنسانية عن طريق الجو، إلى مدينة بورتسودان الواقعة على مسافة 850 كلم إلى الشرق من الخرطوم.

وأوضحت اللجنة أن الشحنة ضمت معدات جراحية لدعم مستشفيات السودان ومتطوعي جمعية الهلال الأحمر السوداني الذين يقدمون الرعاية الطبية للجرحى الذين أصيبوا خلال القتال، إلا أنها لن تكفي سوى لمعالجة 1500 جريح.

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، انتقل 75 ألف شخص إلى مناطق أخرى في السودان، وعبر 20 ألفا على الأقل نحو مصر، مثلهم إلى تشاد وستة آلاف نحو جمهورية أفريقيا الوسطى وغيرهم إلى إثيوبيا وجنوب السودان، وأدت المعارك إلى مقتل ما لا يقل عن 528 قتيلا و4599 جريحا، وفق أرقام أعلنتها وزارة الصحة السودانية السبت، في حصيلة يرجح أن تكون أعلى.

3 سيناريوهات محتملة

اتفاق سلام

  • يحاول الدبلوماسيون إقناع الجنرالين بالموافقة على تمديد وقف إطلاق النار، لكن عندما يتعلق الأمر ببدء محادثات السلام لا يعتقد أحد أنه من المرجح أن تبدأ في أي وقت قريب.
  • وتؤكد «بي بي سي» أن المكون العسكري «يفشل مرارا وتكرارا في تسليم السلطة للمدنيين»، منذ احتجاجات 2019، وقد بلغ الأمر ذروته في الإطاحة بالحكومة عام 2021.
  • وتتساءل «لقد أمضوا سنة ونصف بعد أحداث 2021 ما هو نوع الصفقة التي يمكن أن يتوصل إليها الرجلان والتي يمكن أن تكون مستساغة بالنسبة للسودانيين؟»، وتجيب «يبدو أن الجميع متفقون على أن الصفقة لن تأتي إلا من الضغط الخارجي».

صراع طويل الأمد

  • ترجح «بي بي سي» أن يمتد الصراع فترة طويلة، وتؤكد أن العناصر كلها متوافرة لأن تتحول البلاد إلى حرب أهلية طويلة الأمد، ويقول مراسلها مهند هاشم «كان هناك الكثير من التحريض من الموالين لنظام عمر البشير السابق وحزبه المؤتمر الوطني، الذين ينتمون إلى أيديولوجية أصولية»، حيث يشعر هذا الفصيل بالقهر منذ إطاحة الجيش بالبشير في 2019 بعد احتجاجات حاشدة في الشوارع.

انتصار عسكري سريع

  • سيناريو يبدو غير مرجح في الوقت الراهن، بحسب ما ذكرته «بي بي سي» البريطانية؛ لأن كلا الجانبين يتمتعان بمزايا لصالحهما في مراحل الصراع المختلفة، رغم تسابق كل منهما على إعلان انتصارات مبكرة.
  • وإن كانت شهادات أولئك الذين غادروا العاصمة الخرطوم تتحدث عن حرب شوارع تقودها قوات الدعم السريع في المدينة، وهي القدرة التي كانت لصالحها ضد خصمها التقليدي الجيش، لكن المؤكد بنظر المراقبين هو أن الجيش لديه قدرة نيران أكبر بكثير، سواء كانت الدبابات أم المدفعية أم الهيمنة الجوية.

أرقام من الأزمة:

  • 48 مليون شخص عدد سكان السودان.
  • 12 ولاية تشهد الاشتباكات من إجمالي 18 ولاية.
  • 600 عدد القتلى حتى أمس.
  • 5600 عدد المصابين.
  • 75.000 فروا إلى خارج البلاد.
  • 270.000 متوقع نزوحهم بسبب الأزمة.



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى