أخبار العالم

باحث سوسيولوجي ينتقد إعاقة “جدران لا مرئية” المشاركة السياسية للمغربيات



على الرغم من كل الجهود التي بُذلت من أجل تذليل طريق المرأة المغربية نحو المشاركة السياسية على المستوى القانوني والتشريعي، فإن هذا الطريق ما زال يعج بكثير من الحواجز؛ وهو ما انعكس على حضور النساء في مراكز القرار بالمجالس المنتخبة، الذي يبقى ضعيفا جدا.

عبد الرحيم العطري، أستاذ علم الاجتماع بجامعة محمد الخامس بالرباط، قال إن القوانين تتيح للمرأة المغربية المشاركة في العملية السياسية؛ ولكن على أرض الواقع هناك معيقات شتى، ثقافية وأخرى ذات ارتباط بعقلية الفاعل السياسي، وأحيانا بتمثلات المرأة إزاء نفسها، تحول دون وصولها إلى مراكز القرار السياسي.

وأكد العطري، خلال تقديم دراسة حول المرأة والمشاركة السياسية، أنجزتها المنظمة المغربية لإنصاف الأسرة بدعم من صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء وبشراكة مع وزارة الداخلية وتعاون مع عمالة سلا، أن هناك “”جدرانا لا مرئية” تحول دون مشاركة المرأة المغربية في العملية السياسية”.

وأردف أستاذ علم الاجتماع أن المرأة مقصية من دوائر صنع القرار، على الرغم من أنها هي المساهم الأكبر في صنع العملية السياسية؛ ولكن كناخبة فقط، أو كمساهمة في تنظيم الحملات الانتخابية للمرشحين.

وما زالت المرأة المغربية تعوّل على الكوطا من أجل تحسين مشاركتها السياسية، إذ اعتبرت 58.98 في المائة من المشاركات في الدراسة أن الكوطا مهمة إلى حد كبير في دعم التمثيلية السياسية للنساء؛ في حين أكدت 57.42 في المائة منهن أن يخصص ما بين 50 إلى 70 في المائة من المقاعد الانتخابية للنساء عبر الكوطا.

وقال العطري: “هدفنا من الدراسة هو معرفة هل المرأة لديها حضور قوي في تسيير المجالس والغرف المهنية، فوجدنا أن المرأة تشارك في العملية السياسية؛ ولكنها تجد في طريق وصولها إلى دفة تسيير المؤسسات المنتخبة جدرانا لا مرئية؛ فالقانون لا يمنعها من الترشيح ولكن هناك سقف زجاجي مرتبط بالثقافة الذكورية ووضعيتها الاقتصادية والاجتماعية… يحد من طموحها”.

وفي الوقت الذي لا تزال فيه المرأة المغربية تحاول توسيع نطاق حضورها على مستوى تسيير المؤسسات المجالس المنتخب والغرف المهنية، شدد العطري على أن البحث العلمي يكتسي أهمية بالغة لفهم معيقات التمكين السياسي للنساء وإيجاد الحلول الكفيلة بتذليل هذه المعيقات بطريقة عملية.

واعتبر المتحدث ذاته أن نتائج الدراسة أظهرت مؤشرات على درجة عالية من الخطورة، كفقدان الثقة في الأحزاب السياسية والسياسيين والمؤسسات المنتخبة، حيث قالت 31.64 في المائة من المبحوثات بأنهن لا يثقن بالمرة في الأحزاب والسياسيين، واعتبرت 59.76 في المائة منهن بأن المجالس المنتخبة لا تشتغل بالمرة.

وتابع العطري بأن تصريح 89.45 في المائة من النساء المشاركات في الدراسة بأنهن لم يسبق لهن أن ترأسن أي هيئة أو مؤسسة كيفما كانت يعدّ إشكالا كبيرا يقتضي الانكباب على الاشتغال على الذهنيات وعلى العقليات من أجل تغيير هذه الوضعية.

ونوّه السوسيولوجي المغربي إلى ضرورة العمل على إزاحة “التهميش الذاتي” الذي تمارسه المرأة أحيانا في حق نفسها، وذلك باستبعاد نفسها من مجال العمل السياسي وتسيير المؤسسات المنتخبة؛ وهو ما تؤكده نتائج الدراسة، حيث اعتبرت 55.07 في المائة من المبحوثات بأنهن غير معنيات بالمرة بتدبير الشأن العام.

من جهتها، قالت حياة بوفراشن، رئيسة المنظمة المغربية لإنصاف الأسرة، إن معاناة المرأة في مجال المشاركة السياسية مضاعفة ثلاث مرات مقارنة مع الصعوبات التي تواجهه الرجل في الوصول إلى دفة تسيير المؤسسات المنتخبة.

وانطلاقا من تجربتها الشخصية كنائبة برلمانية، قالت بوفراشن: “مهما يكن المستوى الدراسي للمرأة، ومهما بلغت تجربتها المهنية، فإن الرجل السياسي يعتبرها دائما تحت وصايته، رغم أنه قد يكون أميا، وأقلّ كفاءة مهنية ومستوى علميا منها”.

وذهبت المتحدثة ذاتها إلى القول إن المرأة، وإن كانت لا تتمتع بتجربة كبيرة في ميدان العمل السياسي، “فإنها قادرة على استيعاب مجموعة من الأمور بسرعة كبيرة، نظرا لذكائها، بينما يحتاج الرجل الأمي أو محدود التكوين إلى وقت أكبر لاستيعابها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى