نواب يتخوفون من “خوصصة الكهرباء والماء”.. ولفتيت يُقر بإشكالات القطاع

قدم وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، مشروع القانون رقم 83.21 المتعلق بإحداث الشركات الجهوية متعددة الخدمات، الذي يهدف إلى “خوصصة قطاع الماء والكهرباء”، الخميس أمام لجنة الداخلية بمجلس النواب.
وأكد لفتيت في عرضه أمام أعضاء اللجنة أنه من خلال تتبع وتقييم أداء قطاع توزيع الماء والكهرباء تبين أنه يواجه مجموعة من الإشكالات في إطار تجارب التدبير الراهنة، التي لا تسمح للفاعلين الحاليين بمواكبة تطور الطلب على خدمات الماء والتطهير السائل والكهرباء، كما تحول دون تأمين التوازن في توزيع هذه الخدمات على المستوى الترابي، وخاصة بالعالم القروي.
وأبرز الوزير أن الدراسات المنجزة بخصوص هذا القطاع أوضحت أنه مازال يحتاج إلى استثمارات عمومية هامة، وأن مقاربات الاستثمار والتدبير المعتمدة إلى حدود اليوم لا تسمح بالاستجابة بشكل فعال لحاجيات القطاع، بالنظر إلى غياب التنسيق وتشابك مدارات التدخل والشبكات، ما تنتج عنه استثمارات غير مبررة وذات فعالية محدودة.
وزاد المسؤول الحكومي أن التغيرات المناخية ساهمت في تكريس الإشكالات التي يعيشها هذا القطاع، ما يفرض استعجال تدخل الفاعلين المعنيين والتنسيق في ما بينهم من أجل مواجهة التحديات البيئية، ورفع رهانات التنمية المستدامة التي أصبحت تستوجب وضع منظومة تسمح بتأمين التزود بالماء الصالح للشرب والكهرباء، على أساس اقتصاد الماء والنجاعة الطاقية وحماية البيئة والموارد الطبيعية.
هذه الاعتبارات، يضيف الوزير، تقتضي وضع إطار قانوني منسجم مع المنظومة القانونية المغربية المتعلقة على وجه الخصوص باللامركزية وبالاستثمار العمومي، وبتدبير المرافق العمومية وبالنجاعة الطاقية، يسمح بالتأسيس لمنظومة تدبير جديدة، ووضعها رهن إشارة الجماعات ومرتفقيها، تقوم على أساس مقاولات عمومية في شكل شركات جهوية.
مخاوف
من جانبه نبه عادل السباعي، النائب عن الفريق الحركي، إلى إشكالية تعدد الأنظمة الأساسية التي تتكون منها الموارد البشرية العاملة بهذه القطاعات (المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب وشركات التدبير المفوض ووكالات توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل وشركات الجماعات وغيرها)، مشددا على ضرورة الحفاظ على مكتسبات وحقوق هذه الموارد البشرية وتحفيزها.
كما تساءل السباعي عن طريقة تأسيس هذا النوع من الشركات، والإجراءات والكيفية التي سيتم بها تفويت الأصول الحالية لصالحها، وكيف ستتم مساهمة القطاع الخاص فيها؛ علما أن الاستثمار في هذه القطاعات يتطلب إمكانيات مادية كبيرة.
وسجل النائب ذاته أن هذا المشروع يهدف إلى إنهاء استحواذ الشركات الأجنبية على التدبير المفوض من أجل تجاوز النقائص والاختلالات التي رافقت التجربة الحالية، التي لم تعط كامل النتائج المرجوة منها، مشيرا في السياق نفسه إلى المقاربة الحالية التي جاء بها هذا المشروع من أجل اعتماد إطار قانوني ينسجم مع المنظومة القانونية المتعلقة باللامركزية وبالاستثمار العمومي وتدبير المرافق العمومية والنجاعة الطاقية، ويسمح بالتأسيس لمنظومة تدبير جديدة، ووضعها رهن إشارة الجماعات الترابية ومرتفقيها، تقوم على أساس مقاولات عمومية في شكل شركات جهوية.
بحث عن ضمانات
رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، تساءل بدوره عن الضمانات التي يوفرها النص القانوني لكي لا تتحول هذه الخدمات العمومية والأساسية إلى بضاعة تجارية محضة.
ونبه الحموني إلى أن النص لا يشير إلى أن الأمر يتعلق بشركة أو مقاولة عمومية، رغم أن المادة الرابعة كما هي الآن تعطي الحق لهذه الشركات في الاستفادة من امتيازات السلطة العامة، ومن الحقوق المخولة للهيئات العمومية، من قبيل الحق في نزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت والحق في الارتفاق.
وأوضح النائب ذاته في هذا السياق أنه “إذا كانت الشركة خصوصية من حيث أغلبية رأس مالها ونعطيها حق وامتياز نزع الملكية للمنفعة العامة بشكل مباشر فالأمر خطير، وقد يشكل سابقة مؤسساتية وتشريعية ويتناقض مع مفهوم امتيازات السلطة العامة الذي لا يمكن منحه إلا للدولة وباقي أشخاص القانون العام”.
كما أبرز الحموني أنه “لا يوجد تحديد دقيق للمهام الرئيسية التي لا يمكن للشركة أن تعهد بها إلى الخواص بموجب عقود، وهو ما يمكن أن يؤدي مستقبلا إلى تأويلات متباينة للأطراف المتعاقدة”.
وأفاد المتحدث ذاته بأن “مشروع القانون الحالي إعلان رسمي ونهائي عن عجز المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، ووكالات التوزيع”، متسائلا: “هل من دراسات تبين مكامن العجز حتى لا تتكرر المشاكل نفسها مع الوضعية الجديدة”، ومضيفا أنه “مع الاحتفاظ بالمكتب الوطني كما يشير تقديم مشروع القانون سيكون من الضروري توضيح أدواره المستقبلية والجهة التي ستتحمل مديونيته والعجز الكبير والبنيوي في موازنته المالية، ومآل آلاف الجمعيات التي تدبر الماء في العالم القروي”.