آخر خبر

قصص الرعب والموت من الخرطوم إلى حلفا


اختارت السودانية أميرة عبد المنعم أن تعود إلى مصر التي درست فيها قبل 20 عاما، بعدما عاشت رحلة رعب وخوف منذ خروجها من العاصمة الخرطوم حتى وصولها إلى مدينة حلفا ومرورها إلى محافظة أسوان المصرية عبر معبر قسطل الذي يربط البلدين.

1300 كلم قطعتها أميرة وأسرتها والآلاف غيرها من أجل الهروب من المعارك الطاحنة الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، التي أودت بحياة المئات وخلفت آلاف الجرحى والمصابين، وبعدما فشلت كل المحاولات لوقف نهر الدم والاحتكام إلى صوت العقل.

وبينما تتسابق الدول على نقل رعاياها ومواطنيها ودبلوماسييها من السودان في ظل احتدام المعارك، لا يجد السودانيون إلا المعابر الحدودية أمامهم للفرار، خاصة إلى مصر التي فتحت حدودها واستقبلت ما يقارب من 20 ألف سوداني حتى الآن، فيما أغلقت أثيوبيا وتشاد حدودهما.

رحلة المخاطر

تروي أميرة عبدالمنعم قصتها لموقع قناة «الحرة»، وتؤكد أنها خاضت رحلة مرهقة رفقة زوجها وابنتها التي تشتغل طبيبة، من الخرطوم إلى حلفا قبل أن تصل إلى مصر، حيث انعدمت المساعدة على طول الطريق، بمن فيهم الصليب الأحمر والهلال الأحمر.

وتقول بحزن، «إن خمس سيدات توفين أثناء الرحلة القاسية من الخرطوم إلى حلفا، وتروي كيف أمضوا خمسة أيام في الطريق في ظروف سيئة جدا، حتى وصولهم إلى المعبر الذي شهد زحاما طويلا، حيث بقوا 3 أيام حتى عبروا إلى أسوان».

واستغربت أميرة التي تخرجت من جامعة أسيوط المصرية قبل 20 عاما، الحملات التي يشنها البعض عبر وسائل التواصل الاجتماعي الرافضة لاستقبال السودانيين، وقالت «إن من بين الباحثين عن الخروج من السودان من هم في أوضاع اقتصادية جيدة ويرفضون كلمة «لاجئين».

لا مياه أو أدوية

لم يكن الطبيب أحمد عمر أكثر حظا من مواطنته، إذ بدوره كان شاهدا على تفاصيل معاناة السودانيين، ويقول «إنهم عاشوا داخل السودان أياما طويلة دون أن يحصلوا على مياه صالحة للشرب، وحتى إن توفر بعضها تكون سلامتها غير مؤكدة».

ويؤكد أن رحلتهم شهدت مشاكل طبية طارئة خاصة لمن يعانون من أمراض مزمنة كالسكري والضغط الذين تدهورت حالتهم بسبب عدم تناولهم أدويتهم لأيام»، ويقول «إنه شكل رفقة أصدقائه مجموعة للمساعدة لكن بسبب النقص الكبير في الإمدادات الطبية الأساسية كان لجهودهم تأثير قليل».

وأوضح الطبيب الشاب أنه أمضى أربعة أيام في الجانب السوداني من معبر «أرجين»، مشيرا إلى أن الوضع في الجانب المصري كان أفضل، إذ كان هناك مستشفى ميداني يساعد من عبر من السودان، وتوقع أن تؤثر ظروف رحلات الهروب على الوضع الصحي بالمعابر، إذ بسبب غياب دورات المياه قد يسبب التهابات المسالك البولية، كما يسبب نقص المياه الصالحة للشرب في مشاكل صحية أخرى.

حصار الرصاص

وروى الطالب المصري محمود السيد محمد الذي يدرس بالسودان قصة هروبه المرعبة من السودان التي كان يدرسها بها وصولا إلى بلده مصر، وقال «إنه لم يكن يتخيل أن يتحول الطريق إلى حلمه بكلية الطب إلى إنذار بالموت في أي لحظة، لكن باستيقاظه على أصوات طلقات المدافع والدبابات التي تحاصر منزله في الخرطوم، أدرك الشاب الذي يدرس الطب البشري في كلية المنهل بالسودان، أنه لا مفر من الهروب عائدا إلى موطنه في مصر».

وشهد محمود الحرب في السودان منذ بدايتها من خلال محاصرة قوات الجيش النظامي وقوات الدعم السريع محل سكنه في المبنى الذي يضم عددا من الطلاب، وحدث تبادل لإطلاق النار واستخدام أسلحة ثقيلة ومدرعات واخترق الكثير من الرصاص جدر المنزل.

وأكد محمد أنهم جلسوا أسبوعا كاملا محبوسين خلال شهر رمضان، خلال حصار منزله، قائلا «إنهم ظلوا بلا طعام أو شراب أو حتى كهرباء أو ماء، وخلال تلك الفترة لم يتوقف الرصاص وطلقات المدافع التي وصلت إلى غرفة نومه، حتى في فترات إعلان الهدنة».

الفرار الكبير

وتؤكد الأمم المتحدة أن عدد الذين وصلوا إلى مصر حتى الخميس الماضي تجاوز 16 ألف سودانيا، فيما وصل عشرات الآلاف إلى دول مجاورة، وتشير الإحصاءات إلى أن 270 ألفا يمكن أن يفروا إلى تشاد وجنوب السودان، فيما يسعى سكان الخرطوم البالغ عددهم خمسة ملايين إلى الفرار من المدينة التي تشهد انقطاعا في الماء والكهرباء والاتصالات وأزمة وقود، بالإضافة إلى القصف المتواصل.

ويخوض حليفا الأمس اللذان أطاحا بالمدنيين من الحكم عام 2021، قائد الجيش، عبدالفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدا دقلو المعروف بـ«حميدتي»، صراعا على السلطة أودى بحياة المئات خلال أسبوع، وفشلت معه كل مساعي التهدئة.

ويفر السودانيون من الحرب وتأثيرها على كل مناحي حياتهم، وحذرت الأمم المتحدة التي علقت نشاطها في السودان بعد مقتل خمسة من موظفيها في أول أيام المعارك، من أن خمسين ألف طفل يعانون «نقص تغذية حادا» محرومون من أي مساعدة غذائية في دارفور.

أين يتجه السودانيون؟

  • 48 مليونا عدد سكان السودان
  • 5 ملايين يحاولون الفرار من الخرطوم إلى مدن أخرى
  • 260 ألفا يحاولون الذهاب إلى تشاد وجنوب أفريقيا
  • 16 ألفا وصلوا إلى مصر
  • 3 ملايين شخص على الأقل يتوقع فرارهم بسبب المعارك



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى