أخبار العالم

الحرارة المفرطة تٌفقد المغرب 10 في المائة من الموارد المائية السطحية



أعلنت موجة الحرارة المرتفعة، التي تعيشها جل مناطق المملكة خلال الأسابيع المنصرمة، حلول فصل الصيف بشكل مبكر هذه السنة؛ ما جعل الكثير من الشباب والأسر المغربية يستبشرون خيرا بالجو الساخن مدشنين فترة الاستجمام والسباحة في شواطئ البلاد الممتدة، غير واضعين في الحسبان أن هذا الجو يمكن أن يكون وبالا على الثروة المائية ويجعلهم عرضة للعطش في الصيف الذي يبدو أنه سيكون طويلا على المملكة.

في الجزء الآخر من المشهد، يضع الكثير من المسؤولين والخبراء أيديهم على قلوبهم بسبب هذا الوضع غير المعتاد، حيث تمثل درجات الحرارة المفرطة في شهري أبريل وماي الجاري كابوسا يقض مضجعهم بخصوص تداعياته الكبيرة على الموارد المائية المتراجعة بالمملكة سنة بعد أخرى.

وفي تصريح خص به جريدة سبريس الإلكترونية، أشار نزار بركة، وزير التجهيز والماء، إلى التحدي الذي تمثله درجة الحرارة المرتفعة على الموارد المائية بالبلاد، والتي تساهم في تبخر كميات كبيرة من المياه السطحية؛ ما ينعكس بشكل سلبي على الماء لصالح للشرب في عدد من مناطق البلاد.

محمد بنعبو، الخبير في البيئة والتغيرات المناخية، وجهت إليه جريدة هسبريس الإلكترونية سؤالا مباشرا حول “كيف تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على المخزون المائي للمغاربة؟”، رد عليه قائلا: “كلما ارتفعت درجة الحرارة إلا وكانت المياه السطحية معرضة بشكل كبير جدا إلى التبخر”.

وأضاف بنعبو موضحا أن الإشكال الذي تعيشه البلاد خلال هذه السنة هو أن “عملية تبخر المياه السطحية بدأت بشكل جد مبكر، والحرارة التي عاشتها المملكة المغربية ويرتقب أن تعرفها خلال ماي الجاري مفرطة وتعادل حرارة فصل الصيف، إذ بلغت 44 و45 درجة مئوية في بعض المناطق”.

وزاد الخبير في البيئة والتغيرات المناخية: “حطمنا الأرقام في مجموعة من المناطق كمراكش والدار البيضاء وفاس وطنجة، خصوصا في الفترة الليلية والتي بلغت درجة الحرارة فيها 18 و19 درجة، كما لو أننا نعيش في عز فصل الصيف”، مشددا على أن هذا الأمر يؤدي إلى نسبة تبخر أكبر.

وسجل المتحدث ذاته أن تبخر المياه يؤدي إلى “نقصان مخزون المياه السطحي، وهذا يؤدي بنا إلى أن نتوجه مباشرة إلى المياه الجوفية؛ ما يدفع البلاد إلى نحو مزيد من الضغط واستنزاف الموارد الجوفية، وبالتالي تعميق الإجهاد المائي الذي نعيش على إيقاعه بعد توالي خمس سنوات من الجفاف على المملكة”.

واستدرك بنعبو قائلا: “على الرغم من الأمطار التي عرفتها البلاد خلال هذه السنة في شهري دجنبر وفبراير، فإن هناك عجزا مائيا في عدد من الأحواض المائية، وهذا يزيد من تأزيم الوضع المائي عبر تبخر المياه”.

وبخصوص معدلات التبخر وإمكانية تحديدها، سجل بنعبو أن هذا الأمر من الصعب قياس نسبته، “قياس درجة التبخر غير ملموسة بشكل دقيق، وفي بعض الأحيان يمكن أن تكبدنا الحرارة المرتفعة خسارة نسبة تقارب 10 بالمائة من المخزون المائي السطحي، والذي يختلف حسب المناطق”.

وتابع بنعبو مبينا أن نسبة التبخر تختلف من منطقة إلى أخرى، حسب “الطبيعة ودرجة الحرارة العالية”، مؤكدا أن المناطق الجافة المعروفة بدرجة الحرارة المرتفعة تكون فيها نسبة التبخر بشكل أكبر، عكس المناطق الرطبة تكون فيها درجة منخفضة ووتيرة التبخر ترتفع سنة بعد أخرى، وهذا يشكل عائقا أمام التزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي بالنسبة للمجال الفلاحي”.

وفي ظل الواقع الراهن، أكد الخبير في البيئة والتغيرات المناخية أن السيناريوهات المحتملة هي أن يكون هناك “تخوف في الحواضر الكبرى مثل الدار البيضاء ومراكش، التي ستعيش على إيقاع العطش كما كنا نتصور الحال خلال السنة الماضية”، مشددا على ضرورة بذل مجهودات كبيرة جدا في هذا الباب.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن هناك وتيرة سريعة لتنزيل مجموعة من المشاريع الكبرى؛ مثل “ربط الأحواض المائية الذي يعرف وتيرة تنزيل سريعة، ومحطات تحلية مياه البحر التي ستكون فيها مجموعة من المشاريع جاهزة خلال سنة 2025 و2026 للاستغلال”، مبرزا أن هذا الصيف سيكون “شبيها بالصيف الماضي، وسيكون من اللازم بذل مجهودات كبيرة لمواجهة شبح العطش الذي يمكن أن يتهدد مجموعة من المناطق”، وفق تعبيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى