آخر خبر

كيف استغلت ميليشيات إثيوبيا جراح السودان؟


فيما تتواصل الاشتباكات الدامية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الخرطوم وعدد من المدن، استغلت ميليشيات إثيوبية الصراع الداخلي وشنت هجوما بريا على منطقة الفشقة داخل الحدود السودانية.

لم تنتظر عصابات إثيوبيا سوى ثلاثة أيام فقط على اندلاع القتال بين طرفي النزاع بالسودان، حتى توغلت في المنطقة الزراعية الهامة المتنازع عليها، التي شهدت مواجهات سابقة وكانت نقطة ساخنة بين البلدين.

وفيما فزعت الدول الإسلامية والعربية لوقف القتال ورأب الصدع في السودان، استغلت أديس أبابا الأزمة، وضغطت بقوة على الجراح السودانية، في وقت انشغل فيه الجميع هناك بالقتال الداخلي.

حشود إثيوبية

أكدت يومية «السوداني» أن قوات إثيوبية نفذت ثلاثة أيام بعد اندلاع الاشتباكات في السودان غزوا وهجوما على الفشقة الصغرى، معززة بالدبابات والعربات المصفحة وحشود كبيرة من المشاة»، مضيفة بأن وحدات الجيش السوداني تعاملت على الفور معها «بمنظوماتها النيرانية المختلفة والبعيدة المدى فكبدتها خسائر فادحة في الأفراد والعتاد».

وأوضحت الصحيفة ومقرها الخرطوم بأن القوات السودانية المتمركزة على الحدود الشرقية رصدت «حركة استنفار ونشاطا غير عادي لدى القوات الإثيوبية ومعسكراتها، كما رصدت عمليات الاستطلاع والرقابة الكثيفة التي تقوم بها القوات الإثيوبية»، وذلك منذ اندلاع المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل الماضي.

تحريض ووقيعة

في المقابل، دان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في بيان نشره على منصات التواصل هذه الأنباء، محذرا الجهات التي تعمل في التحريض والوقيعة بين بلاده والسودان.

وقال «إن هناك جهات تدعي بأن إثيوبيا أدخلت قواتها داخل المناطق الحدودية السودانية، فنحن ندين بشدة هذه الادعاءات، التي تصبو إلى تشويه علاقات حسن الجوار بين إثيوبيا والسودان».

وأضاف آبي أحمد «نحن نؤمن إيمانا راسخا بأن قضية الحدود بين بلدينا الشقيقين ستحل عبر الحوار والمناقشات حيث تثمن إثيوبيا الأخوة، وحسن الجوار بين بلدينا، ولا ترغب بتاتا في انتهاز الظروف الحالية التي يمر بها السودان الشقيق».

وقال المسؤول الإثيوبي «لا ترغب إثيوبيا بتاتا استغلال الظروف الحالية التي يمر بها السودان الشقيق. بل كل ما تتمناه هو أن يعود السلام والاستقرار في السودان».

تصرفات فردية

وأقر خبير إدارة الأزمات والتفاوض بمركز الدراسات الدولية بالخرطوم اللواء أمين مجذوب، بأن بعض ميليشيات الفانو (مجموعة مسلحة من إقليم أمهرة الإثيوبي) تحركت بالفعل في هذه المنطقة دون علم السلطات الإثيوبية، وقال «ربما تحاول استغلال الاضطرابات في الداخل السوداني لتجد لها موطئ قدم في هذه المنطقة، هذه الأحداث المتعددة والمتكررة تتصدى لها القوات المسلحة السودانية وتنتهي بشكل فوري، أي أنها لا تؤثر على الأمن الداخلي بالمنطقة الشرقية ولا تؤثر على ما يدور في الخرطوم الآن من صراع بين القوات المسلحة والدعم السريع».

وأضاف «أعتقد أن إثيوبيا لن تكون طرفا في هذا الصراع مثلما كان السودان محايدا في صراع تيجراي، حيث لم يتدخل لصالح أي طرف، إثيوبيا تعلم أن الوضع لا يتحمل وأنها يمكن أن تتضرر هي الأخرى».

تورط إثيوبيا

وأوضح مجذوب بأن نقل القوات السودانية إلى الخرطوم بعد اندلاع المعارك لا يعني إخلاء منطقة الفشقة من القوات، وقال في هذا الشأن: «نقل القوات إلى الخرطوم لا يعني نقل كافة القوات، بل مجرد تعزيزات تراعي الإبقاء على توازن القوى سواء بين تلك المنشورة في العاصمة أو في الفشقة، وفي الأصل تم نقل تلك القوات من مواقعها في الخرطوم وفي الشمال إلى منطقة الفشقة والآن جاءت الفرصة لإعادتها إلى مواقعها والمشاركة في الصراع لتنظيف العاصمة.

وأضاف «أعتقد أنها ميليشيات الفانو التي تتبع لأمهرة، ولا سيما أن القيادة الإثيوبية أكدت قبل يومين أنها لن تستغل ما يحدث في السودان للتمدد في هذه المنطقة التي تحكمها اتفاقيات، ليس من مصلحة إثيوبيا التورط في هذا الأمر؛ لأنها تحتاج إلى السودان في ملفات عديدة منها سد النهضة والجالية الإثيوبية في السودان والتجارة الحدودية، وأيضا استخدام ميناء بورتسودان، بالتالي أعتقد أنها تصرفات فردية».

خلافات قديمة

ويرى الباحث في مركز الخرطوم للحوار اللواء المتقاعد الرشيد المعتصم، بأن الجيش الإثيوبي لم يتورط في الهجوم الأخير على منطقة الفشقة السودانية، واتهم «مجموعات مسلحة قبلية في إقليم أمهرة الإثيوبي لديها حاليا بعض الخلافات مع الحكومة المركزية الإثيوبية فيما يتعلق بملف الحرب في إقليم تيجراي، ولها موقف من اتفاقية السلام، وسبق وأن تم ضم الأراضي الإثيوبية المتاخمة لمنطقة الفشقة في الداخل الإثيوبي إلى إقليم تيجراي في عهد الرئيس الإثيوبي الراحل ملس زيناوي، لكن ميليشيات الفانو في أمهرة ترفض هذا التقسيم وتعتبر هذه الأراضي جزءا من هذا الإقليم».

وتابع المعتصم «كما أن المزارعين من إقليم أمهرة الإثيوبى تاريخيا يعملون في موسم الحصاد في هذه الأراضي ويأخذون الأجر، وفي موسم الخريف عادة ما يتطلع المزارعون في الجانب الإثيوبي للاستثمار في هذه الأراضي الخصبة التي تجري فيها عدة أنهر تصب في أفرع نهر النيل، وفي مراحل لاحقة بدأ بعضهم يستأجر الأراضي في موسم الخريف، ويزرع مع السودانيين لمواسم طويلة استمرت لعقود.

نقطة ضعف

ويشدد مراسل إذاعة مونت كارلو الدولية في الخرطوم إسلام عبدالرحمن على أن الفشقة «منطقة سودانية في الأساس رغم وجود تنازع من الناحية القانونية مع إثيوبيا، لكنها معروفة في كل المواثيق القديمة كأرض سودانية باعتراف الإثيوبيين، رغم ذلك يبقى لإثيوبيا أطماع في هذه الأراضي؛ لأنها تعد من أفضل الأراضي وأكثرها خصوبة».

وأضاف «مر أكثر من قرن على النزاع الحدودي في منطقة الفشقة على الحدود الشرقية بين السودان وإثيوبيا، وهو نزاع يتجدد حسب الوضع السياسي. اندلع النزاع تحديدا عام 1902 بعد توقيع معاهدة ترسيم الحدود بين إمبراطورية إثيوبيا والإدارة الاستعمارية البريطانية سابقا في السودان، ومنذ خمسينيات القرن الماضي، يتهم الجانب السوداني ما يطلق عليها ميليشيات الشيفتا التي تقوم باعتداءات متكررة على مناطق الفشقة بهدف إخلاء الشريط الحدودي من المزارعين السودانيين ومن ثم الاستيلاء عليها واستيطانها وزراعتها».

وأوضح أنه رغم النفي الإثيوبي الرسمي، فإن «المشكلة الآن هي أن الجيش السوداني في معركته داخل الخرطوم قد استعان بقواته التي كانت متمركزة في منطقة الفشقة، وهي تمثل نقطة ضعف قد تسيل لعاب الإثيوبيين لمحاولة تكرار الهجوم على منطقة الفشقة والسعي إلى احتلالها».

ما أسباب أطماع الإثيوبيين في الفشقة؟

  • تؤمن لهم الغذاء بالكامل خصوصا أنها معروفة بزراعة الذرة والسمسم.
  • ولاية القضارف معروفة عالميا من حيث صادرات السمسم والمحاصيل الاستراتيجية.
  • تعد أخصب الأراضي الزراعية في السودان وربما في العالم.
  • تمر منها عدة أنهار وتتمتع بموارد طبيعية رائعة.
  • مساحتها حوالي مليوني فدان (حوالي 8093 كلم مربع) منها 168 كلم من الحدود مع إثيوبيا.
  • ظلت على مدار سنوات طويلة محل نزاع حول ملكيتها بين البلدين الجارين.
  • استقر آلاف المزارعين الإثيوبيين في الفشقة وزرعوا أرضها في العقدين السابقين.



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى