أدب الطفل .. “غياب تدريس القصة العجائبية” يضيّع “اقتراح القيم الإيجابية”
اهتمام أوّليّ بواقع أدب الطفل وثقافته بالمغرب جمع أكاديميين ومشتغلين بالموضوع، بكلية الآداب في الرباط، فيما انتقد مشاركونَ اقتصار تصورات لهذا الأدب على “الهاجس التعليمي”.
اللقاء الذي جمع “مركز البحث في اللغات والآداب والفنون والحضارات والمجتمع”، و”مختبر اللغات والآداب والفنون والثقافات”، سجل فيه الأستاذ الباحث حسن إدبراهيم أهمية أدب الطفل في “اقتراح قيم إيجابية على الأطفال، للنمو الفردي والجماعي، والذكاء الجماعي والعاطفي”، ما يدفع تجارب إلى تقديم مشاهد “الاستمرار في المقاومة، رغم السقطات والأغبياء”، و”إعطاء الكلمة للحيوانات”.
المتدخل الذي اهتمت كلمته بتجربة مصطفى بوكنان نبه إلى غياب “الحكايات العجائبية عن المدرسة (المغربية) في السنة الأولى، رغم إعطائها للأطفال الرغبة في رؤية أنفسهم في البطل، والكتابة أيضا”.
بدوره، ذكر فؤاد أزروال، الحاضر باسم المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أن من الإشكالات التي تواجه المنشورات الأمازيغية الموجهة للطفل كتابتها بـ”لغة معيارية” لا تفهمها هذه الفئة العمرية، وأضاف: “هذه اللغة لم يدرسها الأطفال، ولا يعرفها أغلبهم، مثلما لم أعرف العربية والفرنسية قبل دخولي المدرسة؛ كما أن الكتابات الموجهة للطفل بالمعهد تصنَّف ‘حوامل ديداكتيكية’ لا ‘أدب طفل’، ما يدل على الهاجس اللغوي التعليمي بالأساس”.
وتابع المتدخل ذاته: “في الأدب الأمازيغي الجديد إشكالات من بينها طغيان الحس التعليمي، وإن بدأ هذا في التغيّر مؤخرا؛ ولهذا نشرت ترجمات واقتباسات للطفل من الأدب العالمي، مثل ‘الأمير الصغير’ و’أساطير لافونتين’، لتدريب من يكتبون للطفل على آليات الكتابة (بهذه اللغة)، سواء كانوا مبدعين حقيقيين أو مدرّسين”.
ورصد الكاتب الانتقال في “أدب الطفل” من التركيز على “المواضيع التراثية، من تاريخ، وحكايات وأمثال أمازيغية”، إلى انفتاح أيضا على “القيم الإنسانية”، وهو ما يرافقه “ظهور أدب اليافعين، ووجود عدة سرود، من قصص ومسرحيات وأشعار موجهة إلى هذه الفئة، ولو أن هذا لم يتطور بعد”.
رغم ذلك نبه المتدخل إلى “النقص الكبير” المتعلق بـ”البحث في أدب الطفل؛ فلا يوجد كتاب واحد ناقد أو دارس يتناول أدب الطفل في الثقافة الأمازيغية”، كما يستمر “غياب تقسيم الفئات العمرية في هذا الأدب الأمازيغي”.
أما الأستاذة الباحثة والكاتبة أحلام النويور فرصدت “الاهتمام المتزايد من الناشرين” بقصص الأطفال، واهتمام “الصناعات الأخرى المهتمة بالثقافة الشبابية، من مراكز الشباب والألعاب”، دون أن يقي ذلك “التلاعبات الإيديولوجية، والتدخلات في النص، والإسقاطات”.
وركزت المتدخلة في كلمتها على ترجمة قصص الطفل الشعبية “التي تمر من الشفاهة إلى الكتابة”، مسلطة الضوء على جانب “حفظ تراث غني وجماعي في طريق الاختفاء”، وجانب “التنقيص من حياة الحكاية في الكتابة”، وهي معادلة يعد المترجم “المسؤول الوحيد فيها عن الفوز أو الخسارة”.
وواصلت المتحدثة: “ترجمة البعد الثقافي مهمة، خاصة في ظل العولمة وفقدان الهوية الثقافية”، مع استحضار دور “فعل الحكي كتربية اجتماعية وثقافية”؛ ولو أن الترجمة إلى مشهد سوسيوثقافي محلي مختلف بعيد عن الشفاهة “تقطع مع مصفوفتها الدلالية”.