الوضعية المزرية للمحطة الطرقية بتارودانت تخدش صورة “مراكش الصغيرة”
قد لا يصدق المرء، حين ينزل في محطة الحافلات بمدينة تارودانت، أنه في قلب مدينة كانت إلى عهد قريب ذائعة الصيت عالميا، بسبب الوضعية المزرية للمحطة التي لم يكلف القائمون على تسيير شؤون المدينة أنفسهم عناء توفير ولو بضعة مقاعد لائقة للجلوس للمسافرين.
وتزداد صدمة الوافد على مدينة تارودانت أو “مراكش الصغيرة”، كما سُمّيت خلال حقبة ازدهارها، عندما يدلف إلى مراحيض المحطة، التي توجد في وضعية مزرية تخدش صورة المدينة.
حسب الإفادات التي حصلت عليها هسبريس، فإن المجلس الجماعي لتارودانت، الذي يرأسه عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، يؤجّر مراحيض المحطة الطرقية بمبلغ 240 ألف درهم سنويا (24 مليون سنتيم).
وبالرغم من أن المجلس الجماعي لتارودانت يجني 24 مليون سنتيم من إيجار تلك المراحيض الغارقة في العفونة، فإنه لا يكلف نفسه عناء صيانتها، كما تؤكد وضعيتها المتعفنة، أو إصلاح أبوابها التي تلاشت أجزاؤها السفلية عن آخرها.
“عيينا منصوّرو هادشي ونحطوه في فيسبوك لعل وعسى يتحركو المسؤولين ويصلحو هاد الفضيحة ولكن والو”، قال سائق سيارة أجرة داخل المحطة المجاورة لمحطة الحافلات، معلقا على الوضعية المزرية لمراحيض المحطة.
وبالرغم من أن تلك المراحيض لا تصلح للاستعمال، فإن الدخول إليها يتم مقابل أداء درهم ونصف الدرهم، يستخلصها رجل كهل يشرف عليها.
وتبدو المحطة الطرقية بتارودانت مثل أرض قاحلة، فبالرغم من أن المدينة تشهد ارتفاعا حادا في درجة الحرارة خلال فصل الصيف، تزيد على أربعين درجة مئوية، فإن المكان المخصص لانتظار المسافرين، والذي تحتله عربات وجبات الأكل، تمت تغطيته بقطع من القصدير التي ترفع من لهيب أشعة الشمس.
“مدينة تارودانت تتعرض لتهميش فظيع على جميع المستويات، والوضعية المتردية للمحطة الطرقية ليست سوى جزء من هذا التهميش الذي يطال المدينة”، يقول الفاعل الجمعوي حسن الگمرة.
ما جاء على لسان الگمرة تعكسه وضعية السور التاريخي المحيط بالمدينة القديمة لتارودانت على طور الشارع المحاذي للمحطة الطرقية، حيث تآكلت أجزاء واسعة منه لا سيما عند الأساس وتخترقه شقوق واسعة في الأعلى.
ومقابل السور يتراءى مشهد آخر من “المشاهد المأساوية” التي تسم واقع “مراكش الصغيرة” في الوقت الراهن، حيث تجثم السواقي التي كانت إلى عهد قريب تحمل المياه العذبة التي تُسقى بها الجنان، على الأرض، وعوّضت النفايات المياه التي كانت تغمرها في ما مضى.
وتعيش مدينة تارودانت ركودا كبيرا على المستوى الاقتصادي، يعكسه إغلاق عدد من الوحدات الفندقية الكبرى، بسبب ندرة السياح، حسب إفادة حسن الگمرة، معتبرا أن ذلك راجع إلى أن المدينة محرومة من الاستثمار السياحي.
ومن بين الفنادق التي أوصدت أبوابها فندق “الغزالة الذهبية” الذي دأب الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك على قضاء فترات من السنة فيه، إضافة إلى فنادق أخرى كقصر السلام والسعديين والأطلس… وعشرات الرياضات…
واعتبر حسن الگمرة أن موت القطاع السياحي في مدينة تارودانت بدأ بعد إعطاء الأولوية لمدينة مراكش، حيث ارتفع سعر تذاكر الطيران من أوروبا إلى أكادير، مقابل انخفاضها نحو مراكش؛ ما أدى إلى تراجع السياح الوافدين على تارودانت، وفي حال قدومهم يأتون عبر حافلات في زيارة عابرة دون المبيت، ما أدى إلى إغلاق حوالي اثنتي عشرة وحدة فندقية.
وسجل الفاعل الجمعوي ذاته أن مدينة تارودانت بحاجة إلى تقسيم إداري جديد، بإحداث عمالتين إضافيتين في كل من أولاد تايمة وأولاد برحيل، من أجل تخفيف الضغط على عمالة تارودانت التي تضم 89 جماعة.