آخر خبر

السعودية.. القوة الرحيمة في السودان


لكل دولة في العالم أسلوبها في استخدام القوة، سواء كانت صلبة أو ناعمة أو حتى ذكية، وتسخير جميع ما تملكه من مقومات في سبيل تحقيق مصالحها، لكن أن يكون هناك قوة رحيمة تقودها دولة تجعل الإنسانية فوق كل اعتبار، وتسخر لها قوتها الدبلوماسية، وعتادها العسكري، وأموالها، فهذه هي المملكة العربية السعودية التي تتكئ على تاريخ ثري ومشرف من المواقف الإنسانية على كل الأصعدة وفي شتى بقاع المعمورة، بأرقام قياسية ومواقف تشهد بها المنظمات الأممية ودول العالم أجمع.

إن ما قامت به المملكة العربية السعودية خلال الأيام الماضية، وما زالت تقوم به من أعمال إجلاء للعالقين في السودان بسبب الحرب الدائرة هناك، حتى وصل عدد من تم إجلاؤهم إلى نحو 4879 شخصا، منهم 139 مواطن سعودي، و4738 شخصا من 96 جنسية من مختلف دول العالم، يعكس بلا شك عملا إنسانيا تقوده دولة حكيمة أعدت خطة عمل تضع الإنسان أولا، ونفذتها من خلال تكامل أجهزتها في ظروف قاسية جدا.

لك أن تتخيل معي طول المسافة بين الخرطوم وبورتسودان برا، التي تصل لأكثر من 800 كيلو متر، في ظل شبه انعدام توفر وقود المواصلات بين النقطتين، وعدم استقرار الوضع الأمني على طول الطريق، بل في السودان بأكملها، ومع ذلك كان لجهود الدبلوماسية السعودية بالتكامل مع قواتها العسكرية عبر توفير الدعم اللوجستي الكامل لضمان نقل الرعايا السعوديين ورعايا الدول الأخرى، عبر ممرات آمنة، الفضل الكبير بعد الله في نجاح إجلائهم وتوفير ما يضمن سلامتهم حتى وصولهم ميناء بورتسودان ومن ثم مدينة جدة.

في عالم السياسة يدور الحديث دائما عن 3 قوى رئيسة، الأولى هي «القوة الصلبة» التي تقوم على استخدام الوسائل الصلبة من أسلحة عسكرية ووسائل ضغط وحصار اقتصادي ضد الخصم، فيما تقوم الثانية وهي «القوة الناعمة» بالتأثير على الآخر من خلال طرق الجذب والإعجاب بنماذج ثقافية أو اقتصادية، أما الثالثة فهي «القوة الذكية» التي تجمع بين القوتين الصلبة والناعمة بالإضافة إلى توظيف الدبلوماسية

والإعلام، وهو ما تمارسه عدد من الدول منذ العام 2003م، وعلى رأسها أمريكا.

مهما تطورت مفاهيم القوى أو اختلفت مقاييسها، فإنها ترتبط جميعها بتحقيق أهداف تخدم مصالح الدول، دون أي اعتبارات إنسانية تذكر، والحديث في هذا الموضوع يطول، لكن ما يهمنا اليوم أنه بالرغم مما يمر به العالم من متغيرات وتحولات، ودخول موازين قوى جديدة وخروج أخرى، إلا أن هناك ثوابت في السياسة السعودية ترتكز على قيادة حكيمة وثقافة راسخة ودبلوماسية شجاعة، جعلتها مضرب المثل في حماية أراضيها وخدمة البشرية.

وباختصار، فإن امتلاك القوة وتوظيفها التوظيف الصحيح يعني إحداث الفرق وتحقيق التغيير وصناعة الأثر، والمملكة العربية السعودية في كثير من مواقفها سجلت اسمها كقوة دولية حققت الكثير من المنجزات والمكاسب السياسية والاقتصادية لصالح أمتيها الإسلامية والعربية وللبشرية جمعاء، وها هي هذه الأيام بفضل قوتها الرحيمة تحدث الفرق وتحقق التغيير، في ظروف صعبة للغاية، بتأمين آلاف الأشخاص من مختلف الجنسيات لإنقاذهم من نيران الحرب في السودان.

كما أنها صنعت أثرا تتناقله هذه الأيام عدد من وسائل الإعلام الدولية الشهيرة، ويكفي أن نذكر هنا صورا عكست مشاهد الرحمة والإنسانية التي قام بها مجندون ومجندات سعوديون تجاه من جرى إجلاؤهم، ومن بينهم أطفال رضع حملتهم الأكتف وضمتهم الصدور السعودية.

نعم هذه هي الصورة الحقيقية للقوة السعودية الرحيمة التي تقوم على ثقافة تمتزج بها قيم حب الخير، والشجاعة، والشهامة، والنجدة، وعلو الهمة، والحلم، وحفظ العهود، والإيفاء بالوعود، والعطاء دون شروط أو انتظار أي مقابل.



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى