خولة المجيني: صناعة «الأنيميشن» منصة مؤثرة في تشكيل الثقافات
الشارقة: «الخليج»
في إضافة نوعية للمشروع الثقافي الذي تقوده الإمارة، تنظم هيئة الشارقة للكتاب مؤتمر الشارقة للرسوم المتحركة الأول من نوعه على مستوى المشهد الثقافي العربي. ويستمر المؤتمر الذي يشكل رافعة لدعم نمو قطاع الصناعات الإبداعية في الوطن العربي، ثلاثة أيام، اعتباراً من اليوم، الأربعاء، في مركز إكسبو الشارقة، مستضيفاً نخبة من رموز صناعة «الأنيميشن» العالميين وممثلين عن شركات واستوديوهات الإنتاج الأبرز عالمياً حول أبعاد تنظيم هذا الحدث والغايات المتوقعة منه، وعنه تتحدث خولة المجيني، المديرة التنفيذية للمؤتمر، ل«الخليج» في هذا الحوار:
- ما الأهداف التي تسعى هيئة الشارقة للكتاب إلى تحقيقها من خلال المؤتمر الذي ينظم لأول مرة على المستويين المحلي والعربي؟
المشاريع الثقافية يجب أن تكون متكاملة، وهذا التكامل في تطور مستمر لمواكبة مستجدات المشهد الثقافي الإبداعي العالمي، وما يشهده من نتاجات وإضافات بشكل متواصل. لذا يأتي المؤتمر إضافة مهمة لمشروع الشارقة الثقافي، ليحقق المزيد من التكامل بين مساحاته وقطاعاته، ليكون قادراً باستمرار على استيعاب كل المواهب والطاقات ومنحها مساحات للتعبير عن ذاتها وتحويل رؤاها إلى مشاريع تدعم المشروع الحضاري للإمارة ولشعوب المنطقة. والمؤتمر يشكل جسراً لالتقاء الناشرين بصناع المحتوى ومنتجي الأفلام من أهم الشركات والمؤسسات حول العالم، للتباحث حول آليات التعاقد والتوافق على المعايير والشروط لتحويل الكتب إلى محتوى بصري.
من جانب آخر، نهدف من خلال المؤتمر إلى توفير عوامل النمو للمواهب والمشاريع المحلية واكتساب المزيد من الخبرات من خلال لقاء رموز صناعة «الأنيميشين» العالميين، والتعرف عن قرب إلى تقنيات هذه الصناعة وأسرارها وعناصر نجاحها، وآليات التعاقد وفرص بناء الشراكات والتوافق على مشاريع مستقبلية بين القطاع الإبداعي المحلي ونظرائه من مختلف بلدان العالم. فالتجارب المحلية مهما كانت مبدعة لا تتكامل ولا تصبح تنافسية إلا من خلال التقائها بمثيلتها العالمية.
وصناعة الرسوم المتحركة تستحدث أعمالاً وشركات ومنصات ومزودي خدمات ومواهب وعلوماً وأشكالاً للوظائف ذات صلة بالصناعة، ما يؤثر بشكل كبير في هيكل الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل، كما يلعب هذا النوع من الأفلام دوراً كبيراً في صناعة الإعلانات، ونحن الآن في عصر التأثير البصري الذي تفوق على أشكال المؤثرات الأخرى، بحيث أصبحت الرسالة التي يحملها فيلم رسوم متحركة، أو فيلم عادي، أكثر وأسرع تأثيراً في وعي الجمهور من الوسائل التقليدية الأخرى.
- كيف تنظرون للدور الثقافي العالمي الذي باتت تلعبه أفلام الرسوم المتحركة؟
من الناحية الثقافية، شهدنا خلال السنوات الماضية قفزات واسعة في مستوى وحجم صناعة «الأنيميشن»، بحيث تحولت إلى منصة شديدة التأثير في تشكيل الثقافات والقيم والتعريف بتراث الشعوب وعاداتها وتقاليدها.
وسأبدأ بنقطة شديدة الأهمية من الناحية الثقافية، وهي أن أفلام الرسوم المتحركة تحمي الحكايات التاريخية من الضياع وتمنح الفرصة لشريحة واسعة من الجمهور للتعرف إليها، خاصة أن الحكايات التاريخية المكتوبة تتسم بطابع لغوي قد لا يكون جذاباً للأجيال الجديدة،. وتشكل اليابان نموذجاً قوياً لكيفية توظيف أفلام الرسوم في تحويل الأدب وحكايات التراث إلى أفلام وصلت لجميع المجتمعات، وتركت آثاراً إيجابية قوية عن الشعب الياباني وثقافته.
وعلى صعيد الطفولة، يتأثر الصغار بالرسائل التي تحملها أفلام الرسوم المتحركة أكثر من تأثرهم بأية وسيلة أخرى، ما يجعل من صناعة الرسوم المتحركة أداة تربوية وتثقيفية يومية.
في جانب لا يقل أهمية، تدعم أفلام الرسوم المتحركة الكتاب والناشرين، بل يمكن القول إنها ترتقي بالكتب إلى مستويات عالية جداً من الانتشار والتأثير ومن حيث العوائد أيضاً. ونأمل أن يساهم المؤتمر في مدّ المزيد من الجسور بين الكتاب والشاشة. فكل كتاب عربي يحظى بفرصة تحويله إلى فيلم عالمي هو انتصار للثقافة العربية، فالكثير من الكتاب، والكتب، حققوا حضوراً عالمياً واسعاً من خلال أفلام الرسوم.
- ليس بعيداً عن الثقافة، بات من الواضح أن أفلام الرسوم المتحركة تحظى بشعبية كبيرة في كل المجتمع، ما الأثر الاجتماعي لها كما تراه الهيئة؟
هناك حقيقة في غاية الأهمية، وهي أن أفلام الرسوم المتحركة تشكل اهتماماً مشتركاً لكل العائلة، الآباء والأمهات والأبناء يلتقون على مشاهدتها ما يساهم في توثيق الروابط العائلية. وأثناء التحضير للمؤتمر، قرأت في تقرير صادر عن جمعية الأفلام السينمائية في عام 2019، أن الأفلام العائلية، وفي مقدمتها الرسوم المتحركة، حققت إيرادات بقيمة 13,3 مليار دولار. وهناك أيضاً دراسة للأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال تؤكد أن مشاهدة أولياء الأمور أفلام الرسوم المتحركة مع أبنائهم تعتبر وسيلة فعالة لتحسين مستويات التواصل والتفاعل بين الطرفين.
وفي إطار أوسع، تعتبر الصناعات الإبداعية مساهماً رئيسياً في الارتقاء بالذوق الاجتماعي العام ومستوى جودة الحياة، فمن خلال منتجاتها، وفي مقدمتها الفنون البصرية، سيكون أمام الجمهور خيارات ترفيه راقية تجتمع عليها الأسرة، وكل الفئات الاجتماعية، وبهذا تتسع مساحات الترفيه المبدع والمفيد للمجتمع.
- تعودنا دوماً أن تكون مشاريع الشارقة، خاصة الثقافية، منسجمة مع توجهات الإمارات، أين يتقاطع هذا المؤتمر مع مسيرة الدولة؟
في عام 2021، أطلقت الدولة استراتيجية الإمارات للصناعات الإبداعية، وحددت النسبة المتوقعة من هذه الصناعات في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 31% بحلول 2031، ومن مستهدفات الاستراتيجية أيضاً، أن تكون الإمارات حاضنة للمواهب الإبداعية وللمشاريع الناشئة في قطاعاتها، إلى جانب رفع قدرة الصناعات الإبداعية على توليد الأعمال ذات الصلة ورفع قدرتها على التوظيف والتدريب وتنمية المهارات.
بدورنا في هيئة الشارقة للكتاب، نعمل بالتناغم والتكامل مع كل المؤسسات والجهات المحلية والاتحادية على تعزيز بنية الصناعات الإبداعية والارتقاء بفرص نموها، فهي تشكل جوهر اقتصاد المستقبل وقاطرة للنمو والتنمية.
ومن خلال المؤتمر نستثمر في المناخ المتميز للإمارات التي باتت حاضنة للإبداع والمبدعين، أفراداً وشركات، توفر لهم بنية تحتية متطورة ملائمة لصناعاتهم الإبداعية. ونأمل من خلال المؤتمر أن نساهم في تحقيق طموحنا المشترك في رؤية الكتب والحكايات والسيناريوهات العربية وقد تحولت إلى أفلام ودخلت كل بيت في العالم.